ديما محبوبة
عمان- جلسات طويلة يقضيها حسام أمين ذو الـ11 ربيعا على وسائل التكنولوجيا بأنواعها، فإن فرغ من الايباد ينشغل بألعاب الفيديو وبعدها يشاهد التلفاز ثم يشاهد الأفلام على الدي في دي.
وتعترف والدته بأن وقته كله ملك لتلك الأجهزة؛ اذ لم تعد العلاقات الاجتماعية وحتى الأسرية، تثير اهتمامه.
تشعر والدته بندم شديد أنها كانت تستجيب لإلحاحه الشديد منذ الصغر لشراء تلك الوسائل، والسماح له بالجلوس عليها لوقت طويل وغير منقطع، حتى أثرت على وزنه، وأصبح يعاني من السمنة ويتكاسل من قيامه بأي نشاط حتى ذهابه للمطبخ وشرب الماء، ولم يعد يريد تناول الطعام سوى خلال تسمره على تلك الأجهزة.
ووالدة حسام ليست وحدها من تعاني من هذه الحالة، فهي باتت ظاهرة منتشرة بين الأطفال على اختلاف أعمارهم.
لكن أبو وليد وزوجته قررا أن هذا "الخطأ" لن يكون من نصيب أبنائهما، من خلال التنظيم والسماح لأبنائهما بأخذ فرصهم الكاملة في الترفيه واللعب، وأهمها تعليم أولادهم ركوب الدراجات الهوائية، واللعب بكرة القدم، والمشي، واللعب معهم
ألعابا قديمة وشعبية، وتركيب الصور وما ينمي الذاكرة والتفكير، بعيدا عن التكنولوجيا والجلوس الطويل المضر صحيا ونفسيا وجسديا.
ويقول أبو وليد "تنظيم الوقت كان مفيدا جدا لي ولعائلتي، فهم يتمتعون ببنية جسدية سليمة بسبب الرياضات التي يمارسونها، كما أنهم يستمتعون بوقت قليل على الأجهزة الالكترونية ويتعلمون الكثير منها".
يؤكد التربوي د. محمد أبو السعود، أن الوقت والحزم والتفكير الجيد بما يريده الأهالي من أبنائهم في الوقت الحاضر وبالمستقبل هي الأهم في التربية، فمن يريد لأبنائه الانطواء والحياة التعيسة والكسولة والمليئة بالأمراض النفسية والجسدية، يبقيهم في ذلك الوسط التكنولوجي ولا يخرجهم منه.
ومن يريد لأبنائه الحياة الطبيعية والنمو السليم، فاللعب والتحرك هو أهم ما يوجد في حياة الطفل ويساعده على النمو السليم ويجعل منه الشخص الواثق في المستقبل، مؤكدا أن وسائل التكنولوجيا باهظة الثمن، ومن يستطيع شراءها ومتابعة جديدها لأبنائه فهو قادر على تنظيم رحلات استكشاف لهم، أو التنزه معهم في أماكن مهيأة للعب.
ويضيف "هناك أماكن معروفة في الأردن توفر الترفيه واللعب واكتشاف رياضات جميلة كركوب الدرجات والتسلق وألعاب تظهر ليونة الشخص، ويكون منسوب التسلية فيها عاليا جدا، ويجب أن تكون بشكل دوري.
ويشدد على ضرورة أن توفر العائلة مساحة للأطفال للقيام بنشاطات حركية وعقلية، والسماح لهم بقضاء وقت محدد ومدروس ومراقب على الأجهزة الالكترونية بعيدا عن العاطفة والقبول عند الإلحاح، فالطفل لا يعرف مصلحته، وعلى الأهل أن يعودوه على ما يفيده.
ويتفق اختصاصي علم الاجتماع د. محمد جريبيع، مع ما يذهب اليه أبو السعود، ويقول "إن الوقت والتفكير به بشكل دقيق وكيفية استثماره لما هو في صالح العائلة يجعل الحياة أجمل وأكثر رفاهية ويخلق تواطدا أسريا ملحوظا للقيام بنشاطات مشتركة".
ومهم جدا، حسب جريبيع، أن تكون هناك أنشطة دورية يسعى الأهالي لتوفيرها لأبنائهم كي يعودوهم على النشاط البدني؛ كركوب الدراجات الهوائية، واللعب بالكرة، والتنزه في الحدائق العامة، وألعاب منزلية ممتعة تصنع من الورق وتحفز العقل على التفكير، وكذلك ألعالب ترفيهية تعتمد على اللمس والبحث.
أو تلك النشاطات المتوفرة في بعض الأماكن؛ كالتسلق، وألعاب النط، والجري، وبعض رحلات الاستكشاف. ويؤكد جريبيع أن قضاء وقت مناسب وجميل مع العائلة يساعد على تحسين المزاج وزيادة روابط المحبة ومتانة العلاقات بين الأزواج والأبناء، ما يجعل الحياة أجمل بدلا من ابتعاد الجميع عن بعضهم بسبب التكنولوجيا.