د. لطيفة شاهين النعيمي
هناك بعض الآباء والأمهات يتناسون أهمية الإشباع العاطفي، وأن يجعلوا أبناءهم يحبونهم ويرتبطون بهم ويصبحون جزءاً من حياتهم اليومية، فالعلاقة بين الآباء والأبناء قد تسودها المحبة والود والاحترام والتفاهم، وقد تكون متوترة ومتأزمة لعدم وجود رابط ود أو تفاهم أو حوار هادف يهدف إلى زيادة الصلة.
لذلك، فإن غياب الحوار البنّاء والفعّال بين الآباء والأبناء يجعل الابن لا يثق بوالديه، ولا يبوح لهما بأسراره الخاصة، بل إنه يفضّل أن يأخذ معلوماته من المجتمع والإنترنت، بدلاً من الوالدين البعيدين عنه بحنانهما ورعايتهما، ومع ضخامة حجم هذه الظاهرة، فإن كثيراً من الآباء لم ينتبهوا إلى خطورتها، معتقدين أنه ليس مطلوباً منهم أي شيء تجاه أبنائهم، سوى توفير المسكن والملبس

والإنترنت وألعاب التسلية، والتي ربما تشغل الفراغ لديهم، ولكنها لا تغني عن والديهم.
ولا يكون ذلك بعدم حب الآباء لأبنائهم، فهم ثمرة القلوب وقرة الأعين، ولكن ما ننبه إليه أن هذا الحب لا يمكن أن يتحقق إلا بالتربية السليمة للأبناء، التي تتطلب من الآباء حمايتهم بالتحاور والتشاور معهم، ومحاولة معرفة ما يجول بأفكارهم ومساعدتهم في حل مشاكلهم الخاصة، والتقرب والتودد إليهم.
في اعتقادي، أن تربية الأبناء مسؤولية كبيرة تستوجب من الأهل أن يمدوا مع أبنائهم جسور التواصل والتقارب، وأن يحاولوا استيعابهم واستيعاب أعمارهم، والمتطلبات التي تفرضها هذه الأعمار، مع الالتفات إلى أهمية أن يكون هناك ضوابط، حتى لا تتلف هذه العلاقة، ويفقد الأهل دورهم الرئيسي مع أولادهم.
وعليه، فإن الصداقة بين الآباء والأبناء هي صداقة في قمة الأهمية، لما لهذه العلاقة من تأثير إيجابي جداً على سلوكيات الأبناء، والتعرف عليهم عن قرب وإرشادهم للطريق الصحيح من خلال هذه العلاقة التي لا بد للآباء أن يصرّوا على إقامتها مع أبنائهم، مع أهمية وجود الاحترام والتقدير.
لذلك يجب على الآباء تجنب الوقوف في مواجهة رغبات ونشاط الأولاد، أو إلزامهم بواجبات ومهمات فوق القدر والمستطاع وحتى تفوق إمكانياتهم، ويبقى من الضروري تجنب استخدام العنف أو الضرب أو الحرمان، وجعل قائمة المسموحات أكثر من الممنوعات، فذلك يساعدهم على الابتعاد عن الخضوع واتباع الآخرين، كما ينير فكرهم على الإبداع.
من المهم أن يهتم الوالدان بأبنائهما ولا يهملانهم، فالمواظبة على تشجيع سلوكياتهم السليمة وإبانة عدم الرضا عن السلوك الخاطئ والمحاورة، كلها سلوكيات من شأنها الحفاظ على شعور الأبناء بالانتماء.
كما أنه من الواجب على الآباء الحرص على تجنب اختلاف المعاملة، بحيث نعاقبهم أحياناً على سلوك معين، وأحياناً أخرى لا نعاقبهم، وكذلك العكس في المكافأة، فقد يؤدي هذا التصرف إلى بناء شخصية متقلبة لدى الابن.
أساس التربية الناجحة للأولاد، هو منحهم الثقة باعتدال واتزان، بغية التقرب منهم وتربيتهم تربية سليمة وقويمة.
وعلينا معرفة أن تربية الأبناء أشبه بإدارة العمليات الصعبة في فترات الحروب، تحتاج إلى الرجل المتمكن الصبور، وإن كثيراً من الآباء والأمهات يقدمون على الإنجاب دون أهلية أو استعداد، فهم لا يملكون الثقافة التربوية التي تمكنهم من تربية أبنائهم على الوجه المطلوب، ولا يملكون من الخصائص النفسية ما يساعدهم على تحمل أعباء التربية، وهي أعباء كبيرة جداً.;

JoomShaper