هبة فتحي/لها اون لاين
مع تكرار موسم الامتحانات في كل فصل دراسي، يتجدد القلق والتوتر لدى الطلبة خاصة المقصرين في الاستعداد لها مبكراً، فتجدهم يعمدون إلى الاستعداد لها قبل وقت غير مناسب، فيخيب رجائهم ولا تفيدهم لحظات الاستنفار التي يعلنوها في وقتٍ متأخر.
بينما فريقٌ آخر يجد في تكرار موسم الامتحانات فرصة ذهبية للمراجعة وتثبيت المعلومات التي نهلها من مدرسيه على مدار خمسة عشر أسبوعاً دراسياً هي مدة الفصل الدراسي الواحد للعام الدراسي، فيجنون ثمرة المجهود وحصيلة الاجتهاد في التحضير والتقويم المستمر لأنفسهم عبر حل نماذج تدريبية لكل درس أو وحدة دراسية.
"لها أون لاين" تحاور في سياق الحوار التالي التربوي الفلسطيني د. داوود حلس لتكشف عن أسرار النجاح في الامتحانات وأسس الاستعداد لها من قبل الأسرة والمعلم والطالب. يؤكد التربوي الفلسطيني د. داوود حلس أن الامتحانات جزء لا يتجزأ من الاستعداد الدراسي للطالب منذ بداية العام أو الفصل الدراسي الأول، قائلاً: "الاستعداد للاختبارات لا يكون مطلقاً مع بدايتها، فلا بد أن يكون منذ اليوم الأول للعام الدراسي حتى يؤتي نتائجه وثماره الطيبة بالنجاح والتفوق"، داعياً المدارس والمؤسسات التعليمية لاتباع أسلوب التقويم المستمر وعدم الاعتماد على الامتحان التحريري، سواء في نصف الفصل الدراسي أو نهايته لتقييم الطالب، والسبب برأيه أن الاعتماد على تقويم وفقاً للامتحان التحريري فقط لا يمكن من الوصول إلى نسبة النجاح المطلوبة.
واقترح د. حلس ضرورة اعتماد الاختبارات الشفهية كأسلوب من أساليب التقويم، مؤكداً على ضرورة اتباعها في كافة المناهج الدراسية، ولا تقتصر على القرآن الكريم فقط كما هو حاصل في المدارس، متمنياً على المدرسين أن يعقدوا الاختبارات الشفهية لطلابهم في دروس المطالعة ودروس النصوص الأدبية وغيرها.  مؤكداً أن ذلك يقوي من شخصية الطالب وفق تدريبه على مواقف تعليمية، وبيَّن أن اعتماد المؤسسات التعليمية الحكومية والخاصة في الامتحانات على الحفظ في جُلها دونما الاعتماد على أسلوب عملي أدائي تطبيقي"باستثناء الصفوف الأولية التي يتم فيها تزويد الطالب بصحائف الأعمال عن كل وحدة دراسية كونه لا يفقه معنى الامتحان مع بداية دخوله المدرسة" من شأنه أن يضعف أداء الطالب في التحصيل.

وأشار د. حلس أن عدم اهتمام الأسرة بتهيئة الطالب للامتحان عبر المتابعة اليومية للدروس، من شأنه أن يربط عملية استعداده للامتحان بوجوده وليس بوجود مادة دراسية يتلقاها كل يوم، وبحاجة إلى مراجعة وتطبيق عملي من أجل أن ترسخ ويعمد إلى محاولة استذكارها وتثبيتها في وقت خوض الامتحان المرحلي، سواء نصف الفصل أو نهايته، مناشداً وزارة التربية والتعليم باعتماد التقويم المستمر للطالب، فلا ينتقل الطالب من وحدة دراسية إلى أخرى إلا بعد اجتياز التقويم الخاص بها، مشدداً على أن ذلك التقويم يربط الأسرة والمدرسة والطالب في عملية تكاملية.

أسرار النجاح في الامتحانات

وفي سياق متصل شدد د. حلس على أن النجاح لا يأتي على طبق من ذهب للطالب دونما استعداد.  لافتاً إلى أن أحد أهم أسرار النجاح هو المثابرة والجد ووضع الطالب نصب عينيه مسألة النجاح المحقق، مؤكداً أن ذلك لا يتم إلا مع بداية العام الدراسي فيعتمد الطالب على أسلوب المراجعة الأولية لكل درس، والتقويم المستمر لكل وحدة دراسية، وأشار إلى أن استشعار الطالب أن يوم غد هو الامتحان يمنحه الدافعية لإنجاز الدروس أولاً بأول، ليكون على أهبة الاستعداد، وشدد حلس أن الأسرة تلعب دوراً كبيراً وهاماً في تحقيق هدف التفوق للطالب من خلال متابعتها له أولاً بأول، وعدم إهماله إلى حين وقت الامتحان فتبدأ بحالة الاستنفار وتعمد إلى مراجعة 15 أسبوعاً دراسياً في ساعة واحدة. مؤكداً أن ذلك الأسلوب يؤدي حتماً إلى الإخفاق، وأضاف أن المدرسة تلعب دوراً آخر في استعداد الطالب للامتحان، من خلال التغذية الراجعة والمستمرة للدروس التعليمية وعدم الانتقال إلى دروس جديدة إلا بعد التأكد من فهم الطالب الدرس وتقويمه عليه شفهياً وتحريرياً.
ويعدد د. حلس أسرار النجاح مؤكداً أن أهمها:
1-     تمرس حل الأسئلة التي وردت في الامتحانات السابقة، أو التي يواجهها لدى دراسته للمقرَّر.
2-     إيجاد جدول زمني قائم على التوازن في مراجعة كافة المواد الدراسية.
3-    اتباع أسلوب المراجعة التعاونية، مؤكداً أنها تحقق عملية التفاعل بين الطالب وزملائه ومن خلالها يستطيع الطالب تحديد مستواه والعمل على شحذ همته لاستزادة من أجل التفوق والتميز.
4-    وشدد الدكتور حلس أن عملية استرجاع المعلومات بدايةً من العقل وربط القواعد والقوانين وفق المنطق ثم مقارنتها بالموجود في الكتب الدراسية سر آخر من أسرار النجاح.

الاستعداد النفسي والصحي

ويوضح د. حلس على ضرورة اهتمام الأسرة بتهيئة الطفل للامتحانات نفسياً وصحياً، لافتاً إلى أن إشاعة المودة والألفة في جو الأسرة، وبين الأبوين بالإضافة إلى حالة التشجيع المستمر للطفل وتلبية احتياجاته النفسية، بالإضافة إلى الاهتمام بأسلوب وطريقة التغذية لها دور كبير في إنجاز الطفل، داعياً الأمهات إلى ضرورة الاهتمام بتقديم وجبات غذائية متكاملة للطفل قبل ولوجه لقاعة الامتحان؛ لأنها تساعده على التركيز، وتمنحه شعورا نفسيا جيدا يدفعه إلى التحصيل ليكون على قدر الثقة، وشدد على ضرورة تهيئة المناخ الأسري ومنح الطالب الأمان النفسي بعيداً عن المشاجرات والخلافات التي قد تشتت تركيزه وانتباهه، قائلاً: "الطالب قبل دخوله الامتحانات؛ لا بد له أن يستعدَّ عقليّاً ونفسيّاً وجسميّاً لها ليؤديها على أكمل وجه".

معيقات
وتحدث د. حلس عن عدم متابعة الأولاد منذ بداية العام الدراسي كأحد أهم المعيقات التي تحول بين الطالب وبين اجتياز الامتحانات، قائلاً: "لا يمكن للطالب متابعة 20 درسا في يوم واحد، هو اليوم الذي يسبق الامتحان" داعياً إلى ضرورة الاهتمام بعملية التقويم المستمر للطالب، سواء من خلال المدرسة أو من خلال الأسرة، وقال: "إن احتدام الصراع في الأسرة وافتقاد مشاعر الأمان والاستقرار النفسي" من شأنه أن يعيق الطالب عن اجتياز الامتحانات بنجاح تام، بالإضافة إلى أجواء الحرب وما تخلفه من اضطرابات سلوكية وانفعالية على نفسية الطلبة وشعورهم بالحرمان، سواء الاقتصادي أو النفسي بافتقاد أحد الوالدين من شأنه أن يعيق الطالب عن اجتياز مرحلة الامتحانات بالصورة الكاملة.
من جهة أخرى شدد د. حلس على أن عدم تكامل العملية التعليمية بين التلميذ والمعلم والأسرة، يعد عائقاً أمام اجتياز الامتحانات، قائلاً: "المعلم يقع عليه دور كبير، فإذا كان صالحاً قادراً على أن يوصل المعلومات بطريقة علمية وإنسانية راقية لا شك أنه سيدعم اجتياز الطالب ليس مرحلة الامتحانات فقط، وإنما المرحلة الدراسية بأكملها بمزيد من التألق والنجاح".

وأضاف أن أحد معيقات النجاح أيضاً تكنولوجيا العصر، وما عمدت إليه تلك الوسائل سواء التلفزيون أو الإنترنت من انصراف الطلبة عن الدراسة إلى حالة اللهو، داعياً الطلاب إلى ضرورة تقنين أوقات ممارستهم للتكنولوجيا ليس في فترة الامتحانات، وإنما في كل وقت والعمل على تحديد منهجية سليمة للتعامل معها، بما يفيد في توسيع المدارك والأفق الثقافي للطالب بعيداً عن إضاعة الوقت.

JoomShaper