زهراء أحمد

نشرت جامعة كاليفورنيا، في نهاية يناير/كانون الثاني 2024، نتائج دراسة جديدة توصلت إلى حيل تضمن للأم أن يلبي الابن المراهق أوامرها، حتى وإن لم يكن يرغب في تنفيذها.

وتنبع أهمية الدراسة كونها الأولى من نوعها، إذ شملت مراهقين وأهالي متعددي الأعراق ينحدرون من طبقات اجتماعية مختلفة، وينتمون إلى فئات عمرية عريضة من المراهقين والشباب حتى سن 25 عاما، ما يجعل نتائجها قابلة للتعميم.

عمل الباحثون على التوصل إلى أكثر وسائل الوالدين فعالية في تمرير النصائح والدعم عندما لا يطلبه المراهق، إلى جانب دفعه للامتثال للسلوكيات الحسنة حتى، وإن لم يكن مقتنعا بها.

ماذا لو حاول ابنك المراهق التلاعب بعقلك؟

فيما يلي، نستعرض 3 حيل يمكن للوالدين استخدامها لإقناع المراهق بتلبية أوامرهما -حسب الدراسة التي شارك فيها 194 مراهقا وشابا-:

    1- ادعميه عاطفيا

يكمن الهدف من الدعم العاطفي في إشعار المراهق بأن والديه يدركان الظروف التي يمر بها، ما يورثه ثقة أكبر في حكمهما على الأمور.

باحثو جامعة كاليفورنيا، أوضحوا أن المراهق لا يستفيد من الدعم العاطفي لدى تلقيه فحسب، بل يساعده في تعلم كيفية إدارة عواطفه بطريقة فعالة في أوقات الأزمات مستقبلا.

وشرح تقرير لمنظمة "يونيسف" كيفية دعم المراهقين عاطفيا، مشيرا إلى أنه لا يتحقق بالإسراع إلى نصيحته، أو مساعدته بالأفعال، أو إغراقه بالأسئلة، بل عليكِ إظهار التعاطف أولا، بقول "يؤسفني أنك تمر بهذا الظرف"، أو "أزعجك ذلك طبعا، ومن حقك أن تنزعج"، أو "لا بأس، رد فعلك طبيعي".

ينصح التقرير -أيضا- بمنح الفرصة للمراهق بأن يتحدث أولا، والإنصات لما يقول، ثم القول "الآن فهمت مشاعرك، وأتساءل عما إن كنت خائفا أو محبطا".

كذلك حاولي ألا تتولي مسؤولية إصلاح الوضع، بل ناقشي معه ما ينبغي له فعله، لإصلاح خطئه، أو لتحسين حالته النفسية، وينبغي لكِ إظهار صدقك في استيعاب مشاعره، وعدم وصفه بالمبالغة أو الحساسية.

أما موقع "سيكولوجي توداي"، فشدد بدوره على ضرورة إظهار الاحترام لرأي المراهق -حتى وإن كان يدعو إلى القلق-، وتجنب إصدار الأحكام، والتحكم في تعبيرات الوجه ونبرة الصوت، ثم سؤاله حول كيفية وصوله إلى قناعاته أو قراراته، قبل محاولة شرح وجهة نظر أخرى له.  

 2- احترمي شخصيته واستقلاليته

أكد باحثو جامعة كاليفورنيا إخفاق محاولات دعم المراهق عاطفيا، ما لم يدعم والداه استقلاليته، ويحترما شخصيته، وإلا سيفسر استماعهما له على أنه مجرد مساحة للتنفيس، ولن يلجأ لهما إذا تعرض لموقف صعب.

يقع ذلك حينما يجهل الأهل متى وكيف يقدمون المساعدة، ويتدخلون -عن غير قصد- بطرق لا تروق للمراهق، ما قد يؤدي إلى الإضرار بالعلاقة بين الابن والوالدين.

أما الأهل الذين يميلون لدعم استقلالية أبنائهم، فلا يقعون في هذا الفخ، يوضح تقرير جامعة "كوينز لاند" وسائل دعم شخصية المراهق، من خلال:

    تشجيعه على المشاركة في مهام جماعية، داخل البيت وخارجه.

    السؤال عن رأيه في المناقشات المنزلية.

    احترام رأيه وإن لم يكن مناسبا.

    الحديث معه حول الموضوعات التي تحظى باهتمامه وشغفه.

    تشجيعه على الانخراط في نشاطات خارج البيت بعيدا عن الأسرة.

    مساعدته على اكتشاف هواياته ووسائل الاستمتاع بوقته.

ونبه تقرير "المراكز الأميركية للسيطرة على الأمراض والوقاية منها"، إلى أهمية مشاركة المراهق بعض اهتماماته بانتظام، واستغلال ذلك الوقت لتوجيهه، ومناقشة الحدود وليس العقوبات، والحديث عن السلوكيات الحميدة، وما تتوقعينه منه؛ مثل: الاتفاق على موعد عودته إلى البيت، وعدد الساعات التي يقضيها مستخدما الإنترنت.

كم عناقا تحتاجه ابنتك المراهقة كل يوم؟ ولماذا؟

    3- لا تبنِ جدارا بينكما

اتبع المراهقون المشاركون في دراسة جامعة كاليفورنيا تعليمات والديهم، عندما شعروا بالقبول؛ فقال بعضهم "شجعني والديّ على أن أكون على طبيعتي"، و"طلب مني والديّ اتخاذ قرار بناء على اهتماماتي، بغض الطرف عن تفضيلاتهما"، و"شرح لي والديّ سبب رغبتهما في اتباعي ذلك السلوك، وكيف يصب في مصلحتي".

كما استعرضت الدراسة عبارات دفعت المراهقين إلى رفض الامتثال لأوامر الوالدين؛ مثل: "افعل ذلك لأنني آمرك به"، و"لا تناقشني"، و"الأمر ليس كبيرا كما تدعي".

وأضاف الباحثون أنه إذا شعر المراهق بأن والديه لا يفهمانه، فلن يتبع نصائحهما؛ لأنه يعتقد أن تلك النصائح لا تنطبق على موقفه، كما أن حرص الوالدين على امتثال ابنهما لأوامرهما -حتى ولو قهرا-، يضعف قدرته على حل المشكلات واتخاذ القرار الصائب عند غيابهما.

وأكد الباحثون أن الأهم ليس ما تطلبين من ابنكِ، بل الطريقة التي تتعاملين بها معه؛ فكلما حافظتِ على صبركِ ودفء علاقتكما، مع احترام استقلالية أفكاره ومشاعره، زادت ثقته بكِ بمرور الوقت، وسألكِ عن آرائك، ونال توقعاتكِ دون مناقشة؛ لأنه وثِق في أنه لا غرض من الأوامر إلا مصلحته.

JoomShaper