بقلم : ممدوح محمد الشمسي
(لا أريد النوم الآن يا أمي) تلك العبارة التي تتردد كثيرا على لسان أطفالنا، وخاصة أيام الدراسة، ويقابلها ذلك الرد من الأم: (حان وقت النوم، ولن أكرر ذلك ثانية)، وتبدأ بعدها سلسلة من الاحتجاجات من قبل الأطفال، وما يتبع ذلك من صراخ الأم وانفعالها، بل قد يتطور الأمر إلى التعنيف والضرب، ولكن: هل ذلك هو العلاج المناسب لتلك المشكلة؟ بالطبع ( لا ).
نحاول أن نقدم من خلال تلك السطور حلا لتلك المشكلة، وأولها الهدوء والذكاء، فيجب أن تكون الأم هادئة وذكية مع طفلها في حالة رفضه الذهاب إلى النوم، وذلك بالحديث معه بهدوء دون
تشنُّج، مع تقدير حاجة الطفل من النوم، فلا ترسله إلى سريره للنوم في وقت مبكر جداً.
ثم تحديد موعد ثابت للنوم، وإعلام الطفل بذلك، وتوضيح أسباب ذهابه للسرير مبكرا حتى يقتنع، ولا يجب أن نستخدم العنف بإكراه الطفل على النوم، فلا بدّ أحياناً من اللجوء لشيء من المرونة في تحديد ساعة نومه، ولاشكّ أنَّ الإصرار على نوم الطفل في ساعة معيّنة دون مراعاة لظروفه وحالته النفسية، ودون مساعدته على تكوين عادة النوم في تلك الساعة بانتظام، قد يكون سبباً في إحداث أضرار بالغة تلحق بشخصيته مستقبلاً.
ومن الأقوال التي يجب تجنبها: ( تستطيع أن تسهر الليلة لأنّك كنت مطيعاً )؛ فإنَّ ذلك يُشعره بأنَّ الذهاب إلى النوم في الوقت المخصَّص لون من العقاب.
ومن الجميل أن ننبه الطفل باقتراب موعد النوم قبلها بوقت كاف، كي يستعد نفسياً وعملياً للنوم، ويجدر الإشارة إلى ضرورة الاهتمام بتهيئة المكان، فنجعل من غرفته غرفة مشجّعة على النوم، بأن تكون مرتَّبة وجميلة تحوي ألعابه المفضّلة، وبعد سنّ الرابعة يمكن نقله في النوم إلى سرير أكبر، وذلك الإجراء سيشعره بأنَّه صار أكبر سناً، وكذلك الحرص على أن نجعل من وقت الذهاب إلى النوم وقتاً ممتعاً وسعيداً، فمن المهم نفسيا للطفل مشاركته في الأمور التي يقوم بها في السرير ونجعله يطلب بعض الاختيارات المقبولة، مثل القصة التي يودّ سماعها قبل النوم أو الآيات القرآنية أو الدعاء، أو ملابس النوم التي يحب ارتداءها.
وينبغي أن نقدر أحاسيس الطفل ومشاعره، فنترك بعض الضوء أو الباب مفتوحاً إن أراد ذلك، ولا نرغمه على النوم عن طريق تخويفه بالعفاريت أو بالغول أو ما شابه ذلك ممَّا يزيد مخاوف الطفل وقلقه النفسي.
وتجدر الإشارة إلى أنه تكثُر طلبات الأطفال عند موعد النوم فيمكننا جمع كلّ طلباته، مثل وضع كأس من الماء على الطاولة، وتوجيهه إلى الذهاب إلى دورة المياه، واحتضانه وتقبيله.
وإذا حاول الطفل مغادرة السرير من جديد فنحاول أن نعيده بشيء من اللُطف والحزم، وإذا شعرنا بأنّه خائف فنهدّئ من روعه ونتفهَّم مخاوفَه، ونحرص على أن يذهب إلى النوم وهو سعيد، لا أن ينام باكياً حانقاً، بل ونحاول أن نوفّر للطفل جوًّاً مُشبَّعاً بالحبّ والحنان فينام نوماً هانئاً.