عدنان بن سلمان الدريويش
يقول أحد الشباب: كنت مع والدي مجتمعين مع أفراد العائلة؛ جدي وأعمامي وأبنائهم، وأثناء تداول الأحاديث، قال أحد أعمامي لوالدي: "سمعت أن فلانًا - وذَكَرني باسمي - يتأخر عن صلاة الفجر"، هنا أصابني إحراج كبير أمام أفراد العائلة، إلا أن والدي حفظه الله ردَّ عليه بقوله: "نعم، لكن هذه ليست طبيعته، فهو شاب بارٌّ بوالديه وكريم الأخلاق، محافظ على الصلاة، لا أذكر أنه أحرجني أمام الآخرين، هو سندي وسند إخوانه وأخواته"، كنت أسمع من والدي هذه العبارات، وأنا أعلم داخليًّا أني مقصِّر فيها، لكن كلماته أفرحت قلبي كثيرًا، وجعلتني أرفع رأسي أمامهم، فقمتُ وقبَّلتُ رأس والدي ويده، وقلت: "هذا من فضل الله عليَّ، ثم من تربيتك الصالحة يا والدي".
إن اتباع الطرق التربوية في التعامل مع المراهقين يساعد على تنمية السلوك الإيجابي لديهم، ويحُدُّ من المشكلات المتعلقة في هذه المرحلة، وتجعل المراهق يعيش موقفًا إيجابيًّا في داخله، ومع نفسه، ومع الآخرين؛ ومن هذه الأساليب:
- عندما تعتمد الأسرة عليه في إدارة شؤون المنزل، بأن تكلِّفه - مثلًا - بقيادة الرحلة البرية للأسرة، أو تجعله المسؤول عن متابعة تخليص الجوازات في المطار، فالمراهق عندما يرى أن والده يعتمد عليه في قيادة بعض شؤون الأسرة التي يستطيع القيام بها، فإن هذا الموقف يكون من أجمل اللحظات التي لا ينساها لوالديه.
- عندما ينجز المراهق شيئًا يتعلق بدراسته، أو في شؤون المنزل، أو في إتقان مهارة، أو الحصول على دورة تدريبية، ثم يجد الإشادة والمدح من والديه خاصة أمام الآخرين، فإنها لحظة لا تُنسى في قلب المراهق.
- عندما يختار المراهق لنفسه شيئًا، كلباس أو سيارة، ثم يقول له والده: إن هذا الاختيار جميل جدًّا ومتميز، وشكلك أنيق عندما تلبسه، ستكون هذه العبارة تولد ذكريات جميلة لا ينساها.
- عندما يتعامل الوالدان مع المراهق على أنه كبير ومسؤول، ويتم استشارته والأخذ برأيه، ثم الإشادة بهذا الرأي أمام الآخرين، فإنها بكل تأكيد تجعل المراهق يعتز بنفسه وبأسرته، وتجعله يعيش لحظة من أجمل اللحظات.
- عندما يخطئ المراهق، فيجد أن والده يعفو ويسامح ويجد العذر له، ثم يجد التوجيه السليم والهادئ دون إسفاف لكرامته، سيشعر حينها أن هذا الموقف من الذكريات الجميلة التي لا تُنسى
أيها الآباء وأيتها الأمهات، قد يتبادر إلى الذهن، لماذا هذه المواقف وغيرها من المواقف الإيجابية تصنع سعادة وذكريات ولحظات جميلة في حياة المراهق؟ والجواب: لأن من حاجات المراهق الأساسية البحث عن تقدير الذات، وأن تكون له شخصية متميزة وإيجابية أمام نفسه والآخرين، وهنا كلما استطاع الوالدان إشباع هذه الحاجة بطرق وأساليب تربوية، استطعنا أن نجعل المراهق يعيش لحظات جميلة لا تُنسى، تُبنى فيه قيم وأخلاق، تجعل من شخصيته شخصيةً إيجابية ومتميزة.
أسأل الله العظيم أن يهدِيَ شباب وفتيات المسلمين، وأن يجعلهم لَبِناتٍ صالحات في المجتمع والوطن، وصلى الله على سيدنا محمد.