سيدتي - لينا الحوراني

إذا علمتِ، مؤخراً، أن طفلك يعاني من اضطراب طيف التوحد أو قد يعاني منه، فربما تتساءلين وتقلقين بشأن ما قد يحدث بعد ذلك. لا يستعد أي والد أبداً لسماع أن الطفل مصاب بالتوحد، وقد يكون تشخيص اضطراب طيف التوحد مخيفاً للأبوين، قد لا تكونين متأكدة من كيفية مساعدة طفلك على أفضل وجه، أو تشعرين بالارتباك بسبب نصائح العلاج المتضاربة، أو ربما قيل لك إن اضطراب طيف التوحد هو حالة غير قابلة للشفاء مدى الحياة، ما يجعلك قلقة من أن أي شيء تفعلينه لن يحدث فرقاً.

هناك العديد من الأشياء التي يمكنك القيام بها لمساعدة الطفل المصاب باضطراب طيف التوحد (ASD) على التغلب على تحدياته. يمكن أن تساعدك نصائح الأطباء والاختصاصيين في توجيههم نحو العلاجات والخدمات الآتية.

في حين أنه من الصحيح أن اضطراب طيف التوحد ليس شيئاً "يتخلص منه الشخص ببساطة"، إلا أن هناك العديد من العلاجات التي يمكن أن تساعد الأطفال على اكتساب مهارات جديدة والتغلب على مجموعة واسعة من التحديات التنموية، بدءاً من الخدمات الحكومية المجانية إلى العلاج السلوكي في المنزل والبرامج المدرسية، حيث تتوفر المساعدة؛ لتلبية الاحتياجات الخاصة لطفلك، ومساعدته على التعلم والنمو والازدهار في الحياة، في أغلب البلدان.

وعندما تعتنين بطفل مصاب بالتوحد، فمن المهم أيضاً أن تعتني بنفسك. إن كونك قوية عاطفياً يسمح لك بأن تكوني أفضل أم لطفلك المحتاج. يمكن أن تساعدك نصائح الأمومة هذه في جعل الحياة مع طفل مصاب بالتوحد أسهل.

لا تنتظري التشخيص

أفضل ما يمكنك فعله هو بدء العلاج على الفور

بصفتك أماً لطفل مصاب باضطراب طيف التوحد أو تأخر النمو المرتبط به؛ فإن أفضل ما يمكنك فعله هو بدء العلاج على الفور. اطلبي المساعدة بمجرد أن تشكي في وجود خطأ ما. لا تنتظري لتري ما إذا كان طفلك سيتحسن لاحقاً أو يتغلب على المشكلة. ولا تنتظري حتى التشخيص الرسمي. كلما حصل الأطفال المصابون باضطراب طيف التوحد على المساعدة في وقت مبكر؛ زادت فرص نجاح العلاج. التدخل المبكر هو الطريقة الأكثر فعالية لتسريع نمو طفلك وتقليل أعراض التوحد على مدار العمر.

تعرفي إلى مرض التوحد

كلما زادت معرفتك باضطراب طيف التوحد؛ أصبحتِ أكثر استعداداً لاتخاذ قرارات مستنيرة بشأن طفلك. تعرفي إلى خيارات العلاج، واطرحي الأسئلة، وشاركي في جميع قرارات العلاج، واكتشفي ما الذي يحفز سلوكيات طفلك الصعبة أو المزعجة وما الذي يثير استجابته الإيجابية. ما الذي يجده طفلك مرهقاً أو مخيفاً؟ هل هو هادئ؟ هل هو غير مرتاح؟ هل يشعر بالسعادة؟ إذا فهمتِ ما يؤثر على طفلك؛ فسوف تكونين أفضل في حل المشكلات ومنع أو تعديل المواقف التي تسبب له الصعوبات.

تقبلي طفلك بكل ما فيه من صفات غريبة

فبدلاً من التركيز على كيفية اختلاف طفلك المصاب بالتوحد عن الأطفال الآخرين وما "يفتقده"، اقبليه. استمتعي بصفات طفلك الغريبة، واحتفلي بالنجاحات الصغيرة، وتوقفي عن مقارنة طفلك بالآخرين، فالشعور بالحب والقبول غير المشروط سيساعد طفلك أكثر من أي شيء آخر، بهذا عليكِ ألا تستسلمي، فمن المستحيل التنبؤ بمسار اضطراب طيف التوحد. لا تتوصلي إلى استنتاجات حول شكل الحياة التي قد يعيشها طفلك. مثل أي شخص آخر، يتمتع الأشخاص المصابون بالتوحد بحياة كاملة للنمو وتطوير قدراتهم.

كيف تساعدين طفلك المصاب على تحقيق النجاح؟

قومي بتخصيص زاوية له في المنزل

إن تعلم كل ما يمكنك عن التوحد والمشاركة في العلاج؛ من شأنه أن يقطع شوطاً طويلاً في مساعدة طفلك. بالإضافة إلى ذلك، فإن النصائح التالية من شأنها أن تجعل الحياة المنزلية اليومية أسهل لك ولطفلك المصاب باضطراب طيف التوحد:

وفري له البيئة الآمنة

يواجه الأطفال المصابون باضطراب طيف التوحد صعوبة في تطبيق ما تعلموه في مكان واحد (مثل عيادة المعالج أو المدرسة) على أماكن أخرى، بما في ذلك المنزل. على سبيل المثال، قد يستخدم طفلك لغة الإشارة في المدرسة للتواصل، لكنه لا يفكر أبداً في القيام بذلك في المنزل. إن خلق الاتساق في بيئة طفلك هو أفضل طريقة لتعزيز التعلم. اكتشفي ما يفعله معالجو طفلك واستمري في تقنياتهم في المنزل. استكشفي إمكانية إجراء العلاج في أكثر من مكان؛ لتشجيع طفلك على نقل ما تعلمه من بيئة إلى أخرى. من المهم أيضاً أن تكوني متسقة في الطريقة التي تتفاعلين بها مع طفلك وتتعاملين مع السلوكيات الصعبة.

التزمي بجدول زمني

يحقق الأطفال المصابون بالتوحد أفضل النتائج عندما يكون لديهم جدول أو روتين منظم للغاية. ومرة أخرى، يرجع هذا إلى الاتساق الذي يحتاجون إليه ويتوقون إليه. حددي جدولاً زمنياً لطفلك، مع تحديد أوقات منتظمة للوجبات والعلاج والمدرسة ووقت النوم. حاولي تقليل الاضطرابات في هذا الروتين إلى الحد الأدنى. إذا كان هناك تغيير لا مفر منه في الجدول الزمني، فقومي بإعداد طفلك لذلك مسبقاً.

كافئي طفلك على سلوكه الجيد

يمكن أن يكون التعزيز الإيجابي مفيداً جداً للأطفال المصابين باضطراب طيف التوحد، لذا ابذلي جهداً "لمراقبتهم وهم يقومون بشيء جيد". امتدحيهم عندما يتصرفون بشكل مناسب أو يتعلمون مهارة جديدة، وحددي السلوك الذي يتم الثناء عليه. ابحثي أيضاً عن طرق أخرى لمكافأتهم على السلوك الجيد؛ مثل إعطائهم ملصقاً أو السماح لهم باللعب بلعبة مفضلة.

قومي بتخصيص زاوية له في المنزل

خصصي مساحة في منزلك، حيث يمكن لطفلك الاسترخاء والشعور بالأمان. سيتضمن هذا تنظيم الحدود ووضعها بطرق يفهمها طفلك. يمكن أن تكون الإشارات البصرية مفيدة (شريط ملون يحدد المناطق المحظورة، ووضع علامات على العناصر في المنزل بالصور). قد تحتاجين أيضاً إلى تأمين المنزل، خاصة إذا كان طفلك عرضة لنوبات الغضب، أو غيرها من السلوكيات المؤذية للذات عند الطفل.

كيف تتواصلين مع طفلك المصاب بالتوحد؟

حددي الدافع وراء نوبة الغضب

قد يكون التواصل مع طفل مصاب بالتوحد أمراً صعباً، لكنك لست بحاجة إلى التحدث أو حتى اللمس من أجل التواصل والترابط. يمكنك التواصل من خلال الطرق الآتية:

استخدمي وسائل تواصل غير لفظية

انظري إلى طفلك، ولتجعلي نبرة صوتك خاصة، ولغة جسدك محددة، وربما الطريقة التي تلمسين بها طفلك. يتواصل طفلك أيضاً معك، حتى لو لم يتحدث أبداً. تحتاجين فقط إلى تعلم اللغة.

ابحثي عن الإشارات غير اللفظية

إذا كنت تراقبين طفلك باهتمام، فيمكنك تعلم كيفية التقاط الإشارات غير اللفظية التي يستخدمها الأطفال المصابون بالتوحد للتواصل. انتبهي إلى أنواع الأصوات التي يصدرونها، وتعبيرات وجوههم، والإيماءات التي يستخدمونها عندما يشعرون بالتعب أو الجوع عند الأطفال أو الرغبة في شيء ما.

حددي الدافع وراء نوبة الغضب

من الطبيعي أن تشعري بالانزعاج عندما يساء فهمك أو يتجاهلك أحد، ولا يختلف الأمر بالنسبة للأطفال المصابين باضطراب طيف التوحد. عندما يتصرف الأطفال المصابون باضطراب طيف التوحد بشكل سيئ؛ فغالباً ما يكون ذلك بسبب عدم انتباهك لإشاراتهم غير اللفظية. إن نوبة الغضب هي طريقتهم للتعبير عن إحباطهم وجذب انتباهك.

خصصي وقتاً للمرح

فالطفل الذي يعاني من اضطراب طيف التوحد لا يزال طفلاً. وبالنسبة للأطفال المصابين بالتوحد وآبائهم، فإن الحياة تحتاج إلى أكثر من مجرد علاج. لذا، حددي وقتاً للعب عندما يكون طفلك في أوج يقظته ووعيه. وابحثي عن طرق للاستمتاع معاً؛ من خلال التفكير في الأشياء التي تجعل طفلك يبتسم ويضحك ويخرج من قوقعته. ومن المرجح أن يستمتع طفلك بهذه الأنشطة أكثر من غيرها إذا لم تكن تبدو علاجية أو تعليمية. وهناك فوائد هائلة تنجم عن استمتاعك بصحبة طفلك واستمتاعه بقضاء وقت غير مضغوط معك. فاللعب جزء أساسي من التعلم لجميع الأطفال، ولا ينبغي أن يشعر وكأنه عمل.

انتبهي إلى حساسية طفلك الحسية

يعاني العديد من الأطفال المصابين باضطراب طيف التوحد من فرط الحساسية للضوء والصوت واللمس والتذوق والرائحة. وبالمقابل يعاني بعض الأطفال المصابين بالتوحد من "قلة الحساسية" للمحفزات الحسية. اكتشفي ما هي المشاهد والأصوات والروائح والحركات والأحاسيس اللمسية التي تحفز السلوكيات "السيئة" أو المزعجة لطفلك وما الذي يثير استجابة إيجابية. ما الذي يجده طفلك مرهقاً؟ مهدئاً؟ غير مريح؟ ممتعاً؟ إذا فهمتِ ما يؤثر على طفلك؛ فستكونين أفضل في حل المشكلات ومنع المواقف التي تسبب صعوبات وخلق تجارب ناجحة.

نصائح لإنشاء خطة علاج مخصصة لمرضى التوحد

مع وجود العديد من العلاجات المختلفة المتاحة، قد يكون من الصعب تحديد النهج المناسب لطفلك. وما يزيد الأمور تعقيداً هو أنك قد تسمعين توصيات مختلفة، أو حتى متضاربة، من الآباء والمعلمين والأطباء.

عند وضع خطة علاج لطفلك، ضعي في اعتبارك أنه لا يوجد علاج واحد يناسب الجميع. فكل طفل مصاب بالتوحد فريد من نوعه، وله نقاط قوة ونقاط ضعف مختلفة، لذلك يجب أن يتم تصميم علاج طفلك وفقاً لاحتياجاته الفردية. أنت تعرفين طفلك بشكل أفضل، لذا فإن الأمر متروك لك للتأكد من تلبية هذه الاحتياجات. يمكنك القيام بذلك عن طريق طرح الأسئلة التالية على نفسك:

    ما هي نقاط القوة والضعف لدى طفلي؟

    ما هي السلوكيات التي تسبب أغلب المشاكل؟

    ما هي المهارات المهمة التي يفتقر إليها طفلي؟

    كيف يتعلم طفلي بشكل أفضل؛ من خلال الرؤية أو الاستماع أو الفعل؟

    ما هي الأنشطة التي يستمتع بها طفلي؟ وكيف يمكن استخدام هذه الأنشطة في العلاج وتعزيز التعلم؟

أخيراً، ضعي في اعتبارك أنه بغض النظر عن خطة العلاج التي تختارينها، فإن مشاركتك ضرورية لتحقيق النجاح. يمكنك مساعدة طفلك على تحقيق أقصى استفادة من العلاج من خلال العمل جنباً إلى جنب مع فريق العلاج ومتابعة العلاج في المنزل، وابدئي بالتركيز على الأعراض الأكثر شدة والاحتياجات الملحّة لطفلك.

لكن لا تحاولي القيام بكل شيء بمفردك. لست مضطرة إلى ذلك! هناك العديد من الأماكن التي يمكن لأسر الأطفال المصابين باضطراب طيف التوحد اللجوء إليها للحصول على المشورة والمساعدة والدعم؛ مثل مجموعات دعم اضطراب طيف التوحد، وهي وسيلة رائعة لمقابلة أسر أخرى تواجه نفس التحديات التي تواجهينها. حيث يمكن للوالدين تبادل المعلومات والحصول على المشورة والاعتماد على بعضهم البعض للحصول على الدعم العاطفي.

رعاية الطفل المصاب بالتوحد عندما تكونين أنت مصابة بالتوحد

تشير الأبحاث إلى وجود عنصر وراثي في مرض التوحد، وقد يبدأ من رحم الأم، ومع ذلك لا يكتشف العديد من الآباء أنهم مصابون بالتوحد إلا عندما يبحثون ويحصلون على تشخيص رسمي لطفلهم. إذا كنتِ مصابة بالتوحد، فقد تواجهين تحديات فريدة عندما يتعلق الأمر بتربية الأطفال الذين يعانون أيضاً من اختلافات عصبية. فيما يلي بعض النصائح التي قد تساعدك:

    لا تخفي هويتك؛ أي دعي طفلك يتعرف إلى حقيقتك. إذا كانت لديك بعض السلوكيات الغريبة، مثل السلوكيات المتكررة أو حركات الجسم غير العادية، فلا تشعري بالضغط لإخفائها أمام طفلك.

    كوني على طبيعتك، فهذا يشجع طفلك المصاب بالتوحد على أن يكون على طبيعته من حولك ويخلق فرصة للترابط حول أوجه التشابه بينكما.

    تحدثي مع طفلك حول كيفية تفاعل الأفراد العاديين مع سلوكياتك وكيفية التعامل مع ردود الفعل السلبية، وحاولي تقديم نوع التوجيه الذي كان بإمكانك استخدامه عندما كنتِ صغيرة.

    تذكري أن تعتني بنفسك، فقد يكون الاهتمام بالطفل أمراً صعباً إذا كنت تعانين من احتياجات حسية أو تتطلبين أسلوبَ حياة منظماً للغاية. على سبيل المثال، إذا كنت حساسة للأصوات؛ فقد يكون الطفل الباكي مصدراً دائماً للتوتر وعدم الراحة عند الأطفال، من المهم أن تتبني عادات التكيف التي تساعد في تقليل التوتر في مثل هذه المواقف.

    إذا بدت بعض المهام صعبة عليك، فاطلبي الدعم من أشخاص آخرين، وإذا كان التواصل مع الأطباء والمعلمين يشكل تحدياً؛ فقد يتمكن مرشد تربية الأطفال، أو الآباء الآخرون المصابون بالتوحد من مساعدتك في التوصل إلى حلول.

    استخدمي نقاط قوتك، وفكّري في الكيفية التي يمكن أن تساعدك بها مهاراتك ومواهبك في تأسيس أسرة داعمة لطفلك. هل تتفوقين في التفكير البصري أو التصميم؟ اصنعي ملصقات تعليمية لطفلك. هل أنتِ جيدة في حل المشكلات؟ استخدمي إبداعك والتفكير خارج الصندوق للتغلب على التحديات في جميع أنحاء المنزل.

    تحلَيّ بالصبر مع نفسك ومع طفلك. وكوني على استعداد لقبول حقيقة أنكما لديكما متسع من الوقت للنمو والتعلم. وقد تواجهين بعض الانتكاسات، وربما تفقدين أعصابك وتشعرين بالخجل من رد فعلك، أو ربما يجد طفلك صعوبة في التأقلم مع أقرانه عندما يلتحق بالمدرسة. لذا، قرري أن تتعلمي من التجارب السيئة وأن تجدي الحلول، وعندما يحرز أحدكما تقدماً؛ امتدحي طفلك واحتفلي بنجاحاتك الشخصية أيضاً.

JoomShaper