الشباب المغربي بين القيم الهدامة والقيم البناءة بقلم محمد السباعي
الحمد لله الذي خلق فسوى، والذي قدر فهدى، خلق الإنسان على الفطرة السوية وكرمه على سائر خلقه،فمنحه الإرادة وأهلية الاختيار، حيث زوده بقابلية التوجه إلى الخير، وبين له سبيله وعاقبته، عن طريقة هداية النبوة وإدراك العقل، وحذره من الشر ونوازعه وما يترتب عليه من سوء العاقبة والخسران المبين.
قال تعالى :" ونفس وما سواها، فألهمها فجورها وتقواها، قد أفلح من زكاها وقد خاب من دساها"، فجعل التزكية الموصلة إلى الفلاح من إرادة الإنسان وفعله، كما جعل التدسية المفضية إلى الخيبة والضلال من فعله أيضا. وبذلك تصبح معركة التزكية والتدسية هي ميدان الفعل التربوي في مسيرة الحياة
والصلاة والسلام على النبي المربي الذي بعثه الله في الأميين رسولا منهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين.
1-سبيل الهدم: تغليب قانون الشهوة وإثارة الغرائز
قال تعالى "ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس ليذيقهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون"( الروم:41)
إن الصراع اليوم هو صراع بين حزمة قيم الإيمان، والتي تعني قيمة العبودية والربانية والوحدانية والألوهية، وبين حزمة قيم الإلحاد، والتي يبقى عنوانها عبودية الشهوة (طلابي). ومن هنا فإن الصراع اليوم بين المسلمين والغرب، هو صراع حول من سينتصر؛ هل حزمة قيم الإيمان أم حزمة قيم الشهوة؟ ولهذا فإن جميع المهرجانات التي تقام في العالم الإسلامي، وجميع الخلاعة التي تحملها القنوات التلفزية والملاهي والمراقص... تدخل ضمن الهدف المركزي للغرب، والذي يرمي إلى إشاعة عبادة الشهوة بدل عبادة الله.
والأمة الإسلامية تعيش إنزالا قويا لتيار العري و الميوعة تحت مسميات عديدة كالحداثة والسياحة والعولمة. والملاحظ أن وتيرة الميوعة تضاعفت منذ أحداث 11 شتنبر 2001 وإعلان بوش رسميا بداية الحرب ضد الإرهاب ، وقد انعكس ذلك على سلوكنا اليومي وبدأت فئات عريضة من شبابنا تتنكر للدين وللقيم الأخلاقية وتعبر عن ذلك كله في سلوك مائع وانحلال أخلاقي: اختلاط بين الجنسين، علاقات غرامية في الشوارع، أغاني تافهة ، كلمات ساقطة تخدش حياء المارة، مخدرات وأشرطة الخلاعة تنتشر في أوساط الشباب، عرس للشواذ، المجاهرة بالإفطار في رمضان، نداء من أجل الحريات العامة يدافع عن الأقليات الجنسية أي اللواط، مثقفون وكتاب يعلنون عن شذوذهم ...
تعريف الميوعة:
المائع لغة هو السائل، ماعَ السمْنُ يَمِيعُ أَي ذابَ. وهو الشيء المنحل ، الغير متماسك، الذي لا يقف على أرضية صلبة . والميوعة في مجال الأخلاق يقصد بها التسيب والتخنث عند الذكور والإناث معا وضدها الاستقامة والرجولة والعفة والحياء والحزم والانضباط لقيم المجتمع. يقال"فكرة مائعة" أي فكرة لا تستند إلى منطق وليس لها أي ضابط ، رافضة لكل قيمة ثابتة. والميوعة في مجال الجنس هي الأجواء المشجعة على الزنا وكذلك ممارسته خارج أي ضوابط أخلاقية أو دينية و ضدا على كل الأعراف الإنسانية. وتتجلى الميوعة عادة في طريقة اللبس والمشي والكلام وغيرها مما نلحظه في صفوف بعض الشباب على الخصوص في الشارع أو على أبواب الإعداديات والثانويات. ويحدث ذلك حينما يضخم قانون الجسد والمتعة على قانون الروح والعقل والمنطق. والملاحظ أن هذه الميوعة أصبحت تنتشر في مجتمعنا بجرعات متزايدة، غزت الشارع والبيت والمؤسسة التعليمية والحدائق العمومية. وأصبحت الوقاحة تطل علينا من كل جانب، بل حتى الفئة المتدينة من شبابنا أصبحت تتساهل في بعض الضوابط الأخلاقية التي كانت دائما تميزها. فالشاب المائع تافه، بليد الحس ،تسهل قيادته وتوجيهه في كل الاتجاهات وهو بتعبير القرآن "أبكم ، لا يقدر على شيء ، وهو كل على مولاه أينما يوجهه لا يأتي بخير" (النحل76)، "أبكم" قد تعني كذلك من لا رأي له، من لا موقف له في ما يجري من أحداث فهو تابع وإمعة، والكل: أي العالة على الآخرين، والمجتمع المائع "كغثاء السيل" هو مجرد سوق لاستهلاك بضائع الأسياد وتسويق منتجاتهم المادية والفكرية. وهذا يتنافى مع مفهوم الأمة القرآني "كنتم خير أمة أخرجت للناس، تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتومنون بالله" (آل عمران11)، أي لكم رسالة في هذه الحياة. ونفس التمييع يتعرض له مفهوم الأسرة بإقحام مقاربة النوع... ويتواصل مسلسل الجرأة على كل الثوابت الوطنية.
والسؤال المطروح هو : هل هذه الميوعة طبيعية ، ناتجة عن تطور طبيعي للمجتمع المسلم والأمر يتعلق بانحرافات نفسية أو أخلاقية معزولة أم أنها فعل مدروس ومخطط له من قبل جهات معينة ؟ أي أن الأمر يتعلق بعميلة تمييع ممنهج . هذا التمييع له مؤسساته التي تنطلق من خلفيات إيديولوجية وفلسفية معينة؟ وله إعلامه المكتوب والمسموع والمرئي الذي يوفر له الأجواء لينمو ويتقوى؟ هذه الجهات والمنظمات لم تعد في حاجة إلى التستر بل كشفت عن نفسها وعن أهدافها من خلال مواقع على الإنترنت أو من خلال منابر إعلامية أخرى تدعي العلمنة والتحديث والكونية وتأهيل مجتمعاتنا إلى الدخول في عصر العولمة.
ذلك ما سنحاول معالجته من خلال التطرق إلى الخلفية الفلسفية التي تكمن وراء الميوعة، ونقصد بذلك الرؤية التي يحملها دعاة الميوعة إلى الكون وإلى موقع الإنسان في هذا الكون والغرض من الحياة عموما. لأن الربح المادي ليس دائما هو الهدف الأول لفضائيات الكليب مثلا ... فالنفقات أكثر من المداخيل على المدى القصير و المدى الطويل .. و مهما بلغ حجم الإعلانات فى المحطة الفضائية فإنه لا يتعدى نصف ما دفع فى الأغانى المعروضة ...إذن الهدف فلسفي إيديولوجي أكثر منه مادي. وبما أن أي سلوك اجتماعي ما هو إلا ترجمة لقناعة فكرية لدا الشخص، فالمطلوب دراسة منطلقات وأسباب السلوك الاجتماعي المراد مناهضته أو محاصرته أو استئصاله إن أمكن وليس فقط الوقوف عند المظاهر الخارجية والتنديد بها وإهدار الجهد والطاقة في ذلك.
- ما هي التيارات المدافعة عن الميوعة؟
كلما حادت الإنسانية عن دين الله تعالى وعن الفطرة السليمة، كلما تاهت بها السبل واستدرجها الشيطان الرجيم إلى متاهات الغي والضلال. قال تعالى في سورة الأعراف: "يا بني آدم قد أنزلنا عليكم لباسا يواري سوآتكم وريشا، ولباس التقوى ذلك خير. يا بني آدم لا يفتننكم الشيطان كما أخرج أبويكم من الجنة ينزع عنهما لباسهما ليريهما سوآتهما، إنه يراكم هو وقبيله من حيث لا ترونهم، إنا جعلنا الشياطين أولياء للذين لا يومنون" 26-27. لكن من له المصلحة في نشر الميوعة والتنظير لها والتطبيع معها ؟
يقول المؤرخون إن نشر الدعارة كان من الوسائل التي لجأ إليها الاستعمار الفرنسي لاختراق منظومة القيم الإسلامية وإضعاف عناصر الصمود والمقاومة في المغرب (في وجدة ، فاس، مكناس، موكادور)
و من المفارقة العجيبة أن من يهدمون الإنسان يسمون أنفسهم بنائين، أقصد البنائين الأحرار :الماسون. فعلى المستوى العالمي لا يخفى على أحد أن اليهود هم أباطرة تجارة الرقيق الأبيض (أي البغاء) ووسطاء الدعارة في العالم (صورة اليهودي في الأدب الغربي)، لأن التلمود لا يحرم الزنا إلا بين اليهود.كما تحرم الديانة اليهودية الزواج على المطلقة أو الأرملة إلا بعد إجراءات عسيرة. وقد كانت روسيا في نهاية القرن 19 أكبر مصدر للعاهرات (في اتجاه أوروبا الغربية ، كما أن فلاسفتهم نظروا لقيم اللذة للترويج هذه التجارة، تماما كما يفعلون في بالنسبة لترويج الخمور لأنهم يمتلكون أهم مصانعها وأهم ضيعات الكروم. ونفس الشيء يمكن قوله بالنسبة لمؤسسات القمار والكازينوهات والسياحة الجنسية.ولمزيد من التفاصيل يمكن الرجوع إلى الدراسة القيمة للدكتور عبد الوهاب المسيري المختص في الحركات اليهودية والماسونية. و إذا تأملنا في أساليب التمييع في بلادنا ، وجدنا أنها قسمان: قسم يستهدف الشرائح العريضة من الأمة يمكن أن نصفه بالتمييع الجماهيري، وقسم آخر يتوجه إلى الفئة المثقفة والمقربة من مراكز القرار وهو تمييع نخبوي.
- التمييع الجماهيري:
يستهدف التمييع الأخلاقي الجماهير العريضة من المجتمع(وتحويلها إلى غثاء) بتشجيع ظاهرة الفيديو الكليب، حيث توجد أكثر من 50 قضائية عربية متخصصة في الرقص،بالإضافة إلى تشجيع العري في الشواطئ والسياحة الجنسية في الفنادق والملاهي في العالم العربي وإغراق الأسواق بالسراويل والأقمصة التي صممت خصيصا لكشف جزء من عورة المرأة. وفي المغرب يمكن أن نتحدث عن التمييع المؤسساتي أي الذي يستغل مؤسسات الدولة ، ومن ذلك تنظيم المهرجانات الموسيقية والكرنفالات الفارغة (تحريك الغرائز وتهييجها) وإضعاف الوازع الديني لدى المتلقي ! ومختلف البرامج التلفزية (المسلسلات المكسيكية...).حيث إن برامج وزارة الثقافة عندنا أصبحت شبه متخصصة في تنظيم المهرجانات الموسيقية وتعميمها في كل المدن المغربية. كما أن استقطاب المطربات المائعات (نانسي عجرم، هيفاء وهبي) وتهييء الأجواء للرقص الجماعي والتغنج وما يصاحب ذلك من قتل لخلق الحياء والعفة لدى الجماهير الواسعة لا يمكن أن يوصف بأنه برئ لا يخدم إلا الأهداف الثقافية المحضة.
كما يواجه الشباب انتشار دور الدعارة في الأحياء والاتجار في الخمور والمخدرات على نطاق واسع لتخدير هم وإلهائهم وحصر اهتمامهم في الجانب الغريزي والحيواني في الإنسان. وهناك جهات تراهن كثيرا على قطاع التعليم كالتضييق على مادة التربية الإسلامية وإفراغها من محتواها وإضعاف اللغة العربية...وهذا مخطط أمريكي علني مفروض على كل الدول العربية والإسلامية دون استثناء. وزارة الصحة كذلك تنفذ برامج الصحة الإنجابية والتحسيس ضد السيدا في المعاهد والجامعات وتوزع أحيانا العازل الطبي على المراهقين. وكل ذلك تحت إشراف منظمة الصحة العالمية وتمويل الروتاري والليونز ، خاصة بعد شعور الدولة بعجز كبير في تلبية الطلبات المتزايدة للشعب في مجال التعليم والصحة والسكن اللائق...مما دفعها لفتح الأبواب مشرعة أمام المنظمات العالمية الغير حكومية والتي تسيطر على بعضها الماسونية العالمية، إلى جانب تصاعد وتيرة التنصير مؤخرا.
- التمييع النخبوي:
إذا كان أغلب المسلمين من ضحايا الميوعة يكتفون بتقليد الآخر بدون وعي أحيانا(مثال الفتاة التي تلبس تي شورت مكتوب عليه:I am easy- Kiss me) ( ، فإن فئة عريضة من مثقفي الغرب وأذنابهم من أبناء جلدتنا ، متواطئون مع تيار التمييع ،يعون جيدا ما يفعلون حين يدعون إلى التخلي عن أخلاق العفة وينعتونها بأبشع النعوت: التخلف، الكبت، الظلامية، العقد النفسية. ويرفع هؤلاء شعارات براقة مثل: التحديث والتنوير والدفاع عن الحريات الشخصية وتحرير المرأة ، كما يسعون إلى تهييء الرأي العام لتقبل الشذوذ الجنسي .ويمكن حصر بعض هذه التيارات التي تشكل الخلفية الفلسفية لانتشار الميوعة في:
- العلمانية المتطرفة:هدفها عزل الدين عن المجتمع وإبقاؤه حبيساً في ضمير الفرد. ويجب التنبيه كذلك إلى مخطط إعداد وتأهيل علماء إسلاميين جدد خارج الوطن-Islamologues- من تلامذة محمد أركون مثلا وتصديرهم لبلدانهم الأصلية لإحداث بلبلة فكرية في أوساط المثقفين. ويطلق مصطلح الاستئصاليين على غلاة العلمانية الذين يطالبون بحل الأحزاب ذات التوجهات الإسلامية ، وتجفيف منابع التدين في المجتمع كما يقع في تونس. وقد رفعت بعض التيارات العلمانية مؤخرا شعار "الحداثة" الذي يقصد به بعض مثقفينا مجاراة كل ما هو حديث ومناهضة كل ما هو تقليدي. يقول الدكتور محمد سبيلا أحد المشتغلين على هذا المفهوم في حوار له بأحد المواقع على الإنترنيت."فالحداثة تدخل في صراع مع التقليد ومع الفكر والنظر التقليدي ومع الأنظمة والأخلاق والقيم التقليدية, ... فالحداثة هنا على المستوى الأخلاقي تكاد ترادف الخلاعة وربما الإلحاد والتنطع والفردانية, وهذا ما يجعلها تدخل في صراع مع التقليد سواء على المستوى الأخلاقي أو السياسي ...تقوم فلسفة الحداثة إذن على تمجيد الفرد على حساب الجماعة، وهذا يناقض مفهوم الولاء في الإسلام : الولاء لله ولرسوله وللمؤمنين.قال تعالى في سورة المائدة: " إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا، الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون" (54). والملاحظ أن بعض العلمانيين يعتبرون أن المدخل الأخلاقي أنجع وسيلة لمحاصرة ما يسمونه بالمد الأصولي.
- عبدة الشيطان:
طائفة تفرعت عن الماسونية العالمية حسب بعد الدراسات (ليو طاكسيل)، لها كنائسها ومنتدياتها. تقدس الشيطان باعتباره أول متمرد على القانون الإلهى وأول المطالبين بالحرية المطلقة.تأسست في نيويورك سنة 1966على يد أنطوان ليفي وهو من أصل يهودي أمريكي الجنسية .
ومن عقائدهم أنهم يحتقرون الدين الإسلامي والنصراني واليهودي على حدٍ سواء ولا يعترفون بجميع الأديان ويهزءون بالكتب المقدسة والقرآن الكريم والإنجيل والتوراة. كما يحتقرون جميع المبادئ الداعية إلى القيم والأخلاق الحميدة ، ويبحثون عن السبل الكفيلة لإرضاء النزوات الشريرة التي تنهى الأديان عنها ويمارسونها . لذلك نجد الشذوذ وتعاطي المخدرات والسرقة وشرب الدماء وغيرها من الممارسات التي يرتكبونها بحذافيرها.
ويميز أفراد هذه الجماعة أنفسهم عن طريق ارتداء الملابس السوداء اعتقادا منهم بأنه اللون المفضل لدى إبليس.. كما يؤمن عبدة الشيطان بأن قوتهم مصنوعة من الشر وليس من الخير ...
- الماسونية أو البناية الحرة :
في حوار له مع مجلة "لكسبريس" الفرنسية، أكد أنطوان سفيير على وجود قوي للماسونية بالمعرب وأنها تضطلع الآن بدور محاصرة المد الأصولي. و يؤكد-المدعو بوشعيب الكوحي-" المعلم الأعظم" للمحفل الماسوني المغربي GLRM في نشرة "الأخوي" –لو فراترنيل- أن الإسلام لا يتعارض مع الماسونية وأن محفله يضم المغاربة المقيمين بالخارج من الأديان الثلاثة : الإسلام والمسيحية واليهودية. كما يضيف الكوحي أن الله تعالى يقول في سورة البقرة بأن الجنة مفتوحة في وجه المسلمين واليهود والنصاى دون تمييز ! وأن الإسلام دين لائكي ولا ينبغي إقحامه في السياسة. كما يضيف صاحبنا أن الإله الجديد الذي يقبل الجميع اسمه المهندس الأكبر للكون... هذا من باب تمييع الإسلام وجعله قابلا لكل التأويلات والقراءات.
مثال: كتاب "رسائل إلى شاب مغربي" للكاتب المغربي الفرنكوفوني الشاذ عبد الله الطايع والذي موله ملياردير فرنسي ماسوني ووزع 20 ألف نسخة بالمغرب مجانا مع عدد من نيشان وعدد من تيل كيل !!!
بعض نتائج وأبعاد ظاهرة الميوعة والفساد:
نتائج هذا التمييع والإفساد الممنهجين أصبحت الآن واضحة: جرائم الاغتصاب تحدث يوميا وخاصة الاعتداء على القاصرين. فالصحف اليومية تتحفنا بأخبار هذه الجرائم ، وأحيانا يكون أبطالها شواذ أجانب يستغلون حالة الفقر التي نعاني منها. الشخص المائع المخنث لا ينفع نفسه ولا أمته، يبيع عرضه بدراهم معدودة،.. الجماهير الراقصة تصبح غثاء غير محصن فكريا ولا أخلاقيا. وهذا يضرب في العمق مفهوم الأمة القرآني الذي يعني: جماعة +أرض+ رسالة: جماعة تؤم وجهة واحدة ولها هدف ورسالة في هذه الحياة. التمييع يضرب عناصر المقاومة لدى الجماهير التي لاحظ الجميع التفافها في سنوات الصحوة الإسلامية (الثمانينات والتسعينات من القرن الماضي) حول القرآن الكريم ومشاهير الدعاة. وقد تنبه العدو إلى فشل أي محاولة للنيل من القرآن الكريم، فتوجه إلى الأمة يلهيها بالأنشطة المائعة
-تشير بعض الإحصائيات إلى أن هناك 1000 حالة من الأمراض المتنقلة جنسيا كل سنة بالمغرب- وفاة 25 مليون شخص بسبب السيدا خلا 25 سنة .
-تم تسجيل 150حالة إيدز سنوية لدى أطفال المغرب - استهلاك 500 ألف قرص مهلوس بوجدة سنة 2006 (أغلب نزلاء مستشفى الأمراض العقلية شباب !)-أسفرت العمليات التطهيرية التي قامت بها مصالح الأمن يوجدة في محيط المؤسسات التعليمية عن إيقاف 72 شخص في حالة تلبس بالتحرش الجنسي بالتلميذات والاتجار في مخدر الشيرا والقرقوبي وحمل السلاح الأبيض يستعملونها لسرقة ما بحوزة التلميذات. -على غرار العهارة المغربية في الخليج فإن هناك عهارة مغربية في اسبانيا وفي دول أوربية أخرى، هذه العهارة يمكن تقسيمها إلى قسمين عهارة معترف بها في النوادي والعلب الليلية بأثمنة محددة و عهارة سوداء .وكانت مجلة "أفريك" الشهيرة قد نشرت تقريرا مهما أثار ضجة، حيث أكدت فيه أن سياح دعارة الأطفال بدءوا يغيرون وجهتهم من دول جنوب شرق آسيا في اتجاه دول أخرى منها المغرب، وذلك بعدما دمر تسونامي 2004 البنيات التحتية بتلك المناطق، وأصبح خطرا يتهدد المنطقة في أي لحظة
نشرت خريطة المغرب بأحد المواقع الإلكترونية، تضم سبعة مدن تشتهر بالسياحة الجنسية وهي طنجة، الرباط الدار البيضاء،أكادير، مراكش، فاس ووجده
-سبق لأمن وجدة أن قام بمداهمة الكثير من الفنادق غير المصنفة لشبهة الدعارة،واعتقل الكثير من المومسات وهن في حالة تلبس ،وأغلقت في السنوات الأخيرة حوالي خمسة فنادق..
ذلك ما حصدنا من التساهل في الجانب الأخلاقي !!
2- مقترحات لمقاومة الهدم وتقوية البناء :
قال تعالى "وما كان ربك ليهلك القرى بظلم وأهلها مصلحون" ولم يقل سبحانه وتعالى" صالحون". ويمكن الحديث عن خمسة مداخل لمناهضة الميوعة:
*المدخل القانوني: إصدار قوانين ضد التحرش الجنسي ... تقديم شكوى ضد دور الدعارة في الحي.تأسيس الوداديات السكنية...قانون وزراء الإعلام العرب أشار إلى موضوع الميوعة في الفضائيات... إقناع الشباب الداعي إلى المجاهٍرة بألإفطار .
-في فرنسا و هي دولة علمانية يباح للناس أن يشربوا الخمر و أن يفعلوا بأجسادهم ما يشاؤون, و مع ذلك فهم يعاقبون طبقا للقانون الجنائي في حالة "السكر العلني" (l'ivresse publique ) و كذلك يعاقب نفس القانون على "الإخلال العلني بالحياء" (l'outrage public à la pudeur ) فما هو السبب إذن في معاقبة القانون على مثل هذه الأفعال رغم أن الدولة هي دولة علمانية؟
الجواب هو حماية المجتمع و حماية النظام العام (l'ordre public ) فكل مجتمع يعتبر لائحة من الأفعال على أنها تضر بالمجتمع أو أفعال معادية للمجتمع (acte anti social .
*المدخل السياسي: فضح تجار الدعارة والفساد.-وقفات احتجاجية، عرائض..-برامج التعليم، إحياء النخوة، تدريس المتنبي مثلا...
*المدخل الإعلامي: المكتوب-المرئي-المقروء-الرقمي..."الإعلام اليوم يحيي ويميت كما يقال، يحيي الأفكار الذي يريد ويلمعها ، كما يمكن أن يشوه الأفكار الصالحة". يُسيطر اليهود سيطرة تامة على شركات الإنتاج السينمائي : فوكس، كولدن، بارمونت...وشبكات التلفزيون العالمية:َA.B.C، C.B.S،N.B.C وتشير بعض الإحصائيات إلى أن أكثر من 90% من مجموع العاملين في الحقل السينمائي الأمريكي ، إنتاجاً ، وإخراجاً ، وتمثيلاً ، وتصويراً ، ومونتاجاً ، هم من اليهود.لقد صرف حكام المسلمين ملايين الدولارات لشراء القمر الصناعي " عربسات " ، لا ليستخدموه ، كما تستخدمه الدول المتقدمة – مادياً - ، من عرض للبضائع بين القارات وتقديم الخبرات التقنية والعلمية والعسكرية ، ولكنهم دفعوا هذه الأموال ليتمكنوا من الاتصال الدائم بهذه الشبكات لتزودهم بالسموم التي تُخدّر الشعوب الإسلامية ، وتشغلهم عن الواجبات التي خلقهم الله من أجلها استغلال وسائل الإعلام الحديثة لفضح عمليات الإفساد (تغيير المنكر بالكلمة والقلم –بالوسائل القانونية والمشروعة)-تزويد القناة الشعبية "يوتوب" بالمواد الإعلامية الهادفة-تأهيل إعلاميين رساليين...
*المدخل الفني: بدائل نظيفة، مهرجانات لتهذيب الذوق الفني فعلا...(الدراما الباني/ مثال مسلسل باب الحارة: قيم العرض والشجاعة والشرف والنخوة والكرم والتضامن....وفي المقابل نجد الدراما الغربية تكرس التبليد والنفاق الاجتماعي ....
*المدخل التربوي: ويبقى العلاج الأنجع هو : التحصين التربوي وتزكية النفس (واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه) (ففروا إلى الله إني لكم منه نذير مبين)-الثبات على الطريق –التجديد والإبداع في وسائل الدعوة. –تشجيع المحاضن التربوية للشباب والتلاميذ ، ذكورا وإناثا، ونشر العقيدة الصحيحة وخلق الأجواء الإيمانية، في كل حي وفي كل قرية... سنة التدافع ين الحق والباطل من سنن الله: "وما أرسلنا في قرية من نذير إلا قال مترفوها إنا بما أرسلتم به كافرون". و كلما ضاقت مساحة الصلاح كلما توسع الفساد لأن الطبيعة لا تحب الفراغ كما يقال... ثم إن الفراغ في القلب هو الذي يجعل المرء ينشغل بالحب والغرام (مثال قيس الذي سئل عن حبه المرضي لليلى، فأجاب: وجد حبها قلبا فارغا فتملكه).
خلاصة:
الشباب المغربي مستهدف في قيمه، تيارات عديدة تحاول نشر الخلاعة و الميوعة والتسيب باسم الحرية والحداثة وحقوق الإنسان... المطلوب تنبيهه إلى هذه المخاطر والأخذ بيده بالرفق والحكمة والموعظة الحسنة، وفتح قنوات التواصل معه باستمرار ، وتلك مسؤولية كل الفاعلين الاجتماعيين من مؤسسات تعليمية وأحزاب وطنية و هيئات المجتمع المدني.
محمد السباعي