عبير تميم العدناني
لقد خلق الله تعالى الأم وخلق مشاعرها عميقة، بحيث تستطيع أن تنجب وتربي وتحمي أطفالها وتحافظ عليهم من كل ماقد يؤذيهم ، وقد تبذل في سبيل ذلك صحتها ووقتها وحياتها دون تردد أو أسف ، بل إنها منذ أن تنجب تعد نفسها ومتطلباتها في نهاية القائمة ، فالأولوية في كل شئ لأبنائها ، فهذه هي الفطرة السليمة التي فطر الله تعالى الأم عليها.
ولكن هناك صنفا من الأمهات قد شذت عن القاعدة فلقد رأيت أماً جعلت من بيتها مشاعاً لصديقاتها وجل وقتها وصنعها للطعام والخروج للزيارات كل ذلك لصديقاتها، بينما يحاول

أبناؤها جاهدين الجلوس معها لفترات متقطعة تبعاً لوقت فراغها ، وينتظرون إنتهاء صديقاتها أو أحد إخوتها من الطعام حتى يتسنى لهم أخذ نصيبهم منهم وهكذا ، والأدهى من ذلك أننا أصبحنا نسمع ونرى كثيراً من هذا النوع بإختلاف التفاصيل ، فكم وكم من الأمهات أصبح شغلها الشاغل هو هاتفها الذي لايفارقها تتنقل فيه بين صفحات الموضة ومواقع التواصل الاجتماعي وغيرها، بينما تجد أطفالها يصرخون ويتعاركون ، وقد يذهبون للمدرسة دون دراسة أو تحضير بسبب إنشغالها ، وكم من الأمهات ضيعن أبنائهن بسبب إنشغالهن بأي شئ عن مسؤولياتهن فأضعن الأمانة وأضعن حدود بيوتهن حين سمحت كل واحدة منهن لشئ أو لأحد باقتحام أسوارهن.
إن كل أم هي راعية وهي مسؤولة عن أبنائها في حدود المسؤولية التي أوكلها الله تعالى إليها ، فلابد أن تقف كل أم وقفة صدق مع نفسها وتراجع ترتيب أولوياتها ، وتعيد النظر في إلتزامها تجاه هؤلاء الأبرياء الذين لايملكون من أمرهم شيئاً ، وجل حياتهم معلقة بهذه الأم التي ستجد يوماً من الأيام ماقدمته لهم في الدارين ، وستجني يوماً ما مازرعته في هذه الأرض الخصبة الخالية ، إن زرعت ورداً فورداً وإن زرعت شوكاً فشوكاً.

JoomShaper