ميرفت عوف
نعلم جميعا أن الفوز برمضان وخاصة أيامه العشر الأخيرة يكون باستثمار الوقت وتنظيمه لإنجاز الطاعات والعبادات والعمل الصالح.
لكن هذا لا يعني أن العمل يكون بمقدار هذا العلم لدى الكثير من الفتيات والنساء، خاصة لدى اللواتي يضيعن الكثير من هذا الوقت الثمين بالإعداد لاستقبال العيد من ترتيب المنزل وشراء الملابس وإعداد كعك العيد.
ما يجب علينا الإيمان به والعمل من أجله: هو كسب هذا الوقت الثمين بإعداد وتنفيذ جدول للطاعات والعبادات خلال العشر الأواخر؛ لضمان الفوز والمغفرة والرحمة والعتق من النيرات في هذا الشهر الفضيل.
"لها أون لاين" في التقرير التالي يقف عند آلية كسب العشر الأواخر مع الفتيات واقتراحاتهن.
تعبر الفتاة آية من غزة عن شعورها بتأنيب ضمير كبير لأنها لم تؤد لرمضان حتى منتصفه الحق الذي أرادته من العبادة والطاعة، لكنها الآن بدت أكثر طاقة واستعدادا للعشر الأواخر، ومن ثم التعويض والشعور بالرضا.
تقول آية – 18 عاما - :" الحمد لله بعد أن بدأ المنتصف من رمضان ولشدة خوفي من العد التنازلي وضعت خطة لكسب الأيام المقبلة من رمضان" ، وتضيف :"أنهيت كل الأمور التي تتطلب خروجي من المنزل قبل بدء العشر، ومن تلك شراء ملابس العيد مع أمي لأشقائي وأبناء خالتي الفقراء، ولو أنه كان عليّ أن أنجز هذه المهام في شعبان وقبل دخول رمضان.
آية التي تحب أن تشارك أمها في الكثير من الأعمال تجتهد بعد انتهاء الإفطار بأن تنجز مع أمها أمور تنظيف المطبخ بسرعة، ثم تذهب بصحبة جارتها إلى المسجد لأداء صلاة التراويح، وبعد ذلك تسارع للمنزل لنوم قليلا، وبعد منتصف الليل يحين وقت جميل لآية مع القرآن الكريم.
تقول :" أقرأ القرآن، ثم أقوم لصلاة ركعتين بخشوع، وأمسك المصحف للقراءة ثم بعد ذلك أريح نفسي قليلا بالتسبيح والاستغفار والصلاة على النبي عليه أفضل الصلاة والسلام".
من أهم ما يسعد الأخت آية: الركعتين الأخيرتين لها قبل الوتر، تقول آية :"أصلي ركعتين بقراءة خفيفة قبل الوتر وأجتهد بالدعاء في السجود .. هنا ملاذي ورجائي لله الكريم أن يجعلني من عباده الصالحين ويعطيني من خيري الدنيا والآخرة".
وسائل متعددة
الفتاة هناء - 25 عاما - لها برنامج يشابه كثيرا برنامج آية، لكن هذه الفتاة التي حلمت قبل أيام أنها في المسجد الحرام تحاول أن تغالب النوم لو بضعة أيام لتتواجد في مصلاها حتى وقت الشروق فهذا الآن ما تطمح إليه.
تقول هناء: "من الصعب خروجنا لأداء العمرة في رمضان، ولكن الرسول عليه أفضل الصلاة والسلام قدم لنا كنزا كبيرا في حديثه أن من يواصل صلاة الفجر بالذكر حتى تطلع الشمس ثم يصلي ركعتين يحصل على أجر العمرة التامة".
وتضيف هناء: "أتكاسل أحيانا لكني سرعان ما أذهب للإنترنت وأبحث فيه عن الخطب والدروس الدينية لتكون هي دافعا لي وتمنحني أفكارا جديدة".
لا تقتصر الفتاة هناء ما تقرره على نفسها، فهي أيضا حريصة على الصلاة بأمها وشقيقاتها في المنزل كما تصلي معهن زوجات إخوانها اللواتي يقطن الطابق العلوي.
وتحب هناء أن تؤدي واجبا تجاه أبناء أشقائها الصغار فهي توفر لهم ساعة يوميا من وقتها لتحفيظهم القرآن الكريم وهي تسعد بإنجازاتهم كثيراً في هذا الأمر، تقول هناء: "يجب أن نربي الصغار على أهمية وزيادة العبادات في رمضان؛ حتى يكبروا وهم يؤمنون أنه شهر الطاعة والعبادة وليس شهر عاديا".
وتوصي هناء الفتيات والسيدات بأن يجعل يومهن منذ البداية خالصا لله، من صيام وقيام وعبادة وطهي ورعاية أطفال، وأن تكون نيتهم خالصة لله وبقصد التشجيع على العبادات.
كنز من يفوز به؟
الداعية أم دعاء عمّار، المصرية الأصل والمتزوجة من فلسطيني بغزة، تجتهد كثيرا في دروسها الدعوية الرمضانية لحث النساء على اغتنام كل الوقت والجهد في الشهر الفضيل.
وتوصي أم دعاء الفتيات بضرورة إحسان تنظيم أوقاتهنّ، وترتيب أولوياتهن للفوز بفضل العشر الأواخر، وفضل الشهر الكريم، وتشير أم دعاء إلى عدة أوجه تمكّن المرأة عموماً والفتاة المسلمة من الفوز بالعشر الأواخر من رمضان، أولها: التدبر بمعاني آيات القرآن الكريم.
لافتة إلى أن من تتدبر في معاني آيات القرآن لن تشعل خلافاً بينها وبين أحد، سواء داخل أسرتها أو في علاقاتها الاجتماعية، بل ستحرص على التزام الخلق الطيب والصبر الجميل والعفو والتسامح.
وأضافت: "عليها أيضاً الانشغال بذكر الله سبحانه وتعالى، وإشغال أفراده في الذكر، خاصة الأطفال والذين كثيراً ما تشكو المرأة أنها لا تستطيع الذكر أو تلاوة القرآن لانشغالها بتلبية احتياجات صغارها التي لا تنتهي". تقول أم دعاء :"إن المرأة المسلمة الحريصة على الثواب والأجر تعود أطفالها على الذكر والتسبيح والقرآن في شهر رمضان، فبينما تنهي أحد أعمالها المنزلية تطلب من ابنها أن يعد لها على المسبحة بينما هي تذكر الله تكبر حيناً وتهلل حيناً آخر وتحمده وتسبحه أحياناً أخرى".
وأضافت أم عمار: "أن ذلك سيجعل الطفل يفقه إلى فضل الوقت في التلاوة والتسبيح والتقرب إلى الله في الطاعات، فيعمد إلى إعانته أمه على ذلك ليفوز وإياها بالفرحة الكبرى برضا الله وجنته في الآخرة.
وبيَّنت أن التعاون على الطاعة بين النساء وسيلة أخرى خاصة في العشر الأواخر، فمثلاً من تردن الاعتكاف في المسجد من الأقارب يتوافقن فيما بينهنَّ على ساعات محددة في أول الليل وأوسطه وآخره تعمد في كل فترة واحدة منهن على رعاية الصغار في منزل إحداهنَّ بدلاً من اصطحابهن إلى المسجد، خاصة الصغار الرضع وما أن تنتهي الفترة حتى تبدل مع أختها، وبذلك تحقق الطاعة لله، وكذلك التعبد له بالصلاة وتلاوة القرآن، أيضاً يمكنها الفوز بالعشر الأواخر في حث الأطفال الصغار على الفوز بالعشر الأواخر، بأن ترغبهم في حفظ بعض سور القرآن الكريم خاصة القصيرة، وتعودهم على الذكر والتسبيح في كل وقت، وترشدهم إلى أسباب السكينة والاطمئنان في بيوت الله سبحانه وتعالى، وأن تنقل خبراتها إليهم فلو كل أم وفتاة وجدة عكفت في الأيام العشرة على تحفيظ صغارها القرآن؛ فإن في ذلك طاعة وقرب إلى الله سبحانه وتعالى، وأكدت أن ذلك لا يكون إلا بتنظيم الوقت وتقسيمه على الطاعات والعبادات.
مشيرة أن الاعتكاف في المسجد لن يفيدها إن ضاع منها الأبناء، وضاعت منها الأسرة كاملة، عليها في فترة اعتكاف الزوج أن تكون متفرغة لإعداد المنزل بشكل كامل؛ لاستقبال الزوج والعيد واستقبال الفرحة في بقية العام.
الزمان حياة الإنسان
وبيَّنت الداعية أم دعاء أن قسم الله سبحانه وتعالي بالوقت في أكثر من موقع في قوله تعالى"والعصر" وقوله "والفجر وليال عشر" وغيرها دليل على عظمة الوقت مشددة على ضرورة أن تحافظ المرأة عامة على الاستفادة من وقتها بساعاته ودقائقه التي تمر بها سواء في شهر رمضان أو غيره لتجد الخير عند الله سبحانه وتعالى، ويكون لها زاداً في الآخرة مشيرة إلى أن الله سبحان وتعالى جعل كل يوم ودقيقة في شهر رمضان له جزاء وأجر وثواب من عنده داعية المرأة المسلمة إلى تجهيز جدولها الإيماني للشهر الكريم ما بين عبادة وصلاة وقيام وذكر وتسبيح وكذلك اهتمام بشؤون أسرتها والسهر على راحتها لما في ذلك من طاعة وقربى لله عز وجل مؤكدة أن ذلك الجدول يضعها على قائمة الفوز بفضائل الشهر الكريم.
من ناحية أخرى أشارت أم دعاء أن الفوز بالعشرة الأواخر من رمضان لا يكون بالعبادة والصلاة فقط بل أيضاً بتحري طاعة الله في كل أمر من أوامر الحياة، ومنها على حد تعبيرها طاعة الله بزيارة الأقارب والأرحام وطاعتها لله سبحانه وتعالى بالتودد والقرب من زوجها، وكذلك بإشاعة روح الألفة والود مع الأبناء وتحملها ما ينتج من صعاب، مؤكدة أن ذلك يوصلها إلى طاعة كبرى في كيفية تحصيل الفرحة الكبرى بالفوز في نهاية الشهر.
وتنصح أم دعاء المرأة أن تعمد إلى شراء الملابس الجديدة واحتياجات العيد قبل بداية رمضان، ولا تتركها للأيام العشرة الأخيرة فتذهب فضائل العشر الأواخر في التسوق وتأمين احتياجات الأسرة في العيد، مؤكدة أن ذلك لن يمنعها من الشعور بفرحة العيد والاستعداد له لأن فرحة الطاعة والتقرب إلى الله والفوز بمرضاته أكبر وأعمق من أي فرحة.
العشر الأواخر.. غنيمة الفتيات للفوز بالشهر الفضيل!
- التفاصيل