منى أبو حمور
عمان- الاحتفاظ ببيانات الأطفال وإمكانية تحديد موقعهم من خلال استخداماتهم لتطبيقات الأجهزة الذكية وتواجدهم على مواقع التواصل الإجتماعي، أمر في غاية الخطورة، هذا ما أكده خبراء، بإعتباره إنتهاكا لخصوصية الطفل، واختراقا لقوانين الخصوصية الأميركية التي تحمي الأطفال دون سن 13 عاما من جمع البيانات المجتاحة.
تربويون وحقوقيون أكدوا بدورهم كبر حجم مشكلة استباحة بينات الطفل، وشددوا على ضرورة إيجاد آلية تكفل حماية خصوصية الطفل، وتمنع تعرضه للاستغلال، أو أن يكون ضحية للجرائم الإلكترونية، مؤكدين بذات الوقت على دور الأهل في توعية الطفل، وفرض نوع من الرقابة التي تكفل سلامته.
3300 تطبيق للهواتف الذكية يجمع بيانات حول الأطفال بشكل غير صحيح، حقيقة أكدتها دراسة لباحثين نشرتها صحيفة "اندبندنت" البريطانية، أشاروا من خلالها إلى جمع التطبيقات
معلومات شخصية مثل تطبيق "موقع الطفل" دون طلب إذن الوالدين.
ووجدت الدراسة التي شملت 5855 من تطبيقات "أندرويد" على "جوجل بلاي"، أن أكثر من نصف هذه التطبيقات، يحتمل انتهاكا لقوانين الخصوصية الأميركية التي تحمي الأطفال دون سن 13 عاما من جمع البيانات المجتاحة.
واستخدم الباحثون من المعهد الدولي لعلوم الكمبيوتر، نظاما آليا جديدا لتحديد ما إذا كانت التطبيقات تتوافق مع قانون حماية خصوصية الأطفال عبر الإنترنت (COPPA).
وتأتي هذه الدراسة في وقت أعلنت فيه أكثر من 20 مجموعة من المدافعين عن حقوق المستهلك، أن موقع "يوتيوب" ينتهك قانون حماية خصوصية الأطفال عبر الإنترنت (CPPA) عن طريق الاستفادة من جمع بيانات الأطفال عن قصد.
بدوره يبين الخبير في مواجهة العنف ضد الأطفال وحقوق الإنسان الدكتور هاني جهشان مستشار أول الطب الشرعي، أن المعلومات عن الأشخاص بمن فيهم الأطفال، قد يتم الحصول عليها من خلال منتجي التطبيقات الخلوية، أو مديري مواقع الإنترنت أو مرتادي مواقع التواصل الاجتماعي، وبالتالي يتم إساءة استخدامها من قبلهم بطريقة أو اخرى.
وينوه جهشان إلى إمكانية الحصول عليها بواسطة النفاذ غير القانوني لأنظمة الحاسوب، أو لأنظمة المعلومات المتصلة بالإنترنت الهاكرز أو برامج حاسوبية متخصصة، مبينا أن هذه المعلومات قد تستخدم للتشهير بالأشخاص بمن فيهم الأطفال وان كان بعد العديد من السنوات.
وعادة ما تستغل هذه المعلومات، بحسب جهشان لإجراء تحويلات مالية، أو انتحال صفة الشخص الذي تم تسريب أو سرقة معلوماته، وقد تستخدم هذه المعلومات من قبل عصابات تهريب الأموال والبشر وغسل الأموال والإرهاب، وأيضا قد تستخدم لاستغلال الأطفال جنسيا، والاتجار بهم وتعريضهم للعنف النفسي بالتنمر عليهم بهدف أعمال إباحية لاحقة.
وفي حين أن الآلاف من التطبيقات قد تنتهك قوانين الخصوصية، فإن واحدة من أكثر النتائج المثيرة للقلق في الدراسة التي نشرتها الصحيفة، كانت 256 من التطبيقات جمعت بيانات "الموقع الخاصة بالأطفال" دون إذن من الوالدين.
وشملت البيانات الأخرى التي جمعت بشكل غير صحيح تفاصيل شخصية مثل، الأسماء وعناوين البريد الإلكتروني وأرقام الهواتف.
من جهة أخرى لم يتمكن الباحثون من الوصول إلى بيانات "الآي أو أس" لجهاز "أبل"، مما يعني أنه لم يكن من الممكن تقييم التطبيقات التي تعمل على أجهزة "الآيفون" و"الآيباد".
وفي الوقت الذي تطبق فيه الولايات المتحدة الأميركية متطلبات معيارية محددة على مشغلي مواقع الإنترنت والخدمات المقدمة من خلالها، وأيضا على تطبيقات البرامج الخلوية، وأي أجهزة إلكترونية مرتبطة بالشبكة العنكبوتية بهدف حماية الأطفال بعمر أقل من 13، من المخاطر الكامنة للإعلانات خلال استخدامهم للمواقع الإلكترونية ومواقع التواصل الاجتماعي وتطبيقات الهواتف الخلوية، ويلزم موافقة الوالدين أو المسؤول عن الطفل للإفصاح عن المعلومات فإن قوانين مشابهة تتعلق بخصوصية الأطفال عبر الإنترنت موجودة في 27 دولة أوروبية.
ويستهجن جهشان عدم وجود تشريعات في الأردن تتعلق بهذا الموضوع تحديدا، أما المادة 4 من قانون الجرائم الإلكترونية رقم (27) للعام 2015، فتشير لعقاب إفشاء المعلومات الإلكترونية ضمن مصفوفة من عدة جرائم أخرى ودون أي تحديد لخصوصية إفشاء المعلومات المتعلقة بالأطفال.
في حين لا تتفق خبيرة مواقع التواصل الإجتماعي ومديرة التسويق الإلكتروني داليا عواد مع توجه بعض أولياء الأمور الذين يوفرون لأبنائهم الأجهزة اللوحية والهواتف الذكية، ويسمحون لهم باستخدام مواقع التواصل الإجتماعي عبر الفضاء الإلكتروني خلال مرحلة الطفولة.
وتوضح عواد إمكانية أن يستخدم الطفل هاتف أحد والديه، أو أن يكون هناك جهاز لوحي لجميع أفراد الأسرة، لافتة إلى أنه لا يمكن تحديد سن معين للاستخدام الآمن لأجهزة الذكية ومواقع التواصل الإجتماعي، في ظل وجود العديد من الدراسات التي أثبتت اختلاف تحديد سن المراهقة الذي يختلف من عام إلى آخر.
من جهة أخرى تلفت عواد إلى صعوبة منع الأطفال من استخدام التكنولوجيا نهائيا، وما قد يحدثه من فجوة بين الطفل والتكنولوجيا، مشيرة إلى أنه من الممكن السيطرة على استخدام الأطفال لمواقع التواصل الإجتماعي من خلال برامج تتيح فرصة مراقبة ما يقوم الطفل بتصفحه والتطبيقات التي يقوم بالدخول عليها ويتفاعل معها.
وتقول، الموضوع أكبر من مجرد مراقبة الأطفال أو بيانات الطفل كمعلومات، لكن الخطورة تكمن في بعض الرسائل الخفية التي قد تصل للطفل من خلال رسائل فيديو، صور أو موسيقى تعمل على تغيير فكر الإنسان من خلال تسجيلات خفية، إذ يوجد ذبذبات تؤثر على دماغ الإنسان وتغير قناعاته وما يعتبر أكثر خطورة من البيانات الشخصية للطفل.
وتضيف، أن الأهم من أخذ البيانات هو الرسالة التي ستسخدم من خلال هذه البيانات أو الهدف من استخدامها، مؤكدة أنه كلما زادت التكنولوجيا قلت القدرة على الحماية.
فيما تجد التربوية نور زيادة أن التكنولوجيا ومواقع التواصل الإجتماعي في هذا الوقت هي من تتصدر المشهد والطاغية، الأمر الذي يجعل تنحي الأبناء في سن معينة عن استخدامها أمرا في غاية الصعوبة، فيتمكن بعض الأهل السيطرة، في حين يعجز الكثير من الأهالي عن ذلك.
لا بد من تمكين الأبناء بحسب زيادة، ليكونوا قادرين على ضبط وفلترة استخدامهم واتخاذ القرار، بأن نبين لهم الحلال والحرام واعطائهم المعلومات الصحيحة عن كل شيء بحسب المرحلة العمرية ومستوى إدراك الطفل، وكم يمتلك من الوعي.
وتلفت زيادة إلى وضع الطفل تحت اختبار نفسه في عمل "الصح"، والابتعاد عن "الخطأ"، ومدى قدرته على عدم الانسياق وراء الفضول، ففي كثير من الأحيان يدفع الفضول الأطفال تجريب كل ما هو جديد، مشيرة إلى أهمية التمييز بين الصواب والخطأ، إذ أن جهل الطفل بهذه الأمور يجعله يتمادى وربما يدخل إلى مواقع ويستخدم تطبيقات تلحق الضرر به.