عدنان بن سلمان الدريويش
من أبرز التحدِّيات التي تواجه الشباب والفتيات في هذا العصر مشكلة الإدمان بأنواعه؛ إذ إنَّ تأثيرها السلبيَّ عليهم يشمل عدة جوانب؛ كالجانب الصحي والنفسي والاجتماعي والعقلي والسلوكي، ولأن الشباب في هذه الفترة يمرون بعدد من المتغيرات الهرمونية والنمائية والعقلية، جعلهم يمارسون سلوكيات غير صحيحة؛ كالإدمان للمُخَدِّرات أو الإدمان للألعاب الإلكترونية أو إدمان التسوق، ظنًّا منهم أنها وسيلة لبناء الشخصية وإثبات مكانتهم الاجتماعية أو الهروب من المشكلات التي يواجهونها.
وتنقسم دوافع وأسباب الإدمان إلى ثلاثة أنواع:
الأول: أسباب فردية؛ مثل: ضعف الوازع الديني والقيم الأخلاقية، ودافع الفضول والتجربة ورفقاء السوء، ووقت الفراغ والشعور بالملل.
والنوع الثاني: أسباب مجتمعية، منها عدم الوعي بالقوانين والتشريعات، والدور السلبي لنشر المعتقدات غير الصحيحة عن تعاطي تلك المواد.
فيما يختص النوع الثالث: بالأسباب الأسرية؛ مثل: الصراعات الأسرية والتفكك الأسري، وغياب مهارات التواصل والحوار مع الأبناء، والتعامل بقسوة، وعدم الإدراك بالآثار المترتبة على الإدمان.
وهذه الأسباب تتنوَّع حسب شخصيَّات الشباب وظروفهم الاجتماعية والدينية والاقتصادية المُتبايِنة؛ ممّا يجعل تحديد سبب الإدمان الفِعليّ أمرًا صعبًا، وفيما يلي أبرز تلك الأسباب:
أولًا: أصدقاء السوء، الشباب بطبيعتهم يرغبون في التأقلم مع الأصدقاء؛ ولذا إذا كان الأصدقاء يتعاطون المواد المخدِّرة أو يمارسون الإدمان السلوكي بشغف، فسوف يتطلع الشاب إلى مشاركتهم هده التجربة والإحساس بنفس الشعور، قال صلى الله عليه وسلم: ((الرَّجلُ على دِينِ خليلِه، فلْينظُرْ أحدُكم مَن يُخالِلْ))؛ صحيح الترمذي، وقال صلى الله عليه وسلم: ((مَثَلُ الجَلِيسِ الصَّالِحِ والسَّوْءِ، كَحامِلِ المِسْكِ ونافِخِ الكِيرِ، فَحامِلُ المِسْكِ: إمَّا أنْ يُحْذِيَكَ، وإمَّا أنْ تَبْتاعَ منه، وإمَّا أنْ تَجِدَ منه رِيحًا طَيِّبَةً، ونافِخُ الكِيرِ: إمَّا أنْ يُحْرِقَ ثِيابَكَ، وإمَّا أنْ تَجِدَ رِيحًا خَبِيثَةً))؛ رواه البخاري.
ثانيًا: الفضول وحب التجربة، أهمُّ ما يُميِّز مرحلة الشباب الفضول والرغبة في استكشاف وتجربة كلِّ ما هو جديد، والشاب يحتاج إلى سنوات من الخبرة، والتجربة، والمعرفة، ليتمكن من بعدها في اتخاذ القرارات السليمة نوعًا ما، وحتى يتجنب الأخطاء قدر الإمكان، مما يجعل الشباب أكثر عرضة لمحاولة اتباع الأنشطة المحفوفة بالمخاطر.
ثالثًا: كثرة الخلافات الأسرية، الأسرة هي المكان الأوَّل الذي يتفاعل فيه الفرد وتتشكَّل فيه شخصيَّته، ويكتسب منه قِيَمه ومُعتَقَداته، وقد يؤدِّي وجود خلافات دائمة في الأسرة- في بعض الحالات- أو حدوث طلاق بين الزوجين إلى التأثير سلبًا في الصحة النفسيَّة والعاطفيَّة لبعض أفرادها؛ ممَّا يقودهم إلى الإدمان للتغلُّب على الضغوط والهروب من واقعهم، بالإضافة إلى أنَّ ذلك يمكن أن يزيد شعورهم بالعُزلة الاجتماعية ونقص التواصل الصحِّي والدعم العاطفي من الأسرة.
رابعًا: ضعف الوازع الديني، عندما يكون عند الشباب وعي ديني قويّ ورقابة ذاتية تنبعث من الدين، فإنَّهم يميلون إلى الالتزام بتعاليم دينهم، والتحلّي بقِيَمه وأخلاقه، فيكون هذا الوازع الديني مُرشِدًا داخليًّا يُوجِّههم لاتِّخاذ القرارات السليمة، ويُجنِّبهم السلوكيات الضارَّة، مثل تعاطي المُخدِّرات، لكن إذا افتقروا إلى هذا الوازع، فقد يجدون صعوبة في مقاومة التحدِّيات والمُغريات؛ ممَّا يزيد من احتماليّة تعرُّضهم لمخاطر الوقوع في الإدمان.
خامسًا: جذب الانتباه، عندما يفتقد الشباب الاهتمام الكافي ممن حولهم، والتوجيه الصحيح نحو أهدافهم وطموحاتهم، بالإضافة إلى افتقادهم الإدراك الصحيح في استغلال مواهبهم ومهاراتهم، سيؤثر ذلك سلبًا في أنفسهم وعقولهم؛ مما يدفعهم إلى اللجوء إلى سلوكيات سيئة، بهدف إضافة التميز إلى حياتهم، أو بهدف جذب الانتباه لهم وإعطائهم ما يستحقونه من تقدير واهتمام.
سادسًا: الجهل بأضرار الإدمان، بالرغم من حملات التوعية الكثيرة حول مخاطر إدمان المُخدِّرات وغيرها، إلَّا أنَّ الجهل حول تأثير المُخدِّرات على كلٍّ من الصحَّة الجسديَّة والعقليَّة، والحياة الشخصيَّة والاجتماعيَّة ما زالت موجودة؛ فالشاب عندما يفتقر إلى المعرفة الكافية المُتعلِّقة بالمخاطر الحقيقيَّة لتعاطي المُخدّرات، يصبحون أكثر عرضة للاستغلال من قِبَل الجِهات التي تُروِّج لها.
سابعًا: الفراغ، عندما يتمكن الفراغ من شخص ما ولا يجد ما يشغل نفسه ببرامج وأنشطة مفيدة تنفعه وتنفع المجتمع، فإن الشيطان وأصحاب السوء سيجدون طريقًا له للقيام بأفعال تضره وتضر المجتمع؛ كتعاطي المخدِّرات.