عـارف السـعدون
(العبقرية 1% ذكاء و99% جهد)
هذه ليست عبارة أحد الخاملين أو محدودي الذكاء يعزي بها نفسه، إنها مقولة أديسون الرجل الذي اخترع لنا المصباح ليضيء لنا الطريق ويكشف لنا عن حقيقة التميز والنبوغ.. إنه الجهد والأخذ بالأسباب!!
نعم.. إن الله سبحانه وتعالى ربط النتائج بأسبابها، وهذا مستفيض في القرآن والسنة، فعلى سبيل المثال يقول تعالى لمريم وهي في حالة وضع وضعف ووهن:(وهزي إليكِ بجذع النخلة تساقط عليكِ رطبا جنيا فكلي واشربي وقري عينا) قد كان الله سبحانه وتعالى ولازال قادرا على أن يجري بجوارها الأنهار، ويدني لها الثمار، لكن الله الحكيم لم يفعل لتتعلم المرأة المؤمنة أنها وهي في قمة الألم لابد لها من السعي والأخذ بالأسباب.
لذا فتغيير أنفسنا، ومن ثم الواقع حولنا مرتبط ببذل الجهد والسعي الدؤوب كما يقول الله تعالى }وأن ليس للإنسان إلا ما سعى{.
إننا إذا أردنا لأنفسنا مستقبلاً مشرقاً؛  فعلينا أن نراجع أفكارنا، وأن نحسن القرارات التي نتخذها اليوم، وأن نجعل حركتنا اليومية في الاتجاه الصحيح، وأن نحسن من واقعنا وأن نفجر الطاقة الكامنة بداخلنا.
إن حياة الإنسان ما هي إلا نتاج أفكاره، فمن أراد أن يغير حياته؛ فعليه أن يغير أفكاره ابتداءً يقول الله تعالى ((إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم))  نعم.. يمكننا ببساطة تغيير اتجاه حياتنا، عن طريق إعادة تشكيل قيمنا كي تعكس بصورة أفضل منتهى آمالنا في الحياة. كذلك يمكن لكل إنسان أن يتحكم في حياته، ويقرر مصيره بإذن الله عن طريق بعث همته وتنمية أفكاره، وتكوين اتجاهاته، وتأكيد مبدأ أو منهج له في حياته، وهذا يعد أمراً في غاية الأهمية، وعن طريق هذا المبدأ وتأثيره على الأقوال والأفعال والسلوك والتصرفات يمكن تحقيق أي شيء يريده الإنسان في الحياة.
إن بداية التغيير الحقيقي ألا نرضى بالقليل لا لأنفسنا ولا لأمتنا، فأمتنا في حاجة كذلك إلى استعادة دورها الإرشادي، وإلى استعادة مكانتها بين الأمم، و في حاجة أمسّ إلى جيل جديد متشبع بآداب الإسلام وأخلاقه، ومفعم بروح الأمل والتغيير، وقادر على العطاء، وصابر على طول الطريق وليس لطموحاته حدود.
انظروا معي إلى هذين المثالين الرائعين:
عمر بن الخطاب رضي الله عنه تبرز له امرأة مسلمة عجوز على قارعة الطريق وتقول له: "يا عمر عهدتك وأنت تسمى عميراً بسوق عكاظ تذعر الصبيان بعصاك فلم تذهب الأيام حتى سميت عمر، ولم تذهب الأيام بعد ذلك حتى سميت أمير المؤمنين: فاتق الله في الرعية، واعلم أنه من خاف الوعيد قرب عليه البعيد"..
لقد كان من الممكن أن يبقى عمر ويعيش ويموت وهو يذعر الصبيان بعصاه في سوق عكاظ، لولا أن تغيرت أفكاره وتفجرت بداخله ينابيع الخير والإرادة والتغيير والتي فجرها النور الذي داخله حتى قاد أعظم دولة في زمانه، ليس دولة قوية فقط إنما دولة أمان وحب وخير واستقرار، عم نورها أرجاء الكون ليعم الاستقرار جميع الأرض بعدل وإيمان، دولة أسقطت أعتى دولتين في ذلك الزمان، وأخرجت الناس من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد، ومن ضيق الدنيا إلى سعة الدنيا والآخرة.
انظروا كذلك إلى بلال بن رباح الحبشي رضي الله عنه، ذلك العبد الأسود الذي كان من الممكن أن يعيش ويموت عبداً لبني جمح، لولا أن تغيرت أفكاره كذلك، وتفجرت ينابيع الخير والإيمان في قلبه؛ فامتشق سيف الإرادة ليصبح أعظم مؤذن لأعظم رسول في هذه الدنيا حتى شَهِد له الرسول صلى الله عليه وسلم وبشره بقوله: (إني لأسمع قرع نعليك في الجنة) أما في الدنيا فقد عاش موقراً جليلاً حتى ليُخشى من غضبه حين أخطأ في حقه السيد الشريف أبو ذر رضي الله عنه فوضع له رأسه على الأرض وقال: "ضع قدمك على رقبتي يا بلال".
إذن البداية أيها الأعزاء في إخلاص النية، وتحرير الفكرة التي نعيش لها، والسعي الدؤوب في تحقيقها وتنمية الذات وحفز الطاقات والقدرات، وبالنية الصالحة تصبح الأعمال الصغيرة كبيرة، وبالنية السيئة تحقر أعظم الأعمال.
إن للتغيير خطوات وطرقا، يستطيع أن ينتهجها الإنسان ويسير عليها، ولسوف أكتب لكم عنها  قريبا بمشيئة الله.

 

لها أون لاين

JoomShaper