نورة المسيفري
من أجل النعم التي ينعم بها الله على الإنسان هي الوالدان..
وجودهما.. صحبتهما.. عمرهما الطويل امتيازات على قدر من الأهمية لا يعلمه إلا اليتامى..
إنهما أكثر اثنين يتم الدعاء لهما بطول العمر والصحة، بل لو كان الخلود هدية تهدى لكان نصيبهما هو الأكبر لما لوجودهما من ثراء إنساني يثري حياتنا بالاستقرار والسعادة والأمان.
إلا أنهما بشر تسري عليهما قوانين البشرية، خاصة الحياة والموت وما بينهما من قوة وضعف وشيخوخة.
لذا أكد الله -عز وجل- على أهمية احتواء الوالدين عند الكبر، وتحمل تقلبات العمر والذاكرة والمزاج.
فيقول في قرآنه المجيد:
«إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا (23) وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا (24)» [سورة الإسراء].
وفي رأيي أن الله -عز وجل- قد اختص الكبر بالذكر لما لهذه المرحلة من خصائص نفسية تجعل الوالدين في قمة الحساسية ورهافة المشاعر.
فمعظم مشكلات الكبار تكمن في عدم تكيفهم مع وضعهم الجديد كبشر اكتمل دورهم، وآن الأوان ليرتاحوا فاتسع وقت فراغهم، وازداد شعورهم بالوحدة، نتيجة زواج الأولاد وانشغالهم، وموت الزوج والأصدقاء، والمرض أحياناً.
لذلك من أهم الأمور التي يجب أن يوفرها الأبناء للوالدين في كبرهما ليعيشا في أمان متحررين من كل الضغوط، يتمتعان بالأمن والتقدير، الحب، فهما محتاجان دائماً إلى أن يحِبا ويُحَبا وأن يعترف بهما كمؤثرين في محيطهما.. معززين بين أهلهما وعشيرتهما.
والأهم من كل ذلك أرى أن تفهم طبيعة المرحلة التي يمر بها الوالدان، والإيمان بضرورة رد الجميل لمن بذل الغالي والنفيس من أجلنا يجعلهما دائماً على حق مهما قالا أو فعلا، وعلينا تقبل ذلك، فهذا هو جناح الذل من الرحمة، ولنحذر من أفٍ وما فوقها من مظاهر العقوق التي تورثنا الندم في الدنيا والآخرة، أطال الله عمر الوالدين في صحة وطاعة، وغفر لميتهما، وجعلنا وإياكم من الذين أرضوا والديهم، فرضيا عنهم.
إضاءة
يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «رضا الله في رضا الوالدين، وسخط الله في سخط الوالدين». فإذا أردتم رضا الله والفلاح في الدنيا والآخرة فالزموا أقدام الوالدين.
فهذه هي خلاصة الأمر;