توسع فضاء «الإنترنت» حتى أصبح بلا حدود تقريباً، واقتحمت الشبكة العنكبوتية حياتنا بشكل غير مسبوق، وأصبحت تأخذ جزءاً كبيراً من وقتنا، ولا شك أن للإنترنت أهمية قصوى في مختلف مجالات الحياة، ولا يمكن للدول والمؤسسات والأفراد الاستغناء عنه، بل لا يمكن ممارسة الأغلبية العظمى من المهام التي نقوم بها في حياتنا اليومية من دونه، ويصعب عملياً حصر فوائده، وباختصار فهو قد بات جزءاً لا يتجزأ منا، ووسيلة أساسية في إنجاز الأعمال وتقديم الخدمات على مختلف أنواعها، فضلاً عن أنه مصدر رحب وغير محدود

للمعلومات والبيانات التي نحتاجها في كل المجالات، ومن ثم فإن الإنترنت أداة ووسيلة ضرورية بحق، تزداد أهميته وموقعه في شؤون حياتنا يوماً بعد يوم.
ومع ذلك فإن للإنترنت سلبيات، وله مخاطر كثيرة ومتعددة على الفرد والمجتمع على حدٍّ سواء، بل قد تكون له آثار مدمّرة أحياناً، فإساءة استخدم الشبكة قد تحدث كوارث مادية ومآسٍ إنسانية، ولعل من أكبر الفئات التي يمكن أن يكون للإنترنت تأثير سلبي وخطير فيها هم الأطفال، الذين هم جيل المستقبل الذي تعمل الدولة والمجتمع من أجله، ليكون قادراً على إكمال مسيرة الحياة ومواصلة التقدم والتطور، قد يتسبب لهم الإنترنت- في حالة إساءة استخدامه- بأذى كبير، وعواقب وخيمة. فيمكن له أن يحدث تأثيرات سلبية كبيرة في مختلف مجريات حياتهم، منها تقليص قدرتهم على التحصيل الدراسي، في حال قضائهم وقتاً طويلاً على الشبكة، وهناك أبحاث ودراسات كثيرة تربط بين التحصيل الأكاديمي للطلاب واستخدامهم للإنترنت.
وللإنترنت تأثير سلبي أيضاً في جانب مهم من حياة الأطفال حيث تؤدي طول فترة الاستخدام، مع الكمّ الهائل من المعلومات على شكل نصوص أو صور متحركة أو غير متحركة تعرضها المواقع المختلفة، إلى التشتت وفقدان التركيز. وهناك دراسات كثيرة تثبت ذلك أيضاً، كما توجد مضار صحية متعددة.
وربما يكون أخطر تأثير للإنترنت هذه الأيام، وخاصة على الشباب، خطر انتشار الفكر المتطرف عبر الكثير من المواقع على هذه الشبكة، التي تستغلها الجماعات المتطرفة، وتسعى من خلالها إلى استقطاب الشباب إلى صفوفها، هذا فضلاً عن التأثيرات الثقافية الوافدة من المجتمعات الأخرى، والتي تتضارب في بعض الأحيان مع الهوية الثقافية للمجتمعات وتهددها.
لهذا كله فإن هناك ضرورة ملحّة لحماية المجتمع وخاصة الفئات الأكثر عرضة للتأثيرات السلبية للإنترنت، وفي هذا السياق تأتي أهمية إنشاء «جمعية الإمارات للحماية من مخاطر الإنترنت»، التي أُعلن عن إطلاقها في أبوظبي، مؤخراً، وهي جمعية تعمل تحت مظلة وزارة الشؤون الاجتماعية، هدفها حماية الأطفال من مخاطر شبكة الإنترنت، عبر تثقيفهم ونشر الوعي بينهم، وتوعية أولياء أمورهم وأسرهم، كما تضع الجمعية ضمن أولوياتها- وهذا أمر مهم- إعادة تأهيل وإدماج ضحايا الجرائم الإلكترونية من الأطفال والمراهقين.

JoomShaper