حسام حسني عبدالله
يكتسب الطفل ثقافته الخاصة به من المجتمع الذي يعيش فيه، وللثقافة دور كبير في تكوين شخصية الطفل وفي تحديد أنماط سلوكه وفي نموه الحركي والعقلي والانفعالي والاجتماعي، وللأطفال في كل مجتمع مميزات وعادات ومعايير وأساليب خاصة في التعبير ولهم تصرّفات ومواقف وانفعالات وقدرات، أي أن لهم خصائص ثقافية ينفردون بها. وبما أن الثقافة هي صنيعة الإنسان، وبما أن الشخصية لا تتشكّل مع ولادة الطفل بل يكتسبها بفعل تفاعله واتصاله ببيئته، وبما أن الطفولة مرحلة حاسمة في تشكيل شخصية الطفل، حيث يؤكد بعض الباحثين أن السنوات الخمس الأولى من حياة الطفل هي الأكثر خصوبة وأهميّة، التي تنجم عنها ملامح شخصية الطفل، كما أن بعض السمات الثقافية التي تدخل في كيان شخصية الطفل يصعب تغيير بعضها أو يستحيل، لذا تركّز التربية الحديثة على هذه المرحلة لبناء شخصية الطفل بناءً سليماً. ومن الأدوات المهمّة جداً التي تساعد في بناء عقل الطفل وتنمية شخصيته وإثرائها القصة، فالقصة تثير لدى الطفل عواطفه وانفعالاته، إضافة إلى إثارتها العمليات العقلية المعرفية كالإدراك والتخيّل والتفكير، لذا تعدّ أبرز نوع من أنواع أدب الأطفال، وقد لجأ الإنسان منذ القدم إلى القصة كأسلوب أراد به تهذيب الأخلاق، وإشاعة الحكمة بصورة جذابة وأسلوب مؤثر، وعبّر من خلالها عن نظراته إلى جوانب الحياة وإلى الكون وظواهره، بالإضافة إلى كونها نوعاً من أنواع الترفيه والتثقيف. والأطفال شديدو التعلّق بالقصص، وهم يستمعون إليها أو يقرؤونها بشغف، والقصص تنقل الأطفال عبر مختلف الأزمنة والأمكنة، وبتجاوزها الواقع تجعل الطفل أمام وقائع وشخصيات خارج نطاق خبرته، وتهيئ له مساحات رحبة للتخيّل. وقد قسّمت قصص الأطفال إلى أنواع عديدة، منها:
1- الحكايات: وهي سرد قصصي يتناقله الناس، ومنها ما هو شعبي ومنها ما هو خرافي ومنها ما هو تاريخي، وقد تكون منسوبة إلى مؤلّف أو مجهولة النسب، وتغلب على الحكايات سمة البساطة.
2- الخرافات: حكايات يتّضح فيها دور البطل الذي يكابد ويخاطر حتى يستطيع تحقيق هدفه، وتدخل في الخرافات قوى خارقة غير مرئية كالغول والعفاريت والجان والكائنات المسحورة. وتتجه الخرافة اتجاهاً خيّراً، وتنتهي غالباً نهاية سعيدة.
3- قصص البطولة والمغامرة: وهي قصص تنطوي على القوة أو الشجاعة أو الذكاء، ومن هذه القصص ما هو واقعيّ ومنها المتخيّل.
4- قصص الحيوان: هي تلك القصص التي تقوم الحيوانات بدور الشخصيات فيها، ونجد الأطفال يتعلّقون بهذا النوع من القصص، وسبب ذلك ربما يعود للسهولة التي يجدها الأطفال في تقمّص أدوار الحيوانات، كما أنها تتيح للأطفال التخيّل والتفكير دون عناء لاعتمادها على الصور الحسيّة في التعبير، خاصة أن شخصياتها في العادة قليلة وأفكارها غير معقّدة.
5- قصص الخيال العلمي: تعدّ هذه القصص نوعاً جديداً من الأدب، جاء نتيجة التقدّم العلمي والتكنولوجي الكبير، وتهدف هذه القصص إلى توقع مستقبل البشر وطبيعة الكون ورسم تخيّلات عن اكتشافات واختراعات كثيرة.
6- قصص الفكاهة: هي تلك القصص التي ترسم على شفاه الأطفال ابتسامة ومنها ما تضحكهم. وهناك قصص لا تبعث على الضحك، بل تحمل مضموناً جاداً، ولكنها تتّخذ جواً مرحاً، ويمكن اعتبارها من نوع القصص الفكاهية.

وللقصص بأنواعها أهميّة كبيرة في تثقيف الطفل وتنمية قدراته العقلية وصقل شخصيته، فهي تستثير اهتمامات الطفل بالمعلومات، وتعرّفه الصحيح من الخطأ، وتنمّي حصيلته اللغوية، ومعرفته بالماضي والحاضر. ولكن ما هي القصص التي تصلح لأطفالنا والتي تحقق الأهداف التي ذكرناها؟ لا شكّ في أن للقصص والحكايات شروطاً خاصة يجب أن تتميّز بها حتى تحقّق الفائدة المرجوة منها، من أهمّها: وضوح الفكرة والهدف والإيجابية وسهولة الاستيعاب والمناسبة والتسلسل المنطقي للأحداث واعتماد شكل حرفي علمي مدروس يمتاز بالأفكار الهادفة والألفاظ الصحيحة في معناها ومبناها واستعمالها وأسلوبها السليم. ويقع على عاتق الأهل إيلاء القصص الاهتمام المطلوب لدورها الكبير في تنمية مهارات الأطفال وقدراتهم، ويجب كذلك الحرص على اختيار القصص التي تتحقق فيها الشروط السابق ذكرها، حتى تكون معيناً لهم في تربية أطفالهم وتوجييهم الوجهة الصحيحة، وثقيفهم وبناء عقولهم البناء الصحيح الذي يصقل شخصيتهم وينمّيها.

صحيفة السوسنة الأردنية

JoomShaper