ليلى علي
لم تكن الأم تدرك أن مشاهدة ابنتها ذات الثلاث سنوات فيديوهات "يوتيوب" الخاصة بالفتيات الصغيرات اللائي يتقمصن شخصيات أميرات ديزني المشهورات، كسندريلا ورابنزل وسنووايت وإلسا وغيرهن؛ سيؤثر على شخصيتها كل هذا القدر.
تبلغ فريدة من العمر الآن خمس سنوات، وما زالت ترفض ارتداء أية ملابس سوى الفساتين اللامعة، كما أنها ترفض المشاركة الرمزية في الأعمال المنزلية بحجة أن الأميرات لا يفعلن ذلك.
قررت الأم أنه لا مزيد من مشاهدة الأميرات؛ فالصغيرة لا تعيش حياتها الطبيعية، ولكنها تتقمص شخصيات أخرى على حساب بناء شخصيتها الخاصة.


تحديد وقت الشاشة
وفقا للأكاديمية الأميركية لطب الأطفال، فإن وقت الشاشة يجب تحديده كالتالي:
لا يجب السماح للأطفال حتى عمر عام ونصف العام بمشاهدة الشاشات (التلفاز وأجهزة الحاسوب والهواتف الذكية) مطلقا. ويمكن للأطفال في هذا العمر إلى عامين قضاء بعض الوقت بصحبة أحد والديهم.
وفي مرحلة ما قبل المدرسة، لا يزيد وقت المشاهدة على ساعة واحدة في اليوم، بإشراف أحد الوالدين، وذلك لمساعدتهم على فهم ما يشاهدونه.
أما الأطفال والمراهقون من عمر 5 إلى 18 عاما، فيجب على الآباء وضع حدود لمشاهدة الشاشات تكون متسقة مع حصولهم على نوم كاف وأنشطة بدنية شاملة.
الوقت الذي حددته الأكاديمية الأميركية لطب الأطفال لمشاهدة الشاشات ربما لا يتناسب الآن مع العزل المنزلي والبقاء في المنزل طيلة اليوم، بسبب جائحة فيروس كورونا؛ فاستخدام الإلكترونيات يحتل المساحة الأكبر من اليوم، سواء توافق ذلك مع رغبة الآباء أم لا.
في هذه المرحلة، ربما ما يجب على الآباء الانتباه له أكثر هو نوعية ما يشاهده أطفالهم، لا سيما الصغار منهم، فهم لا يدركون كثيرا ما يجري حولهم، وربما ما يشاهدونه مرارا وتكرارا في هذه المرحلة سيؤثر كثيرا على شخصياتهم، خاصة في ظل عدم التمكن من اللعب ورؤية الأصدقاء وقضاء وقت ممتع حي ونشط مع زملائهم بالمدرسة.
ولكن، كيف يحدد الآباء ما يجب وما لا يجب أن يشاهده الأطفال في هذا العمر الصغير؟
تقول الباحثة كيلا بويس -على موقع جامعة ميتشيغن- "نعرف كثيرا عن الأطفال والتلفزيون، لأنه كانت هناك الآلاف من الدراسات حول هذا الموضوع. لقد درس الباحثون كيف يؤثر التلفزيون على نوم الأطفال ووزنهم ودرجاتهم وسلوكهم وغيره؛ لذا يجب النظر في كيفية إدارة هذا الملف من قبل الآباء".
نصائح للآباء
تقدم بويس بعض النصائح للآباء في ما يتعلق بكيفية اختيار ما يشاهده الأطفال:
أولا: يجب على الآباء تحديد ما سيشاهده الأطفال بدقة، وجعله متاحا على أجهزة البيت الإلكترونية أو أجهزة أطفالهم الخاصة.
ثانيا: قم باختيار البرامج التي تدعم وتطور وتبني شخصية طفلك الصغير، ولا توفر له البرامج التي لا هدف لها سوى التأثير السلبي عليه، مثل نوع الملابس التي يرتديها وكيف يكون وقحا.
ثالثا: لا يجب أن تكون كل البرامج مفتوحة ومتاحة، لأنه مع انشغال الوالدين قد يعرج الطفل دون قصد على مشاهدة شيء آخر غير الذي تم تحديده.
رابعا: إجراء حوار صريح ومتكرر مع الأطفال الصغار، مفاده توضيح البرامج المسموح بها فقط. وحينما يطلب الابن مشاهدة الشاشات تعمد أن تقول له "يمكنك مشاهدة الحلقة التاسعة من برنامج كذا".
خامس: عدم ترك الطفل فترة طويلة من دون مراجعة أو ملاحظة، يمكنك أن تقول له "دعني أشاهد معك بعض ما تشاهده الآن"، أو "لدي بعض الوقت فقررت أن أشاركك برنامج رجل الفضاء"، على سبيل المثال.
ما لا يجب مشاهدته
عند التفكير في ما هو مناسب وغير مناسب لمشاهدته من قبل أطفالك، ضع في اعتبارك هذه الأشياء التي لا يسمح للأطفال بمشاهدتها، وفقا لموقع "كيدز هيلث":
- اللغة السيئة والعنف، حيث يكرر الأطفال الأشياء التي يسمعونها، ويحاكون السلوك الذي يرونه. وأظهرت الدراسات أنه بعد مشاهدة البرامج العنيفة يتصرف الأطفال بشكل أكثر عدوانية مباشرة.
- العري والمحتوى الجنسي الذي يتم تمريره بشكل غير مباشر أو صريح، إنهم صغار جدا على ذلك، وليس لديهم النضج للتعامل معه.
- دراما الجريمة، فمشاهد الجريمة تحظى بشعبية كبيرة في الوقت الحالي، ويستمتع بها العديد من الأطفال.
- الرسوم المتحركة للكبار، لأن العديد منها غير مناسبة لجمهور الأطفال، حيث إنها تحتوي غالبا على لغة سيئة وصور جنسية.
- الإعلانات التجارية، حيث يتم استهداف بث الإعلانات التجارية أثناء برامج الأطفال، بهدف جعلهم يتوسلون إلى آبائهم لشرائها لهم، وهي تحفز الجشع والرغبة في الإشباع الفوري لديهم.
- مقاطع فيديو موسيقية غير لائقة، فبعض الأغاني الأكثر شعبية تعد غير مناسبة للأطفال الصغار، نظرا لقلة الملابس التي يرتدونها عادة، والحركات التي يقومون بها.
مرة أخرى، كن على دراية بما يشاهده أطفالك، ولاحظ الأثر الذي تتركه على شخصياتهم، واجعلهم يتوقفون فورا في حال لاحظت أن هناك أمرا لا يسرك، وصارحهم بالأمر، قل لهم إن "هذا البرنامج كان له تأثير سيئ عليك ويجب أن نتوقف فورا".

JoomShaper