لاريسا معصراني
أظهرت دراسات حديثة أن 75% من المراهقين يكذبون بمعدل 3 مرات في اليوم، بينما وجد باحثون أن عدم الصدق يبلغ ذروته في المرحلة العمرية ما بين 13-15 عامًا.
وبحسب تقرير نشره موقع "نيوبورت أكاديمي" فإن المشكلة الحقيقة خلال هذه المرحلة تكمن في عدم قدرة الآباء والأمهات على التعامل مع لجوء أبنائهم للكذب، مشيراً في الوقت نفسه إلى أن المراهق قد يتجنب قول الحقيقة في تلك السن نتيجة للتغييرات الجسدية والنفسية التي يعيشها في المرحلة العمرية الصعبة.
من جانبها، قالت عالمة النفس الأميركية وخبيرة شؤون المراهقين ورئيسة تحرير مجلة "ذا جورنال أوف أدوليسينس" نانسي دارلينغ، إن قرابة 96% من المراهقين يكذبون على والديهم.
في دراسة أخرى، اعترف 82% من طلاب المدارس الثانوية والجامعات بالكذب على والديهم. ورغم صعوبة تعميم تجربة المراهقين الغربيين على باقي دول العالم -بالنظر إلى الخصوصية التي تميّز كل مجتمع عن غيره- يبدو أن ظاهرة الكذب في سن المراهقة أكثر شيوعًا مما يعتقده الكثيرون.
في المقابل، أشارت دراسة أخرى إلى أن 33% من الأمهات اللواتي يعتقدن أن أولادهن المراهقين يكذبون، في الوقت الذي تبيّن فيه صدق المراهقين، مما يؤشر إلى وجود فجوة وانعدام للثقة بين بعض الأمهات وأولادهن.
وتلفت دارلينغ إلى أن الآباء لا يجيدون دائمًا التعرف على كذب أبنائهم المراهقين، وحتى عندما يكتشفون كذبة، فإنهم يفتقرون للإستراتيجيات الفعالة للتعامل مع المراهق الكاذب. وبالتالي قد يردون بغضب أو عقاب، ليدفعوا أطفالهم بعيدًا دون أن يشعروا.
استراتيجيات التعامل مع المراهق الكذاب
لماذا يكذب المراهق؟
من المهم فهم أسباب لجوء المراهق للكذب قبل معرفة طرق علاجه حتى يتم التعامل مع الحالة بشكل فعال، بحسب الأخصائية النفسية داريا زعني.
وتقول زعني للجزيرة نت إن "بعض المراهقين يكذبون فيما يتعلق بدراستهم لعدم رغبتهم بالذهاب إلى المدرسة، أو إنجاز الواجبات المدرسية. ومن هنا فتكرار الكذب يحتاج إلى الوقوف على أسباب أخرى مبهمة تدفع المراهق للكذب، فربما يعاني من صعوبة في التعلم، وهذا يتطلب تدخلًا سريعًا. كما يمكن أن يكون الكذب إشارة إلى مشكلات اجتماعية يواجهها في المدرسة".
وتستعرض الأخصائية النفسية أبرز الأسباب المحتملة لكذب المراهقين:
الخوف والهروب من العقوبة: قد يكذب المراهق لتجنب العواقب السلبية لفعله مثل العقوبة أو التعرض للتقريع من الوالدين.
التحدي والمغامرة: بعض المراهقين يكذبون فقط للإثارة وتجربة مغامرة جديدة، وهذه السلوكيات تنطوي على إحساس بالمخاطرة والتحدي.
قلة الثقة: قد يكذب المراهقون لتغطية على نقاط ضعفهم، أو للشعور بالقبول والتقدير من قبل الآخرين.
كسر القيود: بعض المراهقين لديهم رغبة بكسر القواعد التي انصاعوا لها في الطفولة، إضافة للمشاعر المتضاربة والمتخبطة التي يشعرون بها -خلال المراهقة- والتي قد تجعلهم يكذبون دون أسباب واضحة بالنسبة للأهل.
التأثر بالأصدقاء: من أهم أسباب الكذب عند المراهقين التأثر بأصدقائهم والوقوع تحت ضغط الأقران، بسبب اتهامهم بضعف الشخصية في حال لم يقدم المراهق حيلة لوالديه.
الخصوصية والاستقلالية: يعتبر المراهق أن تدخل والديه بكل تفاصيل حياته لا يعد أمراً مقبولاً، لذلك يلجأ إلى الكذب للحفاظ على الخصوصية، وحماية استقلاليته.
الدفاع عن النفس وإخفاء الأخطاء: حماية النفس بإخفاء الأخطاء المرتكبة لإبعاد الشبهات عوامل ودوافع أساسية للكذب عند جميع الناس وخصوصاً المراهقين.
كذب طبيعي أم قهري؟
ولمعالجة كذب المراهقين، لا بد من التمييز بين الكذب الطبيعي والكذب القهري، إذ توجد علامات تحذيرية تساعد الأمهات والآباء "فيجب ملاحظة كم مرة يكذب ابنك؟ -على سبيل المثال- فالمراهق الذي يعاني من الكذب القهري عادة ما يكذب باستمرار وانتظام، ويلجأ للكذب بكل الأمور الصغيرة والكبيرة، إلى جانب شعوره بالتوتر أثناء الحديث" وفق زعني.
كما يحاول المراهق الذي يعاني من الكذب القهري تضليل الآخرين من خلال الكلام، فيميل إلى جذب الانتباه وإخفاء إخفاقاته، وعدم القدرة على مواصلة الحديث في ذات السياق، إذ إن كثرة الأكاذيب تضيع التفاصيل.
وفي حال ملاحظة ظهور هذه الأعراض، يجب عرض المراهق على أخصائي نفسي لتقييم حالته وتحديد الإجراء المناسب.
استراتيجيات التعامل مع المراهق الكذاب
إستراتيجيات تساعد الآباء
ويعرض موقع "إيفولف تريتمينت" بعض الإستراتيجيات التي تساعد الآباء على التعامل مع ابنهم المراهق، ومن أهمها:
احترام الرأي والبقاء على تواصل: يلجأ المراهق إلى الكذب عندما لا ينصت والداه إليه، ولا يحترمان رأيه، لذلك احترام آراء المراهق وتوطيد العلاقة معه يشعره بالارتياح.
التعامل بصبر وبهدوء: يجب محاولة البقاء هادئًا وعدم الاستعجال بإصدار الحكم، إنما أخبره أنك تقدر صدقه. من المهم المحافظة على الهدوء والتفهّم. قد يكذب المراهق لأسباب مختلفة، كخوفه من العقاب، لذلك تفهم الأسباب المحتملة للكذب وأظهر التعاطف لتزيد من فرص التواصل مع المراهق واستعادة الثقة به.
كن مصدر ثقة لابنك المراهق: لا بأس في أن تكون صريحًا وصادقًا بشأن تجاربك، إذ إن ابنك المراهق يستمع إلى ما تقوله ويراقب ما تفعله، وعلى الأرجح سيتصرف كما تتصرف، فالصدق ضروري إذا كنت تريد أن تكون مصدر ثقة لابنك المراهق.
تجنب الغضب والاستجواب: من الطبيعي أن تغضب عندما تدرك أن ابنك المراهق يكذب عليك، لكن أسلوب التحقيق والاستجواب بطريقة غاضبة ليس فعالا، بل يدفع المراهق للهجوم والعناد والكذب بشكل أكبر. احرص على إيجاد بيئة آمنة وخالية من التهديد حول المراهق، من خلال إظهار التقدير والاحترام وعدم الانتقاد القاسي. إذ يحتاج المراهق للشعور بالأمان للتعبير عن نفسه بصدق ودون خوف من العواقب السلبية.
معرفة سبب الكذب: إذا اكتشفت أن ابنك المراهق الصادق يكذب بشأن أمر معين، فعليك البحث عن أسباب لجوئه للكذب، فإذا بحثت في الأسباب ستعرف ما يحدث معه، وستكون أكثر قدرة على التعامل معه ومساعدته لتجاوز المشكلة.