* ماذا يجب على الفتاة أن تفعل إذا تعرضت لتهديد بنشر صورها على الإنترنت؟
* فتاة لاتزال صورها تنتشر على المواقع الإلكترونية: فكرت في الانتحار وقضيت في المستشفى أسبوعاً
دانيا شومان
قرأنا كثيرا وسمعنا عن فتيات تعرضت سمعتهن للتدمير عبر نشر صورهن عبر البلوتوث تلك التقنية التي أثارت عاصفة أزمة أخلاقية في كثير من البلدان العربية بعد استغلال البعض لتلك التقنية لنشر صور فتيات بريئات بين أوساط الشباب واتهامهن في أعراضهن، وانتقلت تلك الأزمة لاحقا مع الإنترنت حيث قام بعض ضعاف النفوس باستغلالها للتشهير بفتيات إما بغرض الانتقام منهن أو لمجرد عبث طائش، وقرأنا كثيرا عن فتيات قدمن شكاوى أمنية ضد أشخاص يتهمن فيه شبانا بنشر صورهن، وقرأنا أيضا عن إلقاء القبض على بعض من أولئك الشبان الذين قاموا بنشر صور الفتيات أو قاموا بتهديد بعضهن وابتزازهن عبر تهديدهن بنشر صورهن بواسطة تقنية البلوثوت أو الإنترنت، كما قرأنا عن عدد من القضايا التي وصلت إلى المحاكم اتهم فيها أشخاص بابتزاز فتيات بنشر صورهن، ولكن أحدا لم يلتق أو يستمع أو يعرف ماذا لدى الفتيات اللاتي تعرضن للفضيحة بنشر صورهن، ولم يعرف أحد كيف كان تأثير نشر الصور على تلك الفتيات؟ أو كيف انتهى بهن الأمر؟ خاصة أن بعضهن مازالت صورهن أو مقاطع فيديو لهن متداولة على الهواتف النقالة أو على الإنترنت عبر اليوتيوب أو غيرها. في هذا التحقيق تمكنا من التوصل إلى فتاتين (24 و28) عبر محاميهن الذي وكلتاه بقضيتين منفصلتين كمدع بالحق العام لصالحهن ضد شابين قاما بفضحهما عبر نشر صورهن عبر البلوتوث وابتزازهن، كما توصلنا لسيدة أربعينية تعرضت لذات الابتزاز على يد شاب واستطاع الحصول منها على آلاف الدنانير على مدار أكثر من عام قبل أن تضيق ذرعا به وتقدم شكوى رسمية ضده ليقوم رجال المباحث الجنائية والقبض عليه وإحالته إلى النيابة حيث وجهت له تهمة الابتزاز.

من خلال مكتب محام رفض ذكر اسمه بعد أن عرف هدف التحقيق مكتفيا بأن يكون حلقة الوصل بيننا وبين النساء الثلاث اللاتي كن ضحايا للبلوتوث وتوكل عنهن كمستشار قانوني لهن أو كمدعي بالحق العام في القضايا الثلاث.

الفتاة الأولى (م - 24عاما) ترددت كثيرا قبل أن تقبل خوض غمار الحديث معنا حول تجربتها المريرة، ولكن وبمساعدة محاميها الذي وعد بأنه لن يذكر اسمها أو اسمه قبلت الحديث خاصة أنها قالت: «حتى من غير أسماء فالكثير لايزالون يذكرون حكايتي خاصة بين زميلاتي في الجامعة أو بين أفراد أسرتي، رغم أن تلك الحادثة قتلتني اجتماعيا إلى الأبد».

صوري لاتزال على الإنترنت
ورفضت (م) تماما ذكر تفاصيل الحكاية التي تعرضت لها ولكنها قالت: «أنا مثل عشرات الفتيات في الخليج والوطن العربي اللاتي تعرضن للفضيحة عبر توزيع مقاطع فيديو لهن في أوضاع غير طبيعية كأن يرقصن في السيارة أو يقمن بالغناء أو حتى يظهرن يرقصن في شقة أو يبدون في صحبة شاب ويتم نشر صورهن، أنا احدى هؤلاء الفتيات اللاتي تعرضن لفضيحة ونشرت صورها على الهواتف النقالة وعلى مقاطع اليوتيوب وأصبحت صورهن يتم تبادلها حتى اليوم وأنا صوري رغم انتهاء القضية لاتزال تنتشر حتى اليوم على الإنترنت».

وعد بالزواج
وأضافت موضحة: «أنا لم أتعرض لابتزاز ولكن تعرضت لفضيحة عبر شخص كنت ارتبط معه بعلاقة وعد بالزواج واستغل ثقتي وسذاجتي وحصل على كثير من الصور لي ومقاطع الفيديو وعندما قطعت علاقتي به هددني وبعدها عندما لم ألتفت لتهديده قام بتنفيذ تهديده وشرع بتوزيع صوري، ولن أذكر قصتي ولكنني سأذكر فقط مختصر ما حدث معي فقد نال جزاءه وما يستحق، ولكن هذا لا يكفي لأنني لا أزال أدفع الثمن منذ عامين ولا أزال حتى اليوم أدفع الثمن بعد أن أصبحت فتاة تنتشر صورها الخاصة على الإنترنت»

وتمضي (م) في الحديث عما بعد الفضيحة وكيف واجهت أسرتها الأزمة معها وكيف تعاملت معها قائلة: «مع أول خبر وردني عن وجود صورتي على مقطع بلوتوث وأنه تم توزيعه أصبت بانهيار عصبي وأدخلت المستشفى ولم تعلم في البداية سوى والدتي بالأمر، وظللت في المستشفى أكثر من أسبوع، وأبلغت والدتي بالأمر، ولولا أنها سيدة عاقلة لأصيبت هي الأخرى بانهيار، ولكنها تماسكت، وأبلغتها عن علاقتي بالشاب وأخبرتها عن تهديده وأنه نفذ تهديده بالفعل».

«حاولت الانتحار»
وتكشف (م) أنها حاولت الانتحار في الأيام الأولى لاكتشافها أن صورها الخاصة تم توزيعها وأن بعضها مقاطع فيديو شديدة الخصوصية وقالت: «فكرت في الانتحار لأنني لحظتها أحسست أن حياتي انتهت تماما، نعم الفتاة في بلادنا العربية ليست سوى سمعة وإذا انتهت تنتهي الفتاة، فالمجتمع لا يرحم، ونحن في الكويت نعرف بعضنا والكويت صغيرة، فكرت في أبي وأمي فكرت في إخوتي وأخواتي، فكرت في أقربائي، بل فكرت ماذا سيقول الجيران عني، (خلاص انفضحت) ماذا أفعل سوى الانتحار».

الجريمة مستمرة
وأضافت (م): «لن أكشف أكثر ولكن أفراد عائلتي قاموا بتعذيبي، لأنهم اعتبروني تسببت في فضيحتهم، نعم عذبوني، وكان الشاب لايزال يتصل بي، وخلالها قامت والدتي وعن طريق اللجوء إلى المحامي بأخذ المشورة القانونية، والتي كانت كالتالي أن نقوم بتقديم شكوى رسمية ضده للجهات الأمنية وهذا ما حصل وتم القبض عليه، واعترف وأحيل إلى القضاء، ولكن بعد أن كانت صوري والمقاطع الخاصة بي قد انتشرت، ورغم توقيف الفاعل إلا أن هناك جناة آخرين كانوا يستمرون في نشر صوري ومقاطع الفيديو عبر البلوتوث للهواتف المتنقلة أو عبر اليوتيوب عن طريق نشرها على الإنترنت، يوما بعد يوم رغم توقيف الفاعل كانت صوري تنتشر أكثر وأكثر فالجريمة رغم توقيف الجاني لاتزال مستمرة، وظللت حبيسة البيت وتركت دراستي بل تركت كل شيء، لن أتكلم عن تصرفات أهلي معي منذ ذلك الحين والذين اعتبروني من يومها فتاة سيئة».

الإنكار
وتمضي بالقول: «الأسلوب الذي اتبعناه وأعتقد أنه الأسلوب الذي تتبعه كثير من الفتيات اللاتي يتعرضن لمثل هذا النوع من الفضيحة هو الإنكار، نعم كنا ننكر، كانت والدتي تنكر رغم انتشار قصة نشر صوري، وأحيانا عندما كنا نسأل عن قضية الشاب كنا نقول انه قام بتركيب الصور ومارسنا الإنكار على الدوام ومازلنا نمارسه وننفي أن هذه الصور تخصني».

وعن المتسبب في فضيحة البلوتوث تقول (م): «لا شك أنا المسؤولة أولا وأخيرا، ولكن أيضا المسؤولين الحقيقيين هم من ساهموا في نشر تلك المقاطع».

وعن حياتها بعد الفضيحة تقول: «عرفت لاحقا أن عددا آخر من الفتيات تعرضن لمثل ما تعرضت له، وإن كن مثل حالتي فقد تدمر مستقبلهن تماما، وانتهين اجتماعيا، وأصبحن سجينات نظرة المجتمع القاتلة التي لا ترحم»

خطيب غير رسمي

القصة المؤلمة التي روتها (م) لا تقل عن حجم الألم الذي حمله صوت (ح 27 عاما)، ولم تكن تفاصيلها بعيدة عن تفاصيل الأولى غير أنها كانت أكثر جرأة خاصة أن ما تعرضت له أقل مما تعرضت له (م)، فإذا كانت (م) قد تم فضحها بصور خاصة ومقاطع فيديو شديدة الخصوصية فان (ح) لم تتعرض سوى لتسريب صور خاصة فقط فلا مقاطع فيديو وقالت: «قصتي أنني ارتبطت بشخص بغرض الزواج والدتي كانت تعرف بأمره، أي أنه كان بمثابة خطيبي وإن لم تتم الخطبة بشكل رسمي، ولكن خلال فترة ارتباطي به، أو خلال علاقتي به حصل على صوري وأنا من قدمها له، ولا أخجل لأنها صور عادية، وليس بها ما يضرني، ولكن بعض الصور الخاصة التقطها لي بهاتفه النقال في سيارته، وصور أخرى أنا أرسلتها من هاتفي النقال له من غير حجاب، كوني محجبة، وبعد أن علمت أنه غير جاد بالزواج قطعت علاقتي به، ولكنه ظل يلاحقني، ويتهمني بأنني تركته من أجل شاب آخر، وطبعا هذا الكلام ليس صحيحا، وظل يطاردني، ويتصل بي، ويترصدني ويلاحقني، ويرسل لي رسائل التهديد، ومنها أنه سيقوم بنشر صوري على الإنترنت وأنه سيقوم بنشر رقم هاتفي، وبالغ في تهديده أنه سيقوم بنشر صوري في مواقع الإنترنت مع كامل تفاصيلي كاسمي وعنوان منزلي واسم عائلتي وأنه سيكتب أسفلها أنني فتاة ليل».

20 اتصالاً يوميا
ومضت بالقول: «بالطبع كنت أعتقد أن تهديداته مجرد أمر فارغ، وأنه سيتوقف بعد مدة، ولكن بعد أسبوع من تهديداته بدأت ترد إلى هاتفي النقال من أرقام غريبة لا أعرفها، وعندما كنت أرد كان المتصل يقول انه وجد رقم هاتفي وصورتي على أحد مواقع الإنترنت وأنني أرغب في التعارف، وتكرر الأمر أكثر من مرة حتى بلغ عدد الاتصالات اليومية التي تردني على هاتفي أكثر من 20 اتصالا، وكنت أغلق الهاتف في وجوه المتصلين، ولكن أحدهم أبلغني بعنوان الموقع الذي وجد صورتي ورقم هاتفي، وطلبت منه إرساله لي بعد أن أبلغته بأن سبب نشر صوري هو شخص يرغب في فضحي، وبالفعل أرسل لي الرابط الإلكتروني للموقع، وقمت وذهبت إلى الكمبيوتر ودخلت على الموقع ووجدت صوري ورقم هاتفي واسمي واسم عائلتي بل وحتى مقر عملي».

والدتي والمحامي
وضيف (ح): «بالطبع صدمت وعلمت أن الشاب الذي انفصلت عنه نفذ تهديده، وبعدها توجهت لوالدتي وأبلغتها بما حصل وبعدها نصحتني بأن ألجأ إلى المحامي لأستشيره من الناحية القانونية، فلم أكن أعرف هل أذهب إلى المخفر أم إلى النيابة أم إلى أين، وعليه وعن طريق إحدى صديقاتي توصلت إلى المحامي الذي أوصلكم لي، وهو من قام بمقابلتي مع والدتي في مكتبه مشكورا، وتقدم نيابة عني إلى الجهات الأمنية ببلاغ رسمي ضد الشخص بعد أن أبلغته بتهديداته وأريته عددا من رسائله الهاتفية التي كان يهدد بها بفضحي على الإنترنت، وبالفعل تم القبض عليه وأحيل إلى القضاء، وأكملت مع المحامي كوكيلي في الحق المدني»

أما عن تأثيرات الفضيحة عليها فقالت: «مكاشفتي لوالدتي بالأمر وسرعة التحرك باللجوء إلى المحامي وتقديم بلاغ ضده بطريقة قانونية للحد من التأثير، وحتى عندما أسأل من قبل أقربائي أو أقرباء والدتي عما حدث أبلغهم بأنه شخص تقدم لخطبتي وعندما فسخت خطبتي معه قام بفعلته الشنعاء».

ابتزاز بالآلاف
السيدة الثالثة لتفاصيل قصتها اختلاف جذري عن القصتين السابقتين خاصة، فهي تعرضت للابتزاز المادي على يد شاب تعرفت عليه بعد أن حصل على صور خاصة لها ومقاطع فيديو لها، فالاختلاف بينها وبين القصتين السابقتين أن الصور أو مقاطع الفيديو لم تجد طريقها إلى البلوتوث للهواتف النقالة أو للإنترنت، وثانيا أن الجاني وهو الشاب المهدد حصل منها على أموال على مدار أكثر من عام كامل قبل أن تضيق به ذرعا وتبلغ رجال المباحث الذين القوا القبض عليه بتهمه الابتزاز واعترف بجريمته، وكانت السيدة الثالثة أكثر تحفظا في الحديث ولكنها قالت: «لا أريد الخوض فيما حدث بشكل تفصيلي، فالشاب هددني بصوري التي كان قد حصل عليها مني وكذلك على مقاطع فيديو كان قد التقطها لي، ولم تنشر لأنه فقط كان يهددني بنشرها، وغلطتي للأسف في البداية أنني رضخت لتهديده، وأعطيته المال، ولكنه استمر في الطلب، وكان يختفي شهرا أو أقل ثم يعود ويطلب المال مني، وأعترف بأنني أخطأت بالرضوخ لطلباته خوفا من الفضيحة، ولكن الحمد لله أنني قررت اللجوء لرجال المباحث والذين تعاملوا مع قضيتي لحساسيتها بكل سرية وتمكنوا من القبض على الشاب».

ولكون صورها لم تصل إلى الهواتف النقالة أو الإنترنت رفضت التعليق على الفضيحة مكتفية بالقول: «لو كانت صوري قد نشرت أو موضوع علاقتي به قد انتشرت لكنت الآن تحت التراب أو انتحرت لا سمح الله».

10 نقاط للفتيات لمواجهة أي شخص يهددهن بنشر صورهن

من خلال لقاءاتنا الهاتفية مع السيدات الثلاث اللاتي تعرضن لمحنة التهديد بنشر صورهن على الإنترنت توصلنا إلى 10 نقاط أجمعت الثلاث اللاتي التقينا بهن على أنها أفضل ما يجب أن تفعله أي فتاة تتعرض لتهديد من هذا النوع وكانت كالتالي:

1- إبلاغ أقرب أفراد الأسرة، كالأم أو الأخت الكبرى فورا بالتهديد وطبيعته.

2- اللجوء إلى مشورة قانونية عبر محام متخصص والأفضل الذهاب إليه ليقدم الخطوات القانونية الواجب اتخاذها لمواجهة هذا النوع من التهديد، والأفضل توكيل المحامي فورا، ليقوم بتخليص كامل الإجراءات القانونية في المخفر أو أمام المباحث.

3- الثقة برجال الأمن والمباحث كونهم في مثل هذه القضايا سيتعاملون مع الضحية بسرية تامة، وتقديم جميع المعلومات الصحيحة لرجال الأمن والمباحث عن طبيعة العلاقة التي كانت تجمع الفتاة بالشاب الذي يهددها.

4- اتباع قاعدة «لست أنا»، في حال نفذ الجاني تهديده وقام بنشر الصور، فعلى الضحية أن تقوم بالتماسك وألا تنهار، وأن تمارس الإنكار التام للحادثة، بمعنى تدعي أمام الجميع أن الصور مركبة أو مفبركة ببرامج كمبيوتر مهما كانت شديدة الخصوصية وذلك كعذر أمام المجتمع، فكثير من الفنانات اللاتي تعرضن لنشر هذه الصور أعلن أن صورهن أو مقاطع الفيديو مركبة وانتهى الأمر عند هذا الحد، فالتمسك بالإنكار هنا على الأقل يمنح سورا حاميا للفتاة من نظرات المجتمع والمحيطين.

5- على الضحية عدم فتح مواقع الإنترنت التي قام الجاني بنشر صورها الخاصة بها لأن ذلك سيربكها، وأن تبتعد عن الإنترنت لأن الأمور في حال اطلاعها على المواقــع ستزيـد نفسيتهـا ســوءا.

6- خلال هذه الفترة تنصح (م) الفتيات اللاتي يتعرضن لمثل هذا النوع من العمل الإجرامي اللجوء إلى مستشار نفسي، وإبلاغه بما تعرضت له، وسيكون عونا لها ويرشدها إلى الطريق السليم للتعامل مع هذه الأزمة.

7- التوبة والعودة إلى الله سبحانه وتعالى والإكثار من الصلاة وقراءة القرآن، كنوع من الاستغفار خاصة إذا كانت الفتاة تعتقد أنها شريكة بالخطأ في تقديم صورها لشخص غير أهل للثقة.

8- الانشغال بعملها أو دراستها خلال تلك الفترة أيضا.

9- التوقف عن المشاركة بأي نشاطات اجتماعية أو زيارات عائلية خلال تلك الفترة لتبتعد مؤقتا عن أي موقف محرج قد تتعرض له.

10- اللجوء لشيخ دين لطلب النصح والمشورة خلال تلك الفترة أو الحرص على التوجه إلى أي تجمع نسوي دعوي يمكن أن يساعدها على تجاوز الأزمة.

JoomShaper