د. كميل موسى فرام *
الابتسامة إحدى لغات الجسد وتمثل عنوانا للنجاح والتفوق والسعاد والتميز ووسيلة من وسائل الاتصال غير اللفظي لدى الانسان، فالابتسامة سلاح قوي وفعال يستخدمه الإنسان منذ طفولته للاقتراب والتودد للآخرين، وربما تمثل العلاج الشافي لكثير من أمراضنا وأحزاننا، فالطفل يتعلمها بعد ولادته وهي الحركة الأولى التي تحفر بذاكرة الأهل عند سرد تاريخ الأبناء.
يمكن القول إن الابتسامة هي واحدة من أهم العناصر في لغة البشر على إختلاف أجناسهم وهي الحركة الوحيدة التي تملك نفس المعنى عبر سنوات التاريخ البشري، فالابتسامة الصادقة والصادرة من القلب عنوان على الجبين لن يختلف الفقهاء بتفسيرها، ولا تكلف شيئا أو جهدا ولكنها تعني الكثير لمطلقها ومستقبلها وتفسر بدفء الشخصية التي تؤمن بالغد الجميل. يؤكد خبراء الأحاسيس الإنسانية أن الشخص الذي يبتسم كثيراً يكون له تأثير إيجابي في الآخرين أكثر من الشخص الذي يبدو وجهه جاداً دائماً، لذلك يعتبر المبتسمون أناساً دافئين وودودين، فمن ينشد الأمن بمناخ الحياة عليه التسلح بابتسامة معبرة كجزء مقدر من الشخصية لأنها اللغة الوحيدة والكفيلة بالوصول للقلوب والعقول بدون استئذان.
ابتسامة الطالب المتفوق هي شكل من أشكال النجاح المطلق الذي يدرك أن التكريم والتقدير هما الثمرة التي تقطف كتقدير لجهود الدراسة والتحصيل فتطلق الابتسامة من القلب والعقل نراها فرحة على الوجه ونعيشها نشاطا بجميع مفاصل الحياة، وهي شعور تعبيري ينطلق ويرسم بشكل تلقائي ونعمة قد منحها الخالق لجميع البشر بالتساوي بالرغم أن البعض يبخل بها لجهل بفعلها وقيمتها، أو يؤمن بتأجيلها لمناسبة قادمة خوفا من نفاد رصيدها بتوقيت مبكر.
ابتسامة الطالب المتفوق تبشر بشخصية قيادية سلسلة بالمستقبل، وتحتاج لرعاية بتشجيع أصحابها ومكافأتهم على خطوات النجاح لأنها شكل من أشكال التعبير عن المضمون الحقيقي وهي لا تتقاطع أو تتنافر مع أركان الشخصية الأخرى كما أنها لا تمثل البديل أو الصورة الأخرى لفقر أو نقص بمثالية النشاط الدماغي، بل هي مكون رئيس لعناصر الاكتمال وإضافة تقديرية لمن يحسن استخدامها ويؤمن بفعلها السحري.
التفوق محصلة لجهد متواصل ومتراكم ونشاط دؤوب يبدأ مشواره منذ اليوم الأول بالعام الدراسي وهذا الجهد يجب أن يترجم باحترام وتقدير ليكون دافعا للاستمرار ومحفزا للآخرين، فالحصول على المعدل العالي يفرض لصاحبه مزيدا من التقدير لأنه يترجم جهد الادراك باحترام الزمن والدرس، فالتفوق لا يمكن أن يولد من رحم الصدفة لأنه يترجم واقع نمط السلوك الفرد.
ابتسامة الطالب المتفوق ليست صورة للعيون ترسم بتملق بل ترجمة لمهارات القلب وتحتاج لفن التعبير والاستقبال لضمان الترجمة بالمعنى المقصود، فلغة العيون أصدق بالمعنى من لغة اللسان وحروفها رحيق يطمئن القلوب لمستقبل مضمون بعيدا عن إرث الاعتماد على أمجاد نفذت صلاحيتها، فمن عيون التفوق تتحرك المشاعر التي تمطر سعادة على الأهل والمجتمع.
ابتسامة الطالب المتفوق ضيف مرحب به من قبل الأهل والمدرسة والعائلة ليسكن القلوب بمحبة وترحاب بدون استئذان، تنسج حروفها برموش العيون وتحرس بكحلها، يغذيها شريان من غدير الدمع ليحافظ على رطوبتها ونظارتها، وهي أمنية الديمومة المتبادلة بين الطالب والأهل، لأنها ضمانة لامتلاك أسهم السعادة والنجاح والتميز على مر الأيام والسنين.

*أستاذ مشارك/ كلية الطب- الجامعة الأردني

JoomShaper