الإعلام متهم ببث أفكار سلبية للشباب
لهنّ - أسماء أبوشال
يلجأ أبطال الأعمال الدرامية والسينمائية دوماً إلى "السيجارة" أو المزاج بأنواعه من المخدرات ، لتخفيف الضغوط لحل مشكلة أو ضغط نفسي ، هذه الصورة عرضت بكثافة خلال مسلسلات شهر رمضان وأثرت بشكل سلبي على المجتمع وخاصة فئة الشباب والمراهقين.
وحول تأثير الدراما وخاصة الرمضانية أجرت وزارة الأسرة والسكان دراسة لرصد موقف التدخين فى الدراما وتأثيره على المجتمع من خلال رصد 35 مسلسل رمضاني.
وجاء ملخص الدراسة حول حجم وأسلوب تناول المسلسلات لقضية التدخين وتعاطي وإدمان المخدرات، وجد أن عدد مشاهد التدخين والتعاطي بلغت 2047 مشهد بمدة زمنية وصلت إلى 54 ساعة كاملة ، وبلغ عدد مشاهد التدخين 1446 بفترة زمنية وصلت إلى 37 ساعة.
وتبين أن نصف حلقات المسلسلات احتوت علي مشاهد تدخين بنسبة 47% لمختلف أنواع التدخين، مما يعد مؤشرًا خطيرًا علي الترويج للتدخين بكل أنواعه.
وجاء تدخين السجائر في مقدمة أنواع التدخين بنسبة 43.2% من إجمالي أنواع التدخين الأخرى، وجاء في المرتبة الثانية تدخين الشيشة، يليها تدخين السيجار و"البايب" وأخيرا "الجوزة".
أرقام مخيفة
دراسة أخري "للتحالف العربى لمكافحة التدخين" أجريت علي 420 فرداً من فئتى الأطفال والشباب تتراوح أعمارهم من 10 إلى 21 سنة من الجنسين خضعوا لمشاهدة مشاهد التدخين للتعرف على آثار هذه المشاهد على سلوكيات المشاهدين،بمتابعة خبراء علم النفس والاجتماع والإعلام .
وبينت الدراسات حقائق مفزعة ، بعد أن أبدا 82% من المشاهدين إعجابهم بطريقة تدخين الممثل "سامح حسين" للسيجار خلال مسلسل "اللص والكتاب"، وفكر 61% في تدخين "البايب" بعد مشاهدة الممثل "كريم أبو زيد" في مسلسل "أغلى من حياتى" ، ومن نفس المسلسل لفت انتباه 91% من الإناث طريقة تدخين الممثلة إيناس مكى ، بالإضافة إلى الممثلة سلوى خطاب في مسلسل "الحارة"، و73% أعجبوا بفكرة تدخين الشيشة في المنزل بعد مشاهدة الممثل حجاج عبد العظيم في مسلسل "زهرة وأزواجها الخمسة" والممثل مصطفى شعبان في مسلسل "االعار"، والمؤسف أن 88% من أطفال العينة ابدوا عدم ممانعتهم للتدخين عند الكبر تحت تصور اكتمال هيئة الرجولة لديهم.
أما الدين فله موقف ثابت من قضية التدخين ، لذا ناشد د.سالم عبد الجليل وكيل وزارة الأوقاف لشؤون الدعوة خلال تقرير "صباح الخير ياعرب" على فضائية "الإم بي سي" القائمين على الدراما التي تعتبر أكثر تأثيراً من المنبر الدعوي بما أنها الأكثر انتشاراً وتأثيراً ، وأن يتقوا الله في عقول الشباب اللذين يتأثروا بالقدوة .
التدخين ليس وحده هو بطل الدراما والأكثر جذباً ، فالمخدرات هي الأخرى تحتل مكاناً على قائمة اهتمامات الدراما ، ويشير عمرو عثمان مدير صندوق مكافحة المخدرات وعلاج الإدمان إلى أن هناك 54 ساعة كاملة لمشاهد المخدرات في مسلسلات رمضان فقط ، وشملت الدراسة أرقام مرعبه لمشاهد التعاطي لها دلالات قد يكون لها دلالات سلبية على حسب طبيعة التناول نفسه لكل عمل .
على الجانب الآخر فالدراما يمكن أن تمثل الجانب الأكثر تأثيراً لنشر ثقافة كراهية التدخين والمخدرات وأن ظهورها فى الأعمال الدرامية يمكن أن يوظف توظيفاً هادفاً ، ورصد السلبيات والإيجابيات أول طريق التعرف على المشكلات والعيوب وتقليصها .
مصداقية التفعيل
يقول الاختصاصي النفسي د. محمد النحاس : الإعلام بشكل عام يشكل عقول أبنائنا ، ومشاهدته يجعل هناك نوع من المصداقية في كل ما يتلقوه ، وهو يمثل قدرة لإخراج قدرات الشاب والشابة ، لأنه يحمل مصداقية التفعيل لدي الشباب ، وعند رؤية مشاهد التدخين فى السينما أو التليفزيون فالشاب يتلقي الجانب السلبي فقط على أنه إيجابي ، وينظر إلى الممثل الذي يعتبره قدوة ويؤثر في ذاته من منطلق المثل الأعلى الذي يعرف كيف يتعامل مع مشكلاته ، هذه الصورة التي يلجأ فيها البطل إلى التعامل مع علبة السجائر والتدخين أو الإدمان تنطبع في اللاشعور عند الشباب ويؤمنون بأن هذه الطريقة هي طريقة فعالة للتخلص من الضغط والمشكلات وبالتالي يقلد بشكل لا شعوري .
ويضيف د. النحاس : الفكرة الأساسية هي أن كل شاب يسعي إلى اتخاذ قدوة التي قد تكون لاعب كرة قدم أو ممثل ، رسام ، شاعر ، وكل شخص يبحث عن القدوة التي تتلائم مع طبيعة تفكيره ، ومرحلة المراهقة والشباب تعني التحرر من السلطة ، ويتخذ فيها الممثل قدوته الإيجابية بما أن ما يفعله يرضي عنه الإعلام إذا هو الفاعل والفعل الصادق.
ويحسب للإعلام أنه يمنع إعلانات التدخين ، ولكن الإعلان يأتي ضمنياً ، والأشياء الضمنية هي التي تترك الأثر الأقوى ، وهو ما يحدث عندما يتم الإيحاء للشاب بأن هذا السلوك يخلص الشخص من الضغط ويجعله يظهر بمظهر الرجال ، وبالتالي يمتص المشاهد هذه الفكرة ويبدأ فى تنفيذها .
وعرف د. النحاس التدخين بأنه عادة تم اكتسابها عن طريق الممارسة ، ولذلك بدايتها تكون بالتقليد ثم تنتهي بالتعاطي والإدمان ، والشكل الدرامي دائماً يأتي بأن البطل مستهتر ويلقي بكل أعباء المسؤولية خلفه طوال الوقت ، هذا الشكل الذي يصل للمراهق هي صورة من صور الهروب من المسؤولية وتغييب الوعي وتقليل قيمة الشخصية ، وهذه المعادلة التي تقدمها الدراما للشخص السلبي الذي يلجأ لتقليد ما يراه بشكل تلقائي ، والهروب من المسؤولية بالسيجارة هي متعة وقتية يعقبها الدمار والندم ، والمظهر الرجولي الحقيقي هي رفض الرجل لأي عرض للتدخين بقوله "آسف .. لا أدخن".
أما الإدمان فهي مرحلة قد تأتي بعد شرب السجائر ، وعرف د. النحاس المدخن بأنه شخصية "هزلية" تسخر من المشكلة ولا تتعامل معها بواقعية ، كونها غير قادرة على تحملها ، ووضع الشاب للسيجارة في فمه تعني أنه مازال في مرحلة الطفولة "الفمية المصية" التي يحتاج فيها إلى ثدي الأم ليشعر بالأمن والأمان ، وتساؤل في النهاية : هل يقبل الإنسان على ذاته بأن يظهر بهذا المظهر أمام الآخرين ؟
ممارسات شاذة تؤدي للإدمان
- التفاصيل