سحر شعير
هل تعرفين من هي أمك؟
خلق الله تعالى الأم منبعاً للرحمة، و العطف، والحنان على أولادها، ومصدراً للعطاء المستمر الذي لا تنتظر معه أي مقابل من الأبناء.
و أمك مهما تلفظت من قول أو فعلت من فعل؛ فإنما هي بشر، ولكن أكثر البشر حباً لكِ.
هدفها الأول سعادتك وصلاح أمرك، فهي تريد أن تكوني أحسن الفتيات خلقاً وعلماً ومهارة، وليس هناك من يماثلها في صدق مشاعرها تجاه أبنائها.
لذلك كان رضا الله تعالى مرتبطاً برضاها عن ولدها، عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: قال صلى الله عليه وسلم: "رضا الرب في رضا الوالدين وسخطه في سخطهما "(1) أي غضبهما الذي لا يخالف شرع الله تعالى.
فإن سألتِ: ما وجه تعلق رضى اللّه عن الابن برضى الوالد؟
فالجواب: إن الله تعالى اقتضت حكمته وعدله أن يكون "الجزاء من جنس العمل"، فلما قام الابن بإرضاء من أمره اللّهُ بإرضائه؛ رضي اللّه عنه، وعجّل له الجزاء الحسن في الدنيا قبل الآخرة.  وهو كذلك من قبيل لا يشكر اللّه من لا يشكر الناس، قال تعالى:"أن اشكر ولوالديك إليّ المصير" سورة لقمان:14.
فبرّ الوالدين خاصة الأم: يعد من شكر الله تعالى لأنهما السبب المباشر لتوصيل الكثير من نعم الله تعالى للأبناء خاصة في صغرهم؛ حيث يعجزون عن القيام بشأن أنفسهم، فكان شكر الوالدين بالبر من شكر الله تعالى(2).
ولكن في أرض الواقع لا نجد العلاقة بين الأم وابنتها دائماً على ما يرام، وكثيراً ما نجد سحب الخلاف والمشاحنات تغيم في سمائها. فلماذا؟
و ما هي السبل التي تصل بالفتاة إلى الصورة الطبيعية لعلاقتها بأقرب وأحب الناس إليها ..أمها الغالية؟
ابحثي عن الأسباب التي تزعج الأم من ابنتها؟
1-    العنـــاد:
ونقصد به أن تتعمد الفتاة مخالفة أمها في الرأي والتصرفات، لا لشيء إلا لتثبت لنفسها ولمن حولها أنها فتاة ناضجة وذات شخصية مستقلة.
2-    الانتقاد:
من الفتيات من تحب النقد رغبة في نصح الغير، ومنهن من توجّه النقد اللاذع لمن حولها دون مراعاة لشعورهم، مثل: أخواتها، أو بعض أفراد العائلة، أو للأم نفسها، ثائرةً على كل ما هو قديم من مفاهيم وأساليب في الحياة، وكأنها بذلك تضع الأم في قفص الاتهام وتسبب لها الضيق والحرج.
3-    كتمان أمورها عن الأم:
تحب الفتاة في هذه المرحلة أن يعرف الجميع أن لها خصوصيتها، واستقلاليتها، وأنه لا يحق لأحد التدخل فيها ولا أمها! وهذا هو ما يثير ضيق الأم  وخوفها على ابنتها يحتم عليها أن تكون قريبة منها، وأن تتعرف على صديقاتها، ولكن الفتاة تعتبر ذلك تطفلا من أمها وتدخل في شؤونها الخاصة.
4-    الاستفزاز:
تلجأ الفتاة إلى استفزاز أمها، وإثارة المشكلات؛ لإحداث ثورة غضب ضدها، مما يحزن الأم، لأن تكرار هذه المواقف يجعل العلاقة بين الأم وابنتها مشحوناً في معظم الأوقات.
5- السلبية وعدم التعاون:
الأسرة السعيدة هي التي يسود التعاون المشترك بين أفرادها، ولكن بعض الفتيات تتخذ موقفاً سلبياً من المشاركة في أعمال المنزل، خاصة إذا تعلقت بالأشقاء الذكور؛ لأن ذلك التعاون وتلك المشاركة من وجهة نظرها تعتبر نوعاً من أنواع الخضوع الذي لا تقبله، وهذه السلبية بالطبع تخلق جوا متوتراً بين الأم وابنتها.
8- الغذاء الصحي:
كثيراً ما يكون للفتاة اتجاهات غير سليمة نحو غذائها، ما بين الإكثار من تناول  الوجبات الجاهزة، والمشروبات الغازية والشيكولاته، أو الشغف بتطبيق وصفات الحمية المتنوعة، والتي لا تنتظم تحت إشراف طبي يجعلها مناسبة لمرحلة النمو التي تمر بها الفتاة، غير مكترثة بقلق أمها وخوفها على صحتها.
9- العصبيــــة:
يزعج الكثير من الأمهات العصبية الزائدة في ابنتها، فترى ابنتها تنفجر غاضبة كالإعصار المدمر إزاء أي احتكاك بينها وبين اخوتها، وكذلك إذا ضايقها شيء خارج المنزل؛ يكون بمثابة كارثة لديها، فمن الصعب عليها أن تتحكم في نوبات الغضب أو المواقف الاستفزازية.
10 - إضاعة وقت الفراغ:
تقضي الفتاة أوقات طويلة أمام التلفاز لمتابعة ومشاهدة مواد غير هادفة، مع عدم استجابتها لتوجيهات والديها بهذا الشأن، مما يسبب الضيق الشديد لأمها(3).
والآن.. وبعد أن وقفت على أهم ما يضايق الأم  من ابنتها الغالية، ويؤدي إلى توتر العلاقة بينهما، عليك أن تبدئي عهداً جديداً مع أقرب الناس وأعظمهم حباً لكِ، فالأم وإن كان الأصل في فطرتها العطاء المستمر لأبنائها، إلا أنها تحتاج أن تشعر بعطائك لها:

ابدئي وبرّيها أنتِ أولاً:
ابدئيها بالكلمة الطيبة والعبارات المحببة إلى أمك مثل "حبيبتي أمي"، وغير ذلك من العبارات التي تفتح قلب أمك وترضيها عنك.
اجعلي لها نصيبا من دعاباتك ومرحك وابتسامتك الجميلة.
امنحيها قبلة الصباح قبل خروجك إلى مدرستك، واسأليها في ود :هل أنت راضية عني يا أمي؟ ولا تنسي فعل ذلك في المساء قبل خلودك للنوم.
تذكريها بهدية ولو صغيرة مثلما تتذكرين صديقاتك.
استخدمي عبارات الاحترام عندما تخاطبينها مث:  لو سمحت يا أمي- إذا لم يكن عندك مانع- تفضلي
فأمك يجب أن تميزيها عند حديثك معها بالمزيد من التقدير والاحترام وخفض الصوت وعدم الجدال، فاحترام الأم في الخطاب ولهجة الحديث معها من صميم برّها، قال تعالى: "فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا"سورة الإسراء.
ومهما اختلفت معها فلا ترفعي صوتك عليها، وتذكري قوله تعالى:  "وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا"  سورة الإسراء.

لا تتنازلي عن صداقتها:
أمك هي أوفى الصديقات وأكثر شخص يحبك، مهما بدا لك غير ذلك في لحظات الانفعال خوفاً عليك وحرصاً على ما ينفعك، فاقتربي منها وبوحي لها بأسرارك وأحلامك ومشاعرك، وهي خير من يقدم لك المشورة، فمعها كنز التجارب والخبرات التي توفر عليك خوض تجارب الحياة ومشاكلها.

شاركيها وخففي عنها الأعباء:
فمشاركتك لها وإفصاحك عن رغبتك في تخفيف الأعباء عنها، يسعدها كثيراً ويشعرها أنك قريبة منها وتقدرين مجهوداتها من أجلكم.

دلّليها أثناء مرضها:
ولتجد منك لطفاً زائداً ورعاية.. قدمي لها الدواء في موعده، وقومي بما تستطيعين من أعباء كانت تقوم بها، فإن ذلك يخفف عنها كثيراً، وأسمعيها دعاءك الحار لها بالشفاء والعافية.


ولتهنئي بثمرات البرّ:
أولها: أن تسبقي العالمين دخولاً للجنة:
فالبار من الأبناء يحل أولاً في الجنة قبل أن يدخلها أحد من الناس، كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم، في الحديث الذي ترويه أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها،(كما في السلسلة الصحيحة للألباني) قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" دخلت الجنة فسمعت فيها قراءة، قلت من هذا؟ فقالوا: حارثة بن النعمان) فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " كذلكم البر.. كذلكم البر" وكان أبر الناس بأمه.
الثاني: البرّ صمام أمان في الأزمات:
وضمانة فرج من كل ضيق، تكفّل الله تعالى بها للبارّين من الأبناء بأمهاتهم،
ففي حديث عبد الله بن عمر t (المتفق عليه)، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ أنه قال: "بينما ثلاثة نفر يتمشون أخذهم المطر. فآووا إلى غار في جبل. فانحطت على فم غارهم صخرة من الجبل. فانطبقت عليهم. فقال بعضهم لبعض: انظروا أعمال عملتموها صالحة لله، فادعوا الله تعالى بها، لعل الله يفرجها عنكم. فقال أحدهم: اللهم! إنه كان لي والدان شيخان كبيران. وامرأتي. ولي صبية صغار أرعى عليهم. فإذا أرحت عليهم، حلبت فبدأت بوالديَّ فسقيتهما قبل بنيَّ. وأنه نأى بي ذات يوم الشجر. فلم آت حتى أمسيت فوجدتهما قد ناما. فحلبت كما كنت أحلب. فجئت بالحلاب. فقمت عند رؤوسهما. أكره أن أوقظهما من نومهما. وأكره أن أسقي الصبية قبلهما. والصبية يتضاغون عند قدمي. فلم يزل ذلك دأبي ودأبهم حتى طلع الفجر. فإن كنت تعلم أني فعلت ذلك ابتغاء وجهك، فافرج لنا منه فرجة، نرى منه السماء. ففرج الله منه فرجة. فرأوا منها السماء(4).

الثالث: استجابة الدعاء:
وقد أخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن خير التابعين أويس القرني أنه لو أقسم على الله لأبره؛ وذلك لبرّه بأمه.

الرابع: أن يبرك أبناؤك:
فالجزاء من جنس العمل، فإذا طال العمر بالابنة البارة، ورزقها الله من البنين والبنات، فإن عاقبة برّها لأمها أن يبرها أبناؤها هؤلاء، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :"بروا آباءكم تبركم أبناؤكم"رواه ابن عدي في الضعفاء وضعفه العلماء، ومنهم الألباني.

أرأيت أنّ في رضاها

JoomShaper