د. لطيفة شاهين النعيمي
التعامل مع الابن المُراهق، من أصعب التحديات التي تواجه الآباء والأمهات في رحلة نمو الأبناء، حينما يصل ابنك أو ابنتك إلى سن يشعرون فيه بأنهم يريدون أن يصل صوتهم للعالم أجمع، يُصاحب ذلك تغير سلوكي طفيف، يصبح العقاب هنا ليس حلاً على الإطلاق، خاصة إذا تعرفوا على هذه المعلومات المهمة..!
قرأت في الصحف الأسبوع الماضي، أن هناك محاضرة من سلسلة المحاضرات المتخصصة، التي ينظمها قسم التعليم الطبي المستمر في وايل كورنيل للطب- قطر، ناقشت دور الجزء الجبهي
للدماغ في ميل المراهقين للمجازفة، حيث شرح المحاضر الدكتور عمر مندوزا محمود، أستاذ علم النفس المساعد في الطب النفسي الإكلينيكي في وايل كورنيل للطب- قطر، كيف أن الإنسان ينفرد عن بقية المخلوقات ببنية وحجم دماغه، قائلاً: «لعلّ من أهم السمات المميزة للفسيولوجيا البشرية ذلك التجويف الكبير فوق الحاجبين الذي يضمّ الجزء الكبير من قشرة الدماغ والمعروف بالجزء الجبهي، وليس من كائن آخر له مثل هذه المساحة الكبيرة المخصصة».
وأوضح أن الأجزاء الجبهية في أدمغة المراهقين تكون غير مكتملة بعدُ، ما جعل الباحثين يعقدون مقارنة بين سلوك فينس غيج ونزعة المراهقين للسلوكيات الاندفاعية المحفوفة بالمخاطر، دون التفكير في عواقبها أو تبعاتها، وأضاف: «قد يتساءل البعض: لماذا تنتشر السلوكيات الاندفاعية المحفوفة بالمخاطر في أواخر سن المراهقة وأوائل سن العشرينات؟ أدمغة هذه الفئة العمرية في حالة تطور مستمر، وفي السياقات الثقافية للعالم المتقدّم في العصر الحديث قد تستمر هذه العملية فترة طويلة، تقريباً من سن 18 إلى 28 عاماً، وتُعرف هذه الفترة باسم مرحلة البلوغ الناشئة».
وتشير المراهقة في علم النفس إلى اقتراب الفرد من مرحلة النضوج الجسدي والعقلي والاجتماعي والنفسي، وبالتالي لا تعتبر مرحلة نضوج تام، بل هي مجرد مرحلة تؤدي تبعاتها وأحداثها إلى النضوج، كما أن المراهقة تختلف من فرد إلى آخر، ومن بيئة جغرافية إلى أخرى، ومن سلالة إلى أخرى، كذلك تختلف باختلاف الأنماط الحضارية التي يتربى في وسطها المراهق، فهي في المجتمع البدائي تختلف عنها في المجتمع المتحضر، وكذلك تختلف في مجتمع المدينة عنها في المجتمع الريفي، كما تختلف من المجتمع المحافظ الذي يهتم بالتعاليم الدينية، والمجتمع المتحرر الذي يتيح للمراهق فرص العمل والنشاط، وفرص إشباع الحاجات والدوافع المختلفة، كذلك فإن مرحلة المراهقة ليست مستقلة بذاتها استقلالاً تاماً، وإنما هي تتأثر بما مرّ به الطفل من خبرات في المراحل العمرية السابقة.
وفي تقديري أن مرحلة المراهقة بخصائصها ومعطياتها هي أخطر منعطف يمر به الشباب، وأكبر منزلق يمكن أن تزل فيه قدمه، فمن أبرز المخاطر التي يعيشها المراهقون في تلك المرحلة فقدان الهوية والانتماء، وافتقاد الهدف الذي يسعون إليه، وتناقض القيم التي يعيشونها، فضلاً عن مشكلة الفراغ وغيرها.
وأكدت الدراسات العلمية أن أكثر من 80% من مشكلات المراهقين في عالمنا العربي نتيجة مباشرة لمحاولة أولياء الأمور تسيير أولادهم بموجب آرائهم وعاداتهم وتقاليد مجتمعاتهم، ومن ثم يحجم الأبناء، عن الحوار مع أهلهم؛ لأنهم يعتقدون أن الآباء إما أنهم لا يهمهم أن يعرفوا مشكلاتهم، أو أنهم لا يستطيعون فهمها أو حلها.;