سيدتي - خيرية هنداوي

"الابن عنوان لوالديه"، "شخصية الطفل ترجمة لأسلوب تربيته"، جمل تتكرر على ألسنة معظم العلماء والتربويين منذ عشرات السنين، لم تتغير حتى اليوم. ولم تأتِ من فراغ؛ فكل ما يفعله الآباء من سلوكيات وتعاملات، وحتى الطرق التي يتصرفون بها مع بعضهم البعض ، ومع الآخرين أمام أطفالهم، تؤثر في الأبناء، وتنطبع على مشاعرهم وتترك أثرها على شخصياتهم.

وهنا تؤكد كل الأبحاث التربوية والدراسات النفسية؛ تأثير الآباء على سلوك وأفكار أبنائهم؛ فهم يصدقونهم وكأنهم القدوة ومركز الضوء؛ يقلدونهم فيما يفعلون وما يقولون، حتى ردود أفعالهم تجاه الأشخاص أو الأحداث يسلمون ويقتنعون بها، وكأنها حقائق لا تحتاج لتفسير.

ولو تعرض أحد الوالدين لمشاعر قوية من الاكتئاب والضيق والحزن، فإن الطفل يخزّن الطريقة ويتبعها، بل يقلدها حرفياً في التعامل مع مشاعره الخاصة. اللقاء مع الدكتور حسام العدل، أستاذ الطب النفسي للطفل وتعديل السلوك، لشرح أنواع الأبوة، ثم يوضح أشكال تأثيرها على الطفل، ويضع قواعد على الآباء الالتزام بها.

أنماط الأبوة الأربعة

الأبوة الاستبدادية: يفرضون على أطفالهم قواعد صارمة ويعاقبونهم إذا خالفوها

يفرض هذا النمط من الآباء على أطفالهم اتباع القواعد الصارمة؛ ويعاقبونهم إذا خالفوها، وهؤلاء الآباء لا يشرحون لأطفالهم أسباب وجود هذه القواعد؛ حتى وإن طلب الأطفال شرح سبب ذلك.

وهم يتوقعون من أبنائهم أن يكونوا مطيعين، مثاليين. لا يرتكبون مثل هذه الأخطاء، مع عدم تقديم نصائح وإرشادات حول كيفية فعل ذلك، وعند العقاب يعاقبون أطفالهم بقسوة، وغالباً ما يعاقب الطفل من غير معرفة خطئه!

الأبوة الموثقة أكثر ديمقراطية فالأبناء أصدقاء لآبائهم

هذا النمط أكثر ديمقراطية من السابق، ولكن لا يزال الآباء يضعون قواعدَ ونهجاً للسلوك الواجب على الأبناء اتباعه، إلا أن هذا النوع من الآباء منفتح أكثر للاستماع إلى أسئلة الأبناء، ويقدمون الرعاية والدفء والدعم الكافي، ويكونون أكثر تسامحاً بدلاً من العقاب وحازمين، وأساليبهم التأديبية داعمة وليست عقابية.

الأبوة المتساهلة:

عادة ما يسمى الآباء من هذا النمط "بالمتسامحين"؛ فهم يطلبون القليل جداً فقط من أبنائهم، ونادراً ما يؤدبون الأطفال، ويعود ذلك لانخفاض توقعاتهم بخصوص النضج وضبط الذات، ويتواصل الأبوان بكثرة مع صغارهما، وفي غالب الأوقات يحتلان منزلة الصديقين لأطفالهما وليس منزلة الآباء.

الأبوة غير المتورطة.. "الأبوة المهملة":

تتسم بالمطالب القليلة والاستجابة المنخفضة، والقليل من التواصل، ويلبي الآباء من هذا النوع احتياجات الأطفال الأساسية، ولكنهم ينفصلون عن حياة أطفالهم، ويتركونهم من غير نصائح وتوجيهات.

أشكال تأثير الآباء على سلوك الأبناء

والدان متفاهمان يفتحان قنوات اتصال مع طفلتهما

السلوكيات الاجتماعية: يتعلم الأطفال كل أنماط السلوك الاجتماعي من الوالدين؛ بدءاً من قول "من فضلك" و"شكراً"، وحتى كيفية الوقوف والتحدث مع الآخرين، وإذا كان الآباء انطوائيين، فكذلك يكون الأبناء في غالب الأوقات.

التعامل مع المشاعر: عندما يصاب الآباء بالإجهاد مثلاً، فإن طريقة تعاملهم مع هذا الشعور، سواء كانت سلبية أم إيجابية، فإنها تؤثر على طريقة تصرف الطفل حيال هذا الشعور، وعند التوتر إن بدأ الآباء بالصراخ والضرب؛ يبدأ خوف الطفل، ويعتقد تلقائياً أنه السبب في كل ذلك، وينغلق على نفسه.

إذا كان الوالدان يختلفان بشكل هادئ وناضج أمام أطفالهما، ويسويان المشكلات بعيداً عنهم، فإن ذلك سيسمح للأطفال برؤية الطريقة الصحيحة للتعامل مع النزاعات وحلها.

بينما إبداء الوجه الآخر للنزاعات، والسماح للعنف والألفاظ الشديدة بإدارة الموقف؛ تسبب صدمة لدى الأطفال، وترسّخ لديهم عنفاً مكبوتاً يتفجر لاحقاً بصور أخرى.

ونفسياً، سلوكيات الأبوين القاسية؛ تسبب الاكتئاب عند الأطفال؛ حيث يؤثر الآباء وتفاعلاتهم مع الأحداث بشكل كبير على سلوك أطفالهم، كما أن ردود الفعل السلبية، مثل الصراخ والترهيب؛ تجعل الأطفال منغلقين على أنفسهم غير اجتماعيين.

 

تُرى ما هي أسباب خوف الأطفال؟

مجموعة قواعد على الآباء الالتزام بها

الأبوة والأمومة عملية يتأثر فيها كل من الوالدين والأطفال ببعضهم

 

الأبوة والأمومة هي عملية يؤثر فيها كل من الوالدين والأطفال على بعضهم البعض؛ حيث يؤثر الآباء على سلوك أطفالهم، والذين ينظرون للآباء على إنهم القدوة.

ويتطبع الأطفال غير الاجتماعيين في الوقت نفسه بسلوكيات آبائهم؛ حيث إن الوالدين يؤثران على الطريقة التي يتفاعل بها الطفل مع الأحداث والمواقف عند الكبر.

إليك كيف يكون تأثير سلوك الآباء على الأبناء، وكيفية تعزيز الثقة بينهم بعيداً عن الحب المشروط، وفقاً لمجموعة قواعد:

كونوا قدوة لأطفالكم

 

توقفي عن الصراخ أمام أطفالك، أو لهم، إذا كان أحد الوالدين يتفاعل بشكل سلبي، فسوف يتعلم الطفل أن يتفاعل بنفس الطريقة، ولذا يجب الحذر من إساءة معاملة الأطفال، فهي تدمر شخصيتهم، وتجعلهم أكثر عدوانية، ويتورطون في مشاكل اجتماعية لا حصر لها، الأطفال مقلدون رائعون وسوف يلتقطون العادات التي يرونها في محيطهم.

 

هل تريدين الاطلاع على: كيفية التعامل مع الطفل العدواني؟

تجنبوا السلوكيات القاسية

 

إن سلوكيات الأبوين القاسية تسبب الاكتئاب عند الأطفال؛ حيث يؤثر الآباء بشكل كبير على سلوك أطفالهم، وتفاعلاتهم مع الأحداث، بالإضافة إلى ذلك فإن ردود الفعل السلبية، مثل الصراخ والترهيب تجعل الأطفال منغلقين على أنفسهم غير اجتماعيين.

كما أن اللجوء إلى الصفع أو تعنيف الطفل أو العقاب البدني بشكل عام، قد يتسبب في إيذاء الطفل نفسياً؛ لذا يجب أن يختار الآباء أشكالاً بديلة للعقاب، مثل الحرمان من التلفاز، لتعديل سلوكيات الطفل بطريقة هادئة.

ابتعدوا عن الجدل اللفظي والجسدي أمام الأطفال

 

يجب توقف الأبوين عن إثارة أي خلافات زوجية أمام الأبناء؛ لأن المعارك اللفظية والجسدية تؤثر على الصحة النفسية للأطفال، وغالباً ما يكرر الأطفال هذا السلوك في علاقاتهم الزوجية المستقبلية.

كما يلوم بعض الأطفال أنفسهم على نزاعات والديهم، وقد يتعرضون للصدمات نفسية وتدني احترام الذات، فعندما يرى الطفل الأبوين يتجادلان أو يختلفان حول أسلوب أو قرار؛ سيرى الطفل أن ذلك يعد فرصة للتأثير على الآخر لصالحه.

افتحوا قنوات اتصال بينكم وبين أطفالكم

 

يجب الإجابة عن أي سؤال قد يطرحه الطفل بصبر، وبوضوح قدر المستطاع. يساعد طرح الأسئلة عندما يكون طفلك صغيراً يفتح خطوط اتصال ستكون مفيدة عندما يكبر، فيحتاج طفلك إلى فهم أنه يجب أن يتعلم اكتساب المهارات والعناية بنفسه أيضاً. سيكون هذا مفيداً فقط لمستقبله، ويجب محاولة مدح الطفل باستمرار عندما يفعل شيئاً إيجابياً.

أكبر أخطاء التربية.. فكرة "الحب المشروط"

لا تربطي حبك لطفلك بنجاحه وتميزه

 

من أكبر الأخطاء التي يقع فيها الكثير من الآباء هي الحب المشروط؛ بمعنى اجعليه يدرك ويتيقن أنكما تحبانه دون قيد أو شرط، ويمكن الافتراض أن الطفل يفهم ذلك بطبيعته.

يجب عدم إظهار أن حبك لطفلك يعتمد على معايير مشروطة، فعندما تواجهين طفلك بشأن أي مشكلة؛ يجب عدم اصطياد الأخطاء أو توجيه الانتقاد أو لوم طفلك؛ مما قد يجعله يشعر بنقص الثقة.

====================

 حتى تصبح سعيداً... 6 صفات تدعم قوتك العقلية

عندما تتوقف وتفكر في الأشياء التي قد تجعلك سعيداً، فإلى أي مدى يتبادر إلى ذهنك مفهوم «الارتقاء فوق التحديات»؟ هناك العديد من الأفكار الشائعة حول الصفات الضرورية لتجاوز الأوقات الصعبة، فضلاً عن السمات الشخصية التي قد تساعدك في ذلك.

هل تعاني من يوم سيئ؟ قل لنفسك أن تتوقف عن التركيز على السلبيات. وإذا استمريت في المضي قدماً، فستختفي مشاكلك. في علم النفس، يعكس هذا الموقف مفاهيم مثل «الكفاءة الذاتية» أو الثقة في قدرتك على إتمام مهمة بنجاح، و«الشجاعة» أو القدرة على المثابرة، و«المرونة» أي القدرة على التكيف وتجاوز الضغوط، وكل ذلك مرتبط بمفهوم أوسع وأشمل وهو «القوة العقلية».

مفهوم القوة العقلية

وفقاً لما نشره موقع «سيكولوجي توداي» المعني بالصحة النفسية والعقلية والعلوم السلوكية، فإن هذه الصفات الثلاث (الكفاءة الذاتية والشجاعة والمرونة) جيدة جداً، لكنها لا تكفي بمفردها في الوصول للسعادة، لكن «القوة العقلية» يمكن أن تتنبأ بمجموعة من النتائج الإيجابية التي تتجاوز تلك المرتبطة بهذه المفاهيم الثلاثة.

وحسب الموقع، فإن القوة العقلية مفهوم مشتق من مجال علم النفس الرياضي كوسيلة لشرح كيفية تعامل الرياضيين مع الضغوط والتوترات التي يفرضها عليهم التنافس الشديد والحاجة إلى التدريب.

وباستخدام عينة من الشباب البالغين مكونة من 367 طالباً جامعياً، أجرت جامعة «لندن» استبياناً بالتعاون مع جامعات أخرى بهدف تحديد الصفات الأساسية للقوة العقلية. وجاءت الصفات الستة التي يُمكن اعتبارها «مقاييس على القوة العقلية» كالتالي:

التحدي: فالتحديات عادة ما تبرز أفضل ما لدى الشخص.

الالتزام: حيث يلتزم كل شخص بفعل كل ما يلزم للوفاء بوعوده وتحقيق أهدافه.

السيطرة على المشاعر: إدارة مشاعرك ومشاعر الآخرين مهمة للوصول للسعادة والحفاظ عليها.

السيطرة على الحياة: لا بد أن يكون لديك اعتقاد بأنك تستطيع حقاً أن تسيطر على حياتك.

الثقة في القدرات: عليك الإيمان بأن لديك القدرة على القيام بالأمور، أو على الأقل تستطيع اكتساب القدرات الجديدة التي تحتاجها.

الثقة الشخصية: تستطيع بالثقة أن تؤثر على الآخرين كما تستطيع الدفاع عن موقفك إذا لزم الأمر.

استخدام القوة العقلية لمصلحتك

لا يتعين عليك أن تكون رياضياً للاستفادة من الطرق التي يمكن أن تساعدك بها القوة العقلية على التخلص من بعض مشاكلك، أو على الأقل جعلها أكثر قابلية للتحمل. وهذا يثير تساؤلاً حول كيفية الاستفادة من نقاط قوتك الداخلية؟

وفق الأبحاث، فإن الطريق إلى صلابة أكبر ينطوي على تدخلات تركز على التفكير الإيجابي، وتحديد الأهداف، والتحكم في القلق وفي الانتباه. على سبيل المثال، يمكنك عندما تشعر بالتوتر من أمر ما أن تعمل بعقلك على ترجمة هذا التهديد إلى تحد. وبالقوة والقدرات العقلية يمكن أن ترتقي بمستوى التحدي وتبرز أفضل ما لديك بما يساعدك في توجيه انتباهك إلى الأمر الذي يتسبب في توترك وهزيمته.

في النهاية، إن مراجعة مفهوم السعادة ليشمل الأبعاد الستة للقوة العقلية لديها القدرة على إعطائك رؤى جديدة ليس فقط حول ما يساعدك على تجاوز الأوقات العصيبة، ولكن أيضاً حول كيفية بناء قوتك من الداخل لتنطلق إلى الخارج.-(وكالات)

JoomShaper