غزة-هدى الدلو
أساليب التربية لدى الآباء قد تختلف في التعامل مع الأجيال المختلفة من الأبناء، حيث كانت تتسم في القدم بالتشدد والحزم، ومع مرور الزمن والتطور التكنولوجي والمفاهيم الحياتية، لم يعد هذا التشدد سيد المشهد في عملية تربية الأبناء وخاصة صغار السن، فيا ترى ما السبب وراء اختلاف أساليب التربية للأبناء؟.
شادية حامد (28 عامًا) تقول: "على زمان وأيام ما كنت طفلة صغيرة في مرحلة الابتدائية، كانت هناك قائمة ممنوعات لدى والدي يجب عليّ ألا أتخطاها، لكن الآن أرى أن هناك تساهلا كبيرا مع أختي الصغيرة، فلا أعرف ما السبب في ذلك".
وأضافت لـ"فلسطين": "عندما كنت أقرر الذهاب لزيارة صديقتي في بيتها، لم أكن أستطيع أن أتحدث لأبي بذلك فورًا، بل كنتُ آخذ رأي أمي لكي تمهد لأبي عن نيتي لهذه الزيارة، ومن ثم أعرض الموضوع على والدي، ليبدأ تحقيقه عن سبب الزيارة، وعنوان سكنها، واسمها واسم والدها، ومدة الزيارة، ومع من سأذهب، ومتى سأعود، وبعدها يترك القرار ليوم ما أريد الذهاب ليقرر".
وأوضحت حامد أنها أحيانا ما تعقد مقارنة بين معاملة أبيها لها وحزمه في بعض الأمور، وبين تعامله مع أخواتها الآن لترى الكثير من أوجه الاختلافات، مشيرةً إلى أن ذلك ليس من شأنه التفريق بينها وبين أخواتها، ولكن

ترجعه لطبيعة الزمن، والمدخلات الجديدة على الواقع.
وأيدها الرأي حسام عبد الرحمن (30 عامًا) حيث يقول: "إن نهج الآباء يختلف بين أبنائهم الكبار عن الصغار"، قائلاً: "لا أعرف ما هو سبب الخوف لديهم، فكان أبي بعد صلاة العشاء بساعة واحدة إذا تأخرنا عن البيت نلقى ما لا يحمد عقباه، فلا تغمض له عين إلا عندما أعود إلى البيت، فكانت من ضمن قوانينه ممنوع السهر خارج البيت بعد الساعة التاسعة".
وأضاف: "في حين الآن أخي الذي لم يتجاوز عمره 19 عامًا ينام والدي قبل عودته إلى البيت، ويذهب للدراسة مع أصدقائه رغم أن ذلك كان محرماً عليّ عندما كنت صغيراً، هذا عدا عن امتلاك أخي الصغير للجوال من الصف العاشر".
تغير الظروف
بدورها، أوضحت الاختصاصية النفسية رائدة وشاح أن سبب مرونة ولين الآباء في تعاملهم مع أبنائهم الصغار، في حين أنه كان هناك تشدد في معاملة أبنائهم الكبار عندما كانوا صغاراً هو تغير الظروف، والمدخلات التي اقتحمت الحياة الاجتماعية، كوسائل التواصل الاجتماعي، والجوال فأصبح الوالد يتصل على ابنه ليعلم أين هو، ويحدد مكانه، حيث كان يرغمه على البقاء في المنزل بسبب غياب هذه الوسائل.
وأشارت وشاح لـ"فلسطين" إلى أن هذا التغيير في التعامل يرجع أيضًا لوعي وإدراك الأبناء، والآباء أصبحوا على اطلاع أكثر من قبل، بالإضافة إلى خوف الآباء في السابق فيستخدمون القسوة في معاملتهم مع أبنائهم، وقدرة الوالدين على الفصل بين الماضي والحاضر، بسبب ارتفاع مستواهم العلمي والثقافي.
وقالت: "بعد حرمان الأهل لأبنائهم من التمتع في بعض الأمور، يخلق لهم شعور بالملل وضرورة اللين بعض الشيء، الأمر الذي يحظى به الأبناء الصغار بعد أن يكون الكبار قد فاتهم الأوان".
وأضافت وشاح: "كما أن العلاقات الاجتماعية أصبحت أوسع، فيمكن للأم أن تشارك ابنتها لزيارة صديقتها وتتعرف على والدتها، وتلاشي مخاوف الآباء الذين تزداد انشغالاتهم في السعي لتلبية احتياجات البيت والأبناء، بالإضافة إلى أنه في الوقت الحالي بعض الآباء أصبح ليس لديهم قدرة على ضبط الأبناء".
وبينت وشاح أن اللين والمرونة في التعامل مع الأبناء أسلوب يصب في صالح الطرف الأخير، "وهذا لا يعني أن يكون هناك تسيب مما قد يجر الأبناء إلى مآلات أخرى تخرجهم عن سيطرة الآباء".
ونوهت إلى أن ملاحظة الأبناء الكبار لاختلاف أسلوب التعامل مع إخوتهم من قبل الآباء، قد تشعرهم بالغيرة، وأنهم لم يعيشوا حياتهم كباقي إخوتهم حاليًا، وهنا يكون الأجدر بالآباء أن يوضحوا التغيير الذي أحدثته وسائل التواصل من جوالات، ومواقع تواصل اجتماعي، ولكن بعض الأبناء يكونون على دراية بالمتغيرات التي طرأت على الساحة وأثرت على الحياة الاجتماعية.
ولفت وشاح إلى أنه في الوقت الحالي يحظى الطفل بعمر (14 عاماً) فما فوق، بنوع من الاستقلالية، ولكن بالرغم مما سبق إلا أنه يجب على الآباء أن يكونوا على دراية تامة بكل ما يحدث مع أبنائهم، ولتصرفاتهم وتحركاتهم.

JoomShaper