عبد العزيز الخضراء

عمان- يبدو أن الهاتف الذكي أصبح بمثابة “موضة” العصر عند الأطفال وهم يصرون على اقتنائه، ويُرضخون الأهل لشرائه لهم تحت شعار مجاراة رفاقهم. وتكمن المشكلة الكبرى في انجذاب الأطفال نحو اقتناء الموبايلات، رغم أن الهيئات الحكومية والجهات المختصة في عدد من الدول الأوروبية ما تزال تفرض حظراً حول استخدام الأطفال للموبايل بسبب علامات الاستفهام حول خطورة استخدامه، خصوصا وأن دراسات عالمية عديدة تحذر من أخطاره، وأن مكالمة واحدة مدتها دقيقتان فقط يمكن أن تغير النشاط الكهربائي لدماغ

الطفل لمدة تصل إلى ساعة بعد ذلك.

يقول الخبراء إن مؤشرات الأبحاث تشير إلى أن هناك 1.6 بليون شخص يستخدمون الهاتف المحمول يومياً؛ حيث تم تشبيههم بفئران موجودة في مختبر ضخم، وهذا الاستخدام الكبير لهذا الجهاز سيؤثر على الأطفال في السنوات المقبلة.

كيف يعمل الهاتف المحمول؟

تعمل الهواتف المحمولة بنقل إشارات الموجات الكهرومغناطيسية إلى محطات التقوية المخصصة لاستقبال وإعادة إرسال هذه الموجات، فالهاتف المحمول مثل الأجهزة اللاسلكية الأخرى؛ إذ ترسل وتستقبل الموجات المنبعثة، المكالمات والنصوص، والانترنت، وتُنزّل رسائل البريد الالكتروني.

وبإمكان محطات التقوية أن تكون منتشرة في كل الاتجاهات، لذلك عندما يعمل الهاتف المحمول فهو يرسل موجات في كل الاتجاهات للبحث عن أقرب محطة تقوية، ما يعني أن نسبة عالية من الموجات الميكرويفية المنبعثة ستكون موجهة لمستخدم الجهاز وخاصة لرأسه.

وعادة ما تخترق موجات الراديو الموجهة نحو الرأس بضعة سنتمترات داخل أنسجة الجسم وغالباً ما تمتصها الأنسجة، وتنقل الطاقة الموجودة في هذه الموجات إلى الأنسجة.

ورغم أن هنالك فوائد لاستخدام الهاتف المحمول كوسيلة لاتصال الأطفال بآبائهم في حالة الطوارئ والعكس صحيح، بيّنت دراسة أُجريت في أستراليا على سلامة الأطفال أن السبب الرئيس في أن يعطي الآباء أبناءهم هاتفاً جوالاً، كان للاطمئنان عليهم، الى جانب يمكن أن يكون الهاتف المحمول منقذاً لحياة الطفل في حالة الطوارئ، غير أن المخاطر الكبيرة تقلل من الفوائد القليلة.

مخاطر الهاتف المحمول

 على الأطفال

- يشكل الهاتف المحمول خطراً أوسع على صحة الأطفال لأن جهازهم العصبي ما يزال ينمو، وتتأثر أنسجة الرأس بالطاقة أكثر خاصة ويزداد هذا الخطر مع ازدياد مدة التعرض.

- عند استخدام الهاتف المحمول لفترة طويلة، قد يشعر المستخدم بحرارة في رأسه، ويرجع ذلك إلى أثر ارتفاع مستوى الطاقة في الأنسجة.

- من يستخدمون الهاتف المحمول بكثافة عرضة أكثر من غيرهم إلى تطور أورام غير خبيثة في الأذن والمخ.

- هنالك علاقة بين الصداع، الإرهاق، الدوار، واضطرابات النوم والتعرض للموجات الكهرومغناطيسية التي يرسلها الهاتف المحمول.

- الموجات الكهرومغناطيسية تتوغل أكثر في رأس المراهقين، مما يجعلهم أكثر تضرراً من هذه الموجات مقارنة مع البالغين.

- في دراسة أجراها الدكتور الإسباني “مايكل كليسن في معهد تشخيص الأعصاب الإسباني”، وجد أن مكالمة واحدة مدتها دقيقتان فقط يمكن أن تغير النشاط الكهربائي لدماغ الطفل لمدة تصل إلى ساعة بعد ذلك.

- وجد أن موجات الميكروويف توغلت في عمق الدماغ وليس فقط حول الأذن.

- تعرّض الأطفال لحزمة ضعيفة من هذه الموجات ضار لأن أنسجتهم يمكنها امتصاص الموجات أكثر بثلاث مرات من البالغين.

- يؤثر الهاتف المحمول على مزاج وقدرة الأطفال على التركيز، ويرتد سلباً على تحصيلهم الدراسي وعلى تفاعلهم مع الآخرين.

- عن طريق الهواتف المحمولة، يتمكن الأطفال من استخدام الانترنت بعيدين عن رقابة الوالدين والأهل، ودخولهم مواقع لا تناسب سنهم قد تترتب عليه آثار سلبية بعيدة المدى أخلاقية وانفعالية واجتماعية...الخ.

- يتعرض الأطفال عن طريق الهاتف المحمول إلى الخوف والترويع عن طريق الرسائل النصية من قبل الأطفال الآخرين التي تؤدي إلى إرهابهم أو زعزعتهم عاطفياً.

دراسات طبية على مخاطر

الهاتف المحمول

بعض الأحيان نمنح أطفالنا الهاتف المحمول؛ رغبة في تدليلهم، وفي أحيان أخرى من أجل الاطمئنان عليهم، فما الآثار الصحية المترتبة على الأطفال جرَّاء استعمالهم للهاتف المحمول؟ “لا شك في أن تأثير الهاتف المحمول على الأطفال أكثر وضوحاً وأوسع ضرراً من تأثيره على الكبار، فالطفل في عمر السنة يمتص ضعف كمية الإشعاع الصادر عن الهاتف المحمول، والطفل في عمر خمس سنوات يمتص 60 % أكثر من امتصاص الكبار”.

ووفقاً لدراسة أجريت العام 1996 في “جامعة يوتا بالولايات المتحدة الأميركية”، لوحظ أن الإشعاع الصادر عن الهاتف المحمول يتم امتصاصه من قبل أدمغة الأطفال بأربعة أضعاف سرعة امتصاصه من الكبار، وبذلك فإن تأثير هذه الأشعة يمتد إلى ما هو أعمق من الأذنين.

وفي دراسة حديثة أجريت في جامعة أنقرة بتركيا، لوحظ أن التعرض المستمر للأشعة المتولدة من الهاتف المحمول يسبب ضعفاً في وظيفة القوقعة في الأذن الداخلية عند الأرانب، وبالتالي يُحدث ضعفاً في السمع، ومن ثم فإن الأطفال أكثر عُرضة لهذا التأثير، لأن سماكة الرأس ضعيفة لديهم، وهناك دراسة حديثة أجريت بالهند، أوضحت أن استخدام الهاتف المحمول لمدة أربع سنوات متواصلة، وبمدة تزيد على ساعة يومياً، يؤدي إلى زيادة احتمال فقدان السمع، ومن أعراض ذلك الإحساس بالحرارة حول الأذن، وطنين، إلى أن يصل الأمر إلى فقدان السمع.

وتؤكد أن التأثير الصحي لموجات المحمول على الأطفال يثير الكثير من القلق.

وقد أثبتت دراسة أجريت في ألمانيا العام 2004، أن وجود الشخص في مجال 400 متر من محطات التقوية للمحمول، يزيد احتمال الإصابة بالسرطان لديه بنسبة ثلاثة أضعاف.

وفي بحث ألماني آخر بعنوان “تأثير محطات تقوية المحمول”، ثبت أيضاً أن الأشخاص القريبين من هذه المحطات يصابون بالاكتئاب والإجهاد وفقدان الشهية بمقدار ثلاثة أضعاف غيرهم، ولا شك في أن التأثير يكون أكبر لدى الأطفال نتيجة لسرعة امتصاصهم للموجات.

وتأثير موجات المحمول على المخ خطير جداً، وتحديداً في مراحل النمو الأولى؛ حيثُ قد يحدث تلفا بالخلايا مع تكرار التعرض لفترات طويلة لهذه الموجات، وقد تحدث أورام بالمخ.

وهذه مقترحات للحد من أضرار الهاتف المحمول على الأطفال

فيما يخص استخدام الهواتف المحمولة، نقدم هذه النصائح للحد من أضرارها على الكبار والأطفال:

- معظم الأبحاث توحي بألا ينبغي للأطفال في أعمار تقل عن 8 سنوات استخدام الهاتف المحمول على الإطلاق.

- عدم الإفراط في استخدام المحمول، وقصر استخدامه على الضرورة القصوى.

- استخدام السماعة ذات السلك.

- عدم وضع المحمول على الأذن إلا بعد رد المتصل به.

- عدم استخدام المحمول في الأماكن المعدنية المغلقة كالمصعد والسيارة.

- عدم استخدام المحمول أثناء الشحن.

- استعمال أجهزة المحمول ذات الامتصاص القليل. S.A.R

- الاحتفاظ بالمحمول بعيداً عن الجسم أثناء الحديث.

- عدم استخدامه في الأماكن ذات الإرسال السيئ.

- اختيار المسكن بعيداً عن محطات التقوية.

بعد هذه الجولة، على بعض وليس كل المضار الصحية والاجتماعية التي تسببها لأطفالنا، ينبغي الانتباه، بحيث لا نسمح للأطفال باقتناء المحمول هذا وهم في عمر لا يؤهلهم بعد لاستخدامه الإيجابي، كي لا يتحول إلى سلاح مُدمر لطفولتهم وحياتهم الاجتماعية والأسرية والصحية.

JoomShaper