إيمان مرزوق -
«بف».. «كوكو» و«أبو نفخة» هي من تسميات موضة غطاء الرأس التي اكتسحت أدمغة الصبايا في الآونة الأخيرة لتُحيل رؤوسهن إلى مستودع بما تتفنن به من حشوات تُزجُّ بازدحام مُحكم فوق رؤوسهن.. علب لبن بأحجام متعددة, «رولات» محارم, ورق جرائد, شالات مبرومة, و«بُكل» شعر عملاقة, وقصص تثير في النفس خليطا من العجب والحزن والأسف والضحك من شر البلية!
الرأي الشبابي رصد هذه الظاهرة واستبان الحكم الشرعي من دائرة الإفتاء العام.
الرجال يرفضون بالإجماع
إيهاب البشيتي صاحب محل لبيع الحجابات أفاد بأنه لا يجد في هذه الموضة وهذا الشكل التي تظهر فيه الصبايا المحجبات شيئا جميلا على الإطلاق مضيفا: إنه يتنافى مع قيمة الحجاب لأنه يلفت الانتباه, وعلاوة على ذلك ما يتم لبسه من الجينز الضيق والقصير, والغرة التي يظهرنها.. والماكياج الصارخ, لانه نوع من التبرج أما عن الحشوات فحدث ولا حرج.
وقال: البعض يستعمل الورد أو «بكل» الشعر العملاقة, وأحيانا ورق الجرايد وعلب اللبن! وأنا كصاحب محل أحاول أن أقنع الفتيات بطريقة غير مباشرة أن الحجاب يكون أجمل بدون هذه المبالغة, وأتقصد شراء «الوردات» صغيرة الحجم, إلا أنهن, لا يقتنعن ويطلبن دائما أكبر الأحجام حتى يرفعن بها شعورهن, بشكل خارج عن المألوف, وفي العموم لا يوجد أجمل من الشكل الطبيعي الذي خلقنا الله عليه.
محمد عباس شاب يعتقد أنها ظاهرة بشعة, والحجاب البسيط يظهرالفتاة أجمل وأركز بحسب تعبيره.
خالد أبو غوش, صاحب محل, وصف هذه الظاهرة بأنها بشعة ودخيلة على الدين.
الشاب ريان أبو كويك وصف مظهر الفتيات اللواتي يتبعن هذه «التقليعة» بأنه غير منطقي ويخلو من التناسق الرباني الذي خلقه الله!
وأضاف:أعرف أن هذا الحجاب منهي عنه بحديث شريف, لكن هذا الجيل اللي براسهم ما بغيروه.
مراد مقبل مندوب مبيعات أجاب باختصار: «شيء ملفت للانتباه بطريقة صادمة تؤذي النظر, والحجاب هدفه الستر وليس لفت الانتباه.
أحد الشباب أجاب أن هذه الموضة صديقة للبيئة! فبدل رمي الأشياء غير النافعة بالإمكان حشوها في رؤوس البنات بدل أن يشترين حشوات صناعية!
الفتيات.. بين التأييد والرفض
هيا عربلي طالبة جامعية محجبة في السنة الأولى قالت: لا أعرف لماذا تتبع الفتيات هذه الموضة, بالنسبة لي مستحيل أن أفعلها, ومنظر الفتاة يكون منفراً.. وكأنها تحمل فوق رأسها طنجرة!
وأضافت: عندما كنا في المدرسة كانت المديرة تفتش البنات وتقوم بجمع «البكل» وحرقها فيما بعد, وكانت المعلمات يحاولن جاهدات إقناعهن أن الحجاب البسيط أجمل, ولكن بدون فائدة, تقليد أعمى بدون تفكير للموضة.
وفاء العقايلة طالبة جامعية أخبرتنا بقصة غريبة ومضحكة بقولها: «تعمل خالتي معلمة, وقبل سنتين وأمام ناظري أوقفت طالبة نافخة رأسها وعندما «خبطتها» على الحشوة سال اللبن من رأسها! فالطالبة كانت تضع علبة لبن مليانة!».
تهاني الحاج سنة أولى إرشاد وصحة نفسية أعربت عن رفضها لهذه الموضة متسائلة: لا أعرف لماذا يفعلن ذلك! أحاول إقناعهن بأن ما يفعلنه حرام ولا يجوز ونهى عنه النبي وشبهه بأسنمة البخت ولكن دون فائدة, حتى أن بعض الفتيات يستخدمن طقم الصلاة كحشوة يتم لفها تحت الحجاب!.
نور إبراهيم طالبة في الصف الثامن روت لنا هذه القصة: «تقوم مديرة المدرسة دائما بتفقد الطالبات في الطابور والصفوف لأن حجاب النفخ ممنوع, ورغم ذلك البنات يتجاهلن الأمر, وفي يوم من الأيام في الطابور الصباحي نادت المديرة من المنصة على طالبة نافخة الحجاب, وحاولت أن تسحب الشالات التي كانت تحشو بها رأسها تحت الحجاب إلا أنها لم تستطيع ذلك لأن البنت كانت تثبت الحشوات بإحكام فقامت المديرة بربطها بحديد المنصة عقابا لها!».
فرح محاسنة سنة ثالثة تخصص صيدلة ترى أن الحجاب للسترة وليس للفت الانتباه وأن ما تفعله بعض الفتيات من إظهار الغرة والأقراط والرقبة تشويه وإهانة للحجاب, أما النفخ فيشعرها «أن للبنت رأس فوق رأسها».
وعن نوع الحشوات التي يتم استخدامها أجابت هناك من يستعملن الوردات أو الحشوات الصناعية التي تستعمل في الصالونات.
هديل حياصات سنة ثانية تخصص رياضيات تضع حجاب «أبو نفخة» وعندما سألناها عن السبب أجابت:
«بدأت بنفخ الحجاب منذ 6 أشهر, أجده أجمل على وجهي, سمعت عن الحديث النبوي الذي ينهى عنه, لكني تعودت على الحجاب بهذه الطريقة, وأحس أن شكلي بدونه غير جميل, كل صديقاتي يجدنه جميلا إلا أهلي, ولكن كل ممنوع مرغوب».
بعض الصبايا ممن استخدمن الحشوات أبدين رأيهن ولكن فضلن التحفظ على أسمائهن:
«كنت زمان أضع حشوات أكبر بكثير من الآن, ولكني بعد أن عرفت الحديث الشريف بدأت بالتخفيف شيئا فشيئا, لا يهمني أن يعجب الشباب أو أنا لا أضعه هكذا لأنه يعجبني وأراه جذابا».
فتاة أخرى قالت «منذ سنتين وأنا أضع الحجاب بنفخة يعجبني الموديل, لكن أمي دائما تعترض على الموضوع وتحاول إقناعي أنه حرام وأنه ليس جميلا, لكني تعودت عليه, وإذا لم أنفخه هكذا أشعر أن شكلي غير طبيعي! صديقتي تنفخ الحجاب ببكلة وثلاث شالات مبرومة تحت الشال الأساسي».
وعندما أخبرناها أن جميع الشباب الذين تم استطلاع رأيهم رفضوا الفكرة ووصفوها بالبشاعة أجابت مع رفيقاتها باستنكار واضح «إنهم يحبون هذه الموضة ويرونها جميلة وملفتة, لكنهم يمنعون أخواتهم من وضعها لأنها جميلة جدا! وتعليقاتهم تفضح رأيهم الحقيقي!».
ومن القصص الطريفة أن إحدى الفتيات تعرضت لحادث دهس وعندما قدم المسعفون لإنقاذها وتفحص رأسها أصيبوا بالصدمة بما كانت تخفيه الفتاة من علب لبن في رأسها بإحكام!
حكم الشرع
وللبت في هذه الظاهرة حصل الملحق على فتوى من دائرة الإفتاء العام نصها:
«لا ينبغي للمرأة المحجبة أن ترفع شعر رأسها تحت حجابها على سبيل الزينة؛ لأن الأصل في زي المسلمة ألا يكون ملفتا للأنظار، ولا مماثلا لزي المذمومات من النساء اللاتي وصفهن النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: «... ونساء كاسيات عاريات مميلات مائلات رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا» رواه مسلم.
ومعنى «رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة»: أي يكبرنها ويعظمنها.
غطاء رؤوس فتيات.. خروج على المألوف
- التفاصيل