انيسة الشريف مكي
من الحكمة احتواء الشباب بتشغيل طاقاتهم وقدراتهم في النافع من الأمور، فإن عدم تشغيلها التشغيل الحكيم تتحول لمصادر مقلقة وإزعاج.
استثمار وقت الفراغ بالنسبة للشباب خاصة الصغار حماية لهم ولأسرهم ولأوطانهم من الانحراف والتطرف، فكل المشاكل التي تظهر على السطح في المجتمع سببها الفراغ.
الحذر كل الحذر من فراغ صغار السن من الشباب فهذه المرحلة من عمر الإنسان تختلف عن بقية المراحل العمرية، مرحلة طيش ورعونة وعدم نضج، مرحلة انتقال من عالم الطفولة إلى عالم الكبار ومحاولة التعبير عن الذات بأساليب تختلف حدتها وخطورتها وتتعدد اتجاهاتها الفكرية غير الناضجة ومع حالة عدم الاستقرار النفسي والعاطفي ونزوع الشباب نحو حب الاستقلالية والحرية بالإضافة لاصطدامهم بالقيود المفروضة عليهم من قبل بعض الأسر «سلبية التربية والتنشئة ولعنف هذه المرحلة وهبوب رياحها ينعدم التوازن النفسي والعاطفي لديهم فيندفعون وبكل قوة للقيام بأشكال متعددة من التمرد.( تمرد للتمرد فقط لا لشيء آخر !!).
الصراعات النفسية التي تنتاب الشاب في هذه المرحلة بالإضافة إلى ضعف الوازع الديني الذي كان من المفترض تقويته من قبل الأسرة صمام أمان ضرورة فالتوعية الدينية لها الأثر الفاعل في تدعيم الأمن العاطفي والنفسي والاجتماعي لدى الشاب وأثرها كبير في محاربة الظواهر الانحرافية وعلاجها، كونها تخاطب الضمير الإنساني مركز الثقل في التوازن وتربية النفس على الصلاح وحب الخير
المرجو من الأهل أيضاً وكل المؤسسات التربوية والاجتماعية العمل على ترسيخ القيم والأخلاق لدى الشباب صغارهم وكبارهم لتنشئتهم النشأة السليمة لحل مشكلاتهم بأنفسهم ورفع معنوياتهم ليشعروا بقيمتهم العالية ويقدروا ذاتهم ويعبروا عن هذه الذات بثقة مرتفعة وضبطها وتحقيقها وتنميتها فينمو الطموح والإبداع والانجاز المتميز لديهم ويشعرون بالرضا عن أنفسهم فيتحدون الصعوبات ويسعون للهدف دون التأثر بأفكار سلبية وبمؤثرات خارجية تجعلهم إمَّعات ينساقون مسلوبي الإرادة كفراشة النور التي لا تعرف مصيرها، فيقعون لقمة سائغة في أفواه تبتلعهم ثم تعيد تشكيلهم حسب ما تريد.
الفراغ والإهمال الأسري عملتان لوجه واحد. كلاهما يدفع للجريمة حيث إن الجريمة تنشط عندما لا يجد الشباب اهتماماً وعندما لا يجدون شيئاً له أهمية يقومون به أو هدفاً يسعون اليه.
الفراغ كالعاصفة فعندما يعصف بالشباب لا يتحكمون في أنفسهم خاصة الصغار الذين لا يمتلكون الإرادة أو التفكير في استثماره وتوظيفه فيما يفيدهم، فإنّهم بذلك يتحولون إلى نقمة على الفرد والمجتمع معاً وقنابل موقوتة لا تلبث أن تنفجر واليوم أصبحوا أحزمة ناسفة تقتل نفسها والمئات بدون ذنب.
أما غيرهم من الشباب محبي الفراغ المريح، فالفراغ فرصتهم الذهبية للسهر مع وسائل الاتصال الحديثة ومشاهدة التلفاز والنوم طوال النهار والكسل أو التسكع في الطرقات والشوارع والأسواق ومعاكسة الفتيات وإضاعة الوقت في غير المفيد.
هدر الوقت معول هدم ودمار ودخول في عالم التطرف والانحراف من أوسع الأبواب.
أكرر : المشكلة تكمن في تربية بعض الأسر القاصرة وعدم اهتمامها بتوجيه أفكار الأبناء والبنات توجيهاً صحيحاً ومراقبة تحركاتهم وسلوكياتهم. والمشكلة الأكبر، عدم التخطيط المسبق لهذه الفترة، فترة الفراغ الطويل وتقدير قيمة الوقت فيه واختيار الأفضل لاشغالهم به.
الفراغ الفكري من أخطر ما يهدد الشباب حيث يكونون عرضة للتغذية السلوكية والفكرية المنحرفة.
إذن: لابد من ملء الفراغ بالأنشطة للشباب فهم ثروتنا الطاقة المتوقدة والحيوية والعطاء غير المحدود.
لا بد وأن نكون منصفين معهم فنهيئ لهم البرامج المفيدة التي لا تخلو من الترفيه الممزوج بالمتعة والفائدة والتي تعطيهم شعوراً ذاتياً عالياً بالتعبير الذاتي وضبط الذات وتعطي خبرات وفرصاً للتعليم والإبداع والإنجاز والتحدي والرضا مع الآخرين ومع أنفسهم.
التخطيط لهذه البرامج الصيفية أتمنى أن تكون مؤهلة لبناء الأطفال والمراهقين والشباب القادر على خدمة نفسه ومجتمعه ووطنه من خلال نشاطات اجتماعية ثقافية صحية فنية هادفة ..الخ، والتركيز على القيم، والتميّز في خدمة الدين والوطن على أن تكون معدة من قبل خبراء ومختصين جزاهم الله خير الجزاء.
حمى الله شبابنا من كل سوء. إجازة سعيدة بإذن الله للجميع.