ترجمة: علاء الدين أبو زينة
تقرير خاص – (الإيكونوميست) 24/6/2021
نادرًا ما يصيب “كوفيد – 19” الأطفال بحالة شديدة من المرض. وفي العام المنتهي في نيسان (أبريل)، كانت فرصة إصابة طفل أميركي بعمر 5 إلى 14 عاماً بالفيروس وموته هي واحد من كل 500.000 تقريباً -أي ما يقرب من عُشر فرصة وفاة طفل بسبب حادث مروري في الأوقات العادية. ومع ذلك، تم إغلاق المدارس في جميع أنحاء العالم كليًا أو جزئيًا لنحو ثلثي العام الدراسي بسبب الوباء.


ربما يكون الضرر الهائل الذي ألحقه هذا الإجراء بآفاق الأطفال ومستقبلهم مبرراً إذا كان إغلاق الفصول الدراسية إحدى أفضل الطرق لمنع انتقال العدوى المميتة بين البالغين. لكن قلة من الحكومات قامت بموازنة التكاليف والمخاطر بعناية. وقد أبقت العديد منها المدارس مغلقة، حتى مع فتح الحانات والمقاهي والمطاعم، إما لإرضاء نقابات المعلمين التي يتقاضى أعضاؤها رواتبهم سواء قاموا بالتدريس وجاهياً أم لا، أو لتهدئة الآباء والأمهات المتوترين.
نتيجة لذلك، بقيت أدمغة الصغار الفتية محرومة من التحفيز كل هذه الفترة. وفي إنجلترا، يتأخر تلاميذ المدارس الابتدائية بحوالي ثلاثة أشهر عن المكان الذي ينبغي أن يكونوا فيه؛ وفي إثيوبيا تعلم الأطفال من 60-70 في المائة أقل من المعتاد خلال العام 2020. وحتى قبل الوباء كانت الأمور سيئة، حيث لا يستطيع أكثر من نصف الأطفال في سن العاشرة في البلدان منخفضة ومتوسطة الدخل قراءة فقرة بسيطة. ويحذر البنك الدولي من أن هذه النسبة قد ترتفع إلى ما يقرب من الثلثين. وسوف يؤدي إغلاق المدارس في جميع البلدان إلى توسيع الفجوة بين التلاميذ الميسورين (الذين لديهم أجهزة لوحية وغرف نوم هادئة للتعلم عن بعد)، ونظرائهم الأفقر (الذين لا يملكون مثل ذلك في معظم الأحيان).
ومع ذلك، يخلق الاضطراب الناجم عن “كوفيد -19” أيضًا فرصة لجعل المدارس أفضل مما كانت عليه من قبل. ثمة الكثير من التلاميذ الذين لديهم الكثير من الأسباب للتعويض عما فقدوه، بينما يفكر المعلمون في أكثر الطرق فعالية لمساعدتهم على القيام بذلك. وتقدم بعض الدول الغنية مزيدًا من الدروس الخصوصية للطلاب المتعثرين، بشكل فردي أو في مجموعات صغيرة. وتقوم بعض البلدان الفقيرة بتبسيط المناهج المكتظة، ما يسمح للمدرسين بالابتعاد عن الكتب المدرسية الحكومية وقضاء المزيد من الوقت في تدريس مواد القراءة الأساسية والرياضيات. ويبدو أن مثل هذه الإصلاحات تعمل.
منحت تجربة التعليم عن بعد للمعلمين دورة مكثفة في تكنولوجيا التعليم. ويمكن أن تتحسن الدروس في التعليم الوجاهي إذا كان المعلمون قد دُربوا بشكل صحيح وسُمح لهم بالتجريب. ويمكن أن تساعد البرنامج الإلكترونية على جعل الفصول الدراسية أكثر تخصيصًا، بحيث يتلقى الأطفال تعليمات تتناسب تمامًا مع قدراتهم. وإذا تحرر المعلمون من المهام المملة، بما في ذلك الكثير من وضع العلامات وحسابها، فسيكون لديهم وقت إضافي يمنحونه للتلاميذ الذين هم في أمس الحاجة إلى أكبر قدر من المساعدة.
لقد أبرز الوباء كيف تؤثر الخلفية العائلية في النجاح الأكاديمي. لطالما كانت المعدة الممتلئة، وتشجيع الوالدين والمنزل الذي يحتوي على الكثير من الكتب ميزة. وسوف تكون الظروف في المنزل أكثر أهمية عندما يكون هو المكان الذي يتم فيه تلقي الدروس. وقد أظهر العام الماضي الحاجة إلى الاختصاصيين الاجتماعيين لمساعدة التلاميذ الفقراء: التأكد من حصولهم على نظارات حتى يتمكنوا من قراءة ما يُعرَض على الشاشة، على سبيل المثال، أو مساعدة والديهم في الأعمال الورقية حتى لا تفوتهم. ويمكن للمدارس تقديم الاستشارات الخاصة بالصحة العقلية أيضًا، وتوصيل التلاميذ بالمؤسسات الخيرية أو الوكالات التي تساعد على حل المشكلات المنزلية المشتتة للانتباه.
للأسف، تفعل القليل من الحكومات حتى الحد الأدنى مما يلزم لتعويض الوقت الضائع. وقد تم تخصيص 2 في المائة فقط من الأموال التي تم إنفاقها في حزم الإغاثة الخاصة بفيروس “كوفيد -19” العام الماضي للتعليم. ووجدت الأمم المتحدة أنه بحلول الخريف الماضي، لم يتمكن سوى ربع الأطفال من الوصول إلى نوع من البرامج العلاجية. وقد يستمر الأطفال الذين فشلوا في فهم الدروس المهمة أثناء الإغلاق في التخلف عن الركب. وحسب أحد التقديرات، فإن الطفل الذي يعيش في بلد فقير ويتخلف عن الدراسة لمدة عام ولا يتلقى المساعدة المناسبة للتعويض يمكن أن يتأخر في النهاية بنحو ثلاث سنوات.
تخطط إنجلترا في العام المقبل لإنفاق قدر ضئيل لمساعدة التلاميذ على التدارُك أكثر مما أنفقته في شهر واحد في الصيف الماضي لدعم العائلات وتشجيعها على تناول الطعام في المطاعم. وكان المشرعون في أميركا، حيث يتغيب الأطفال عن التعليم الشخصي أكثر من أي مكان آخر في العالم الغني، أكثر كرمًا. ولكن يجب إنفاق 20 في المائة فقط من الأموال الإضافية التي يقدمونها للمدارس على التعلم للحاق الطلاب بالركب. وسيُخصَّص الكثير لمسرح “النظام الصحي” الذي لا طائل من ورائه -بما في ذلك الفواصل البلاستيكية بين مقاعد الطلبة، والتي قد تجعل من الصعب رؤية السبورة أو سماع المعلم.
وفي بقية العالم، خفض ثلثا الدول الفقيرة الإنفاق على التعليم. والمال ليس كل شيء، ولكن حتى في الأوقات الجيدة، تنفق الدول الأكثر فقراً 48 دولارًا فقط في السنة لكل تلميذ، وهذا لا يكفي. (الدول الغنية تنفق 8.500 دولار). وتتوقع الأمم المتحدة أن تنخفض المساعدات الخارجية للتعليم بنسبة 12 في المائة بين العامين 2018 و2022.
غالبًا ما تميل الحكومات إلى إهمال التعليم. فتحسين المدارس يكلف المال، وقد يتطلب مواجهة مجموعات المصالح القوية، مثل نقابات المعلمين. وقد لا تأتي الفوائد إلا بعد مغادرة السياسيين الحاليين مناصبهم.
ومع ذلك، ليس هناك ما هو مهم لحياة جيدة غدًا أكثر من التعليم الجيد اليوم. وفي الحد الأدنى، يجب على الحكومات تكثيف جهودها لإصلاح الأضرار الناجمة عن إغلاق المدارس أثناء الوباء. ومع ذلك، سيكون من الأفضل لو أنها تنتهز الفرصة لإعادة كتابة القواعد للمدارس.

JoomShaper