الدستور- حسام عطية
يعاني ذوو أطفال مرضى اضطراب التوحد من عدم دخول أبنائهم للمدارس، وتمكينهم من الدمج في المجتمع وتزيد معاناتهم في هذا الصدد من قبل بعض المدارس بقبول اولادهم المصابين، فيما دعم الأشخاص من ذوي التوحد مسؤولية الجميع لتحسين أوضاعهم والارتقاء بهم إلى أفضل المستويات، رغم ان هذه الفئات تقضي وقتاً أقل مع الآخرين، و تبدي اهتماماً أقل بتكوين صداقات مع الآخرين، و تكون استجابتها أقل للإشارات الاجتماعية مثل الابتسامة أو النظر للعيون.
حق المساوة
اما حسن جابر « مرشد تربوي « فعلق على الامر بالقول يعتبر الدمج التربوي للأطفال من ذوي الإعاقة اتجاها إنسانيا يضمن حق المساواة بينهم وبين أقرانهم غير المعاقين، وذلك انطلاقا من دمجهم على مختلف أنواع إعاقاتهم في المدارس العامة بعيدا عن التمييز، وان الدمج الإيجابي لهذه الفئة يتطلب الكثير من الجهود والأساسيات أهمها تهيئة وتوفير البيئة التربوية والتعليمية والاجتماعية المناسبة لتعليم الأطفال من ذوي الإعاقة في المدارس العامة، علما أن سياسة الدمج التي طبقت في الدولة حققت الكثير من النتائج الإيجابية، لكن تبقى التحديات قائمة للارتقاء بمستويات الدمج إلى الأفضل خاصة عندما يتعلق الأمر بإعاقات معينة.
ونوه بانه هناك من يرحب بدمجهم لضمان حقوقهم في التعليم التربوي ومن جهة أخرى هناك من يرى أن دمجهم التربوي قد تكون له آثار سلبية باعتبار عملية الدمج لهذه الفئة تتطلب أساسيات منهجية وتوعوية ومادية لتهيئة المجتمع المدرسي وتفعيل هذه الأساسيات بخطوات ومراحل مدروسة لتحقيق دمج إيجابي وفعال ومفيد للجميع، وبصورة عامة يمكن استخدام العديد من الاستراتيجيات التي تعمل على زيادة فعالية التعليم للأطفال المدمجين ويمكن تطبيقها بواسطة المعلمين ويمكن توفير التدريب عليها، ولكن بالتأكيد فإن المناهج بوضعها الحالي قد لا تكون عاملا ميسرا لعملية الدمج.
وشدد على أهمية قراءة قصص الأطفال البسيطة كل يوم، ودمج الطفل ليلعب مع أقرانه في العمر ليستفيد منهم، إلى جانب تصفح مجلات وصور لإعطاء فرصة للطفل التوحدي، لتنويع تجاربه مثل التعرف على ملامح الوجه والأماكن العامة كالحدائق والمكاتب والمستشفيات وغيرها.
تشخيص التوحد
اما اختصاصي طب الاطفال في وزارة الصحة ورئيس قسم الاطفال بمستشفى البشير الدكتور سمير الفاعوري قال مازالت الأبحاث جارية حول ما إذا كانت هذه الإعاقة تحدث أثناء فترة الحمل أو الوضع أو لها علاقة بالعوامل البيئية مثل العدوى الفيروسية أو عدم توازن التمثيل الغذائي أو التعرض للمواد الكيميائية في البيئة، فيما الهدف من الأدوية هو تخفيف حدة هذا السلوك حتى يستطيع الطفل أن يمارس حياته التعليمية والاجتماعية بشكل سوى إلى حد ما وعند وصف أي دواء للآباء لابد من ضمان الأمان الكامل لأبنائهم ونوه الفاعوري الى انه لا توجد اختبارات طبية لتشخيص حالات التوحد ويعتمد التشخيص الدقيق الوحيد على الملاحظة المباشرة لسلوك الفرد وعلاقاته بالآخرين ومعدلات نموه. ولا مانع من اللجوء في بعض الأحيان إلى الاختبارات الطبية لأن هناك العديد من الأنماط السلوكية يشترك فيها التوحد مع الاضطرابات السلوكية الأخرى. ولا يكفى السلوك بمفرده وإنما مراحل نمو الطفل الطبيعية هامة للغاية فقد يعانى أطفال التوحد من : اضطراب في التصرفات، مشاكل في السمع، سلوك فظ ، كما لا نستطيع القول إنه مرض وراثي لأنه أيضاً يرتبط بالعامل البيئي فقد يكون الطفل حاملاً للجين المسبب للمرض ثم يتعرض أولاً لبيئة تسبب ظهور أعراض المرض، ويرتبط التوحد بعدد من الجينات وليس جيناً واحداً.
علاج التوحد
ولفت بانه لا توجد طريقة أو دواء بعينه بمفرده يساعد في علاج حالات التوحد، لكن هناك مجموعة من الحلول مجتمعة مع بعضها اكتشفتها عائلات الأطفال المرضى والمتخصصون، وهي حلول فعالة في علاج الأعراض والسلوك التي تمنع من ممارسة حياتهم بشكل طبيعي وهو علاج ثلاثي الأبعاد نفسي واجتماعي ودوائي ، وبينما لا يوجد عقار محدد أو فيتامين أو نظام غذائي معين يستخدم في تصحيح مسار الخلل العصبي الذي ينتج عنه التوحد، فقد توصل الآباء والمتخصصون بأن هناك بعض العقاقير المستخدمة في علاج اضطرابات أخرى تأتى بنتيجة إيجابية في بعض الأحيان في علاج بعض من السلوك المتصل بالتوحد، وقد تعانى بعض حالات التوحد من حساسية لبعض أنواع الأطعمة، لكنها ليس في نفس الوقت سبباً من أسباب الإصابة بهذا المرض وتؤثر بشكل ما على السلوك، لذا فقد يساعد استبعاد بعض المواد الغذائية من النظام الغذائي على تحسّن الحالة وهذا ما يلجأ إليه الآباء والمتخصصون وخاصة البروتينات لأنها تحتوى على الجلوتين والكازين والتي لا تهضم بسهولة أو بشكل غير كامل. وامتصاص العصارة الهضمية بشكل زائد عن الحد يؤدي إلى خلل في الوظائف الحيوية والعصبية بالمخ، وعدم تناول البروتينات يجنب مرضى التوحد تلف الجهاز الهضمي والعصبي على ألا يتم الامتناع عنها بشكل مفاجئ ولكن تدريجياً مع استشارة المتخصصين.
مراقبة الطفل
وخلص الفاعوري بالقول من المهم ان تلاحظ الأم تصرفات طفلها وتراقب تطور نموه خاصة في السنوات الأولى من عمره والتي لا يستطيع فيها التحدث أو التعبير عما بداخله، فتجاهل الأم لتصرفات طفلها غير الطبيعية قد يزيد من متاعب ومعاناة طفلها في المستقبل لذا وجب علينا التعرض لأحد الأمراض المزمنة والذي يظهر على الطفل خلال أعوامه الثلاثة الأولى وهو مرض «التوحد» ويتطلب من الأم رعاية خاصة لطفلها حتى لا تتفاقم أعراضه ويعيق مرض التوحد النمو مدى الحياة وينجم عنه اضطراب عصبي يؤثر على وظائف المخ. وهو غالبا ما يصيب الأطفال في بلدان عديدة بصرف النظر عن نوع الجنس أو العرق أو الوضع الاجتماعي والاقتصادي، ومن سماته العجز عن التفاعل الاجتماعي وصعوبة في التعبير بالكلام وبأي وسيلة أخرى واتباع نمط محدد ومتكرر من التصرفات والاهتمامات والأنشطة، فيما تبقى قضية دمج الأطفال من ذوي التوحد في التعليم العام، قضية راهنة في المجتمع المحلي بغض النظر عن اختلاف وجهات النظر بين المؤيديين والمعارضين، والأهم من الجدل الواقع حول ايجابيات وسلبيات هذه القضية، هو بحث ودراسة الحلول اللازمة لتطبيق هذه السياسة في دمج الأطفال من ذوي التوحد بالتعاون مع الخبرات العالمية السباقة في هذا المجال، بإعتبار أن التعليم في ديننا وأخلاقنا هو حق انساني واجتماعي ووطني للجميع وبدون تمييز، لذلك ينبغي تكاتف الجميع والتركيز على إيجابيات دمج الأطفال من ذوي التوحد والنظر إلى ما يحققه هذا الدمج في ضمان مستقبلهم.