هل وجدت نفسك يومًا تقارن جم طفلك بأقرانه في المدرسة، وتملّكك شعور بالقلق إزاء صحّته؟
في هذا الإطار، علّقت جيل كاسل، اختصاصية التغذية للأطفال في ولاية ماساتشوستس، أنه مثلما لا ينبغي الحكم على الكتاب من غلافه، لا يمكنك الحكم على صحة الشخص من خلال مظهر جسمه فقط.
وفي كتابها الجديد بعنوان "الأطفال ينمون بكل الأحجام"، تهدف كاسل إلى تقديم نموذج جديد لتقييم صحة الأطفال، وفق ما نشر على موقع "سي ان ان. عربية".
وأوضحت كاسل أن الأطفال الذين يملكون أجسامًا أكبر أو أصغر من المتوسط أكثر عرضة لخطر الإصابة بأذى نفسي مرتبط بحجمهم مقارنة بأقرانهم من ذوي الحجم المتوسط.
من جانبها أشارت جينيفر رولين، مؤسسة مركز اضطرابات الأكل في مدينة روكفيل بولاية ماريلاند، إلى أن بعض التكتيكات التي يستخدمها الكبار للتأثير على حجم أطفالهم قد يكون لها عواقب على صحتهم وعلاقتهم بالطعام لبقية حياتهم.
وقالت كاسل إنه مع بداية العام الدراسي الجديد، يواجه الأطفال ذوو الأجسام الأكبر أو الأصغر حجما احتمال مواجهة صعوبات في المدرسة، لكن البالغين الذين يعتنون بهم لديهم فرصة لإعادة ضبط نهج الأسرة تجاه الصحة والحجم.
أشارت كاسل إلى أن الطريقة التي يتم بها تقييم صحة الأطفال غالبًا ما تركز بشكل كبير على حجمهم وشكلهم.
فيما رأت طبيبة الأطفال، الدكتورة نيمالي فرناندو، مؤسسة مشروع الدكتور يام، وهي منظمة غير ربحية مقرها ولاية فيرجينيا تساعد المجتمعات على التغلب على العقبات التي تحول دون تناول الطعام الجيد، أنّ هناك بعض المشاكل في هذه المقاربة، إحداها تتمثّل بأنّ الوزن والحجم نادرًا ما يخبران القصة الكاملة.
وقالت فرناندو: "هناك الكثير من المحددات الاجتماعية للصحة التي نحتاج إلى مراعاتها عندما ننظر إلى الصحة العامة للطفل، ومن السهل التركيز على عوامل يمكننا قياسها، عوض قضاء الوقت لفهم ما يحدث في حياة الطفل".
ثمة مشكلة أخرى تتمثل بالطرق التي يتم بها التعامل مع الحجم بشكل مباشر، والتي لا تكون مفيدة في كثير من الأحيان.
وقالت كاسل: "الضغط على الأطفال لتناول المزيد أو كميات أقل من الطعام، وتقييد الأطفال من تناول وجبة ثانية، تعد ممارسات تغذوية غير فعالة جدًا على المدى الطويل، ويمكن أن تعرقل العلاقة النامية مع الطعام".
عوض ذلك، طورت كاسل نموذجًا يسمى "صحة الطفل بالكامل" يؤكد على التوازن بين الصحة البدنية والرفاهية العاطفية.
وأضافت: "يشمل النموذج عوامل مثل النوم، والحركة، ووقت الشاشة، والطعام، ويشمل أيضًا ثقافة الأسرة، وحب الذات كركيزة أساسية".
يبدو أن القواعد الصحية الصارمة ليست الحل لضمان طفل سليم، بدلاً من ذلك، قالت كاسل، "يحتاج كل طفل إلى عادات نمط حياة جيدة وصحية حتى ينمو بصحة جيدة وبسعادة".
تؤكد كاسل أن الركيزة الأولى للصحة لا تتعلق بنظام الطفل الغذائي أو ممارسته للتمارين الرياضية، بل تتعلق بثقافة الأسرة المحيطة به.
وأوضحت أن ثقافة العائلة تشكل ما تؤمن به، وقيمك الأساسية، ومواقفك، وما تقضي وقتك في القيام به. وبالنسبة للأطفال الذين قد يكبرون بجسم أكبر أو أصغر، فإنهم يحتاجون إلى أسر ذات ثقافة عائلية قوية وإيجابية.
وتوصي بالتحقق حقًا من الطريقة التي تتحدث بها عائلتك عن الطعام، وعن جسمك، وأجسام الآخرين والقضايا الأخرى المهمة بالنسبة لك. وأشارت إلى أن عقد اجتماعات عائلية، وتعاليم عائلية وأنشطة تدعم هذه القيم يمكن أن يساعد في تعزيز البيئة التي تريد خلقها لطفلك.
الهدف من ركيزة الطعام بناء مرونة مع الطعام والتركيز على الأطعمة ذات القيمة الغذائية العالية، إضافة إلى السماح أيضًا بالأطعمة التي قد تكون مغذية بشكل ضئيل ضمن النظام الغذائي بطرق يمكن الاستمتاع بها بشكل كامل.
وأوصت كاسل بالتركيز على أمور مثل تناول وجبات الطعام في نفس الموعد تقريبًا كل يوم، وتناول الطعام بوعي، والجلوس لمشاركة وجبة كعائلة قدر الإمكان خلال الأسبوع.
وأخيرا، حاول التحرك نحو فهم الطعام باعتباره أكثر أو أقل قيمة من الناحية الغذائية والابتعاد عن وصفه بأنه "جيد" أو "سيئ"، وفقا لكاسل.
كما يعد الحصول على نوم جيد أمرا بالغ الأهمية لصحة طفلك الجسدية والعاطفية، لذا يجب أن تكون ممارسة مفهوم "عادات الاستعداد لوقت النوم" على قائمة أولوياتك، وفق كاسل.
وقد تشعر العائلات أيضًا بالقلق بشأن العام الدراسي الجديد، وأي تنمّر قد يتعرّض له أطفالهم ذوو الأجسام الأكبر أو الأصغر.
ومن الضروري النظر في البيئة التي يخلقها الآباء والأمهات في المنزل، وفقا لكاسل، والتواصل مع طفلك بأنه مقبول، وأنّ قيمته لا ترتبط بمظهره.