أحمد يوسف المالكي
اقتربت من أحد الأطفال المنهمكين في أحد ألعاب الهاتف المحمول، والتي سلبت منه وقته وتفكيره وعقله في تحقيق الانتصار والوصول إلى مراحل متقدمة، فسألته قائلاً ما هو الشيء الذي حققته إلى الآن؟ فأجاب مفاخراً لقد قتلت في هذه اللعبة قرابة عشرين شخصاً تفوقت عليهم، وما زلت أصنع الكمين لواحد منهم، ولكن أنتظر أن أجمع الأدوات اللازمة حتى أهجم عليه.
ليس خيالاً ما ذكرته لكم، وإنما هو واقع نعيشه يومياً بين أطفالنا الذين يغادرون إلى عالم مختلف، لا يتم فيه التنافس بطريقة إيجابية، أو تحفيز لأمر ما، ولكنه تنافس انتقامي يؤدي أحياناً إلى

عواقب وخيمة وتحديات خطيرة لا يدرك خطورتها هذا الصغير، وحتى الوالدين اللذين مهدا الطريق للطفل بتسليمه كل شيء دون قوانين حتى بات فريسة للآخرين في نفس عالمه، يخوض تجارب نهايتها خطيرة.
الجميع يتفق مع خطورة ما يحدث لأطفال اليوم، خاصة مع استخدام هذه الأجهزة التي توصلهم بعالم يضج بالطالح والصالح، ويصحبهم في رحلة ألعاب توهم الآباء أن وجودها يشغل الأطفال بالمفيد، بل هي على العكس تماماً يفسد ويدمر ويخلق العداوات، ويسرق منهم أسعد لحظات الطفولة، ويستمر فيها ساعات طويلة، بل ويدفع لها الأموال لأجل الاستمرار، وهذا يجعلنا نقف سداً منيعاً يحمي أطفالنا ونشغلهم بالمفيد.
من المهم أن نتعاون في وضع الحلول المساعدة للحد من استخدام هذه الألعاب، ففي البداية على الآباء أن يعوا بخطورة هذه الألعاب، وخاصة القتالية، والتي يتم اللعب فيها مباشرة (أون لاين) مع مجهولين، بل ويستطيع أن يختار من يريد أن يكون فريسته الجديدة، ويتمكن من سماع صوته، وخطوة أخرى هي وضع القوانين اللازمة للحد من الاستخدام، خاصة في مرحلة نريد من الطفل أن ينضج فيها، ويتعلم، ويكتسب المهارات.
وفي الختام لم أستغرب الرد الذي تفاخر به الطفل بسبب هزيمته لأكثر من عشرين شخصاً، ولكن الغرابة فيمن مهّد له طريق الاستخدام، دون أن يوقفه ويبين له خطورة ما يفعله.. فهذا ما حدثني به الطفل، وأنتظر وعي والده.;

JoomShaper