د. أمير بن محمد المدري

الحمد لله رب العالمين حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه، حمدًا يوازي نعمته علينا بالإسلام... إذ أنزل إلينا خير كتبه، وأرسل إلينا أفضل رسله وشرَع لنا أفضل شرائع دينه، وجعلنا من خير أمة أخرجت للناس... والصلاة والسلام على خير البرية، وآله وأصحابه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد.

سنبدأ مع حقوق الطفل في الإسلام.

لماذا الحديث عن حقوق الطفل في الإسلام؟

لأننا نسمع الذين يتبجحون بأن الغرب عندهم للأطفال حقوقًا ليست عند المسلمين، وأن وضع الطفل الغربي أفضل وضعًا وأحسن حالا من أطفال المسلمين.

نتكلم عن حقوق الطفل في الإسلام لأن:

1) 300) مليون طفل حول العالم معرضون للعنف والإساءة في أسوأ أشكالها..

2) 20) % ممن يُقتلون في فلسطين المحتلة على أيدي الصهاينة هم من الأطفال.

3) 100) مليون طفل يعيشون في الشوارع على مستوى العالم.

4) 90) مليون طفل لم يلتحقوا بالمدارس

5) في البلدان النامية هناك حوالي (250) مليون طفل يعملون، منهم (140) مليون من البنين و(110) مليون من البنات.

6) 6) ملايين طفل أصيبوا في الصراعات المسلحة.

7) (2.000.000) طفل في العالم (ذكورًا وإناثًا) يتم استخدامهم سنويًا في سوق الدعارة الدولية بوسائل وطرق مختلفة.

أما في بلادنا الحبيبة فحدث ولا حرج.

نتكلم عن حقوق الطفل لأن الطفل عجينة تشكلها كما تشاء.

لأن الطفل ورقة بيضاء تنقش فيها ما تريد.

إذا أردنا أن ننظر إلى حضارة أي دولة في العالم وأي أُمة فلننظر إلى شبابها ماذا يفعلون فيما يفكرون ما هي أهدافهم ما هي أمنياتهم؟

وإذا أردنا أن ننظر إلى مستقبل أي أمة فلننظر إلى أطفالها كيف يعيشون كيف يُعاملون ما هي حقوقهم؟

الطفل في الشريعة الإسلامية: هو كل من لم يبلغ سن التكليف وعرّفته اتفاقية الطفل بأنّه: (كل إنسان لم يتجاوز الثامنة عشرة).

لقد اهتم الإسلام بحقوق الطفل في جميع مراحل حياته.

أولًا مرحلة ما قبل الحمل:

فمن الأمور العظيمة في هذا الدين أنه اهتم بالأطفال قبل الحمل، قبل أن يوجدوا. ولعل أبرز حق وأعظمه ضمنه الله للطفل في هذه المرحلة هو اختيار والديه بعضهما لبعض، أن تختار المرأة الرجل وأن يختار الرجل المرأة، ولا أحد يُكره على الزواج.

هذا الدين العظيم جعل الرجل لا يُكره، ولا أحد يمكنه أن يلزمه بالزواج، سواءً كان أباه أو أمه أو الحاكم، كذلك الأمر بالنسبة إلى البنت لا تُلزم ولا يُمكن أن يلزمها أحد؛ لذلك قال الرسول صلى الله عليه وسلم: «والبِكْرُ تُسْتَأْذَنُ فِي نَفْسِهَا، وإذْنُهَا صُمَاتُهَا»؛[رواه الجماعة والبخاري]. فتُستأذن لأنها بحيائها ورقتها قد لا تُصرّح، لكن حالها وصمتها وأسارير وجهها تبين لولي أمرها أنها راضية وراغبة في الزواج.

ومن حق الطفل على أبيه أن يختار أمه. روى البخاري ومسلم وغيرهما عن أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: «تُنْكَحُ النّسَاءُ لأَرْبَعٍ: لِمَالِهَا وَلِحَسَبِهَا وَلِجَمَالِهَا وَلِدِينِهَا، فَاظْفَرْ بِذَاتِ الدّينِ تَرِبَتْ يَدَاكَ». وروي عن عائشة ك أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: «تَخَيَّروا لِنُطَفِكُم»؛[رواه ابن ماجة والحاكم في المستدرك والبيهقي في السنن والسيوطي في الجامع الصغير وصححه].

ومما يزيد هذا الكلام نفاسة وقيمة بيان ربنا في القرآن الكريم أن الذرية لها تأثر كبير بآبائها، فيقول الحق سبحانه: ﴿ ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ﴾ [آل عمران: 34]. فعندما تُسأل: من أين هذه الثمرة؟ تقول: من هذه الشجرة. فلا تظنن الإنسان مقطوع الصلة بوالديه وأجداده وتاريخه.

وهل يُرجى لأطفال كمال إذا رضعوا ثدي الناقصات.

كما أن من حقه على أمه وذويها اختيار الأب الفاضل. أخرج الترمذي وابن ماجة والحاكم وصححه عن أبي هُرَيرَةَ رضي الله عنه قال: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إذا خطبَ إليكُمْ من ترضونَ دينهُ وخلقهُ فزوِّجوهُ، إلاَّ تفعلوا تكنْ فتنةٌ في الأرضِ وفسادٌ عريضٌ». فلا تُزوج لمشرك أو ملحد لا يعطي وزنا للدين، قال تعالى: ﴿ وَلَا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ ﴾ [البقرة: 221]. كما لا تزوج لفاسق غارق في المعاصي والمنكرات، صح عن الإمام الشعبي قوله: «من زوّج كريمته من فاسق فقد قطع رحمها».

وأما أثناء الحمل فقد تحدث الحق سبحانه عن جملة من الحقوق المرتبطة بالطفل حال كون أمه حاملا به:

على رأس ذلك أن تكون حاملا في بيت زوجها، وأن ينفق عليها، وأن يعتني بها مهما كانت الظروف حتى تضع حملها، قال تعالى: ﴿ وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ ﴾ [الطلاق: 4]. فالطفل في بطن أمه شديد التأثر بحالها، فإذا كانت قلقة ومضطربة ومتعبة فإن نصيبًا من ذلك يناله، والعكس بالعكس.

مع تطور وسائل الملاحظة والمشاهدة، ووصولها إلى بطن الجسم الإنساني -وكل ذلك بإذن الله - كالتصوير والتسجيل الضوئي والصوتي، عُلم أن للجنين نفسية لا ينفصل فيها عن أمه تمامًا، فتراه في حالات انكماش واكتئاب مرة، وحالات انشراح وانبساط أخرى، بل يبدي الانزعاج لبعض مخالفات أمه؛ كالتدخين مثلًا، عافانا الله والمسلمين عمومًا.

سيدة حاملة في «دمشق» كانت تكثر من قراءة القرآن وسماعه قائمة وعاملة ومضطجعة، والنتيجة أنه عندما وُلِد الجنين تمكن -بفضل الله- أن يختم القرآن؛ حفظًا وتلاوة في الخامسة من عمره، فتبارك الله أحسن الخالقين! موجز القول: أن الجنين الذي يحيا في رباط مع أمه، سعيد من العواطف المُفْعَمة بالرضا والسكينة، يستجيب -بإذن ربه- بعد ولادته، معترفًا بإحسان أمه إليه في سلوك سَويٍّ ونفسية هادئة غالبًا، لسان حاله: ﴿ هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ ﴾ [الرحمن: 60].

ومن أعظم ما ضمنه الله تعالى للطفل وهو في بطن أمه حق الحياة، فمنذ أن تبدأ نبتته في الأحشاء فهو إنسان لا يجوز للدنيا كلها أن تسقطه. فمما بايع عليه الرسول صلى الله عليه وسلم النساء عدم الاعتداء على حياة أجنتهن، قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ عَلَى أَنْ لَا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا وَلَا يَسْرِقْنَ وَلَا يَزْنِينَ وَلَا يَقْتُلْنَ أَوْلَادَهُنَّ ﴾ [الممتحنة: 12].

ويتعزز هذا الحق ولو كان الجنين من الزنا، روى الإمام مالك في الموطأ عن عبد اللّه بن أبي مُلَيْكة أن امرأةً أتت النبي صلى الله عليه وسلم فأخبرته أنها زنت وهي حامِلٌ، فقال لها رسول اللّه صلى الله عليه وسلم: «اذهبي حتى تَضَعِي». لماذا لم يطبق عليها الحد فورًا؟ لأنها ليست وحدها، إن هناك إنسانا آخر في أحشائها. فلما وضعَتْ أتته، فقال لها: «اذهبي حتى تُرضعيه»، فلما أرضَعَتْ أتته فقال لها: «اذهبي حتى تَسْتَودِعيْه»، فاستودَعَتْه، بمعنى جعلته عند من يحفظه ويرعاه، ثم جاءته فأمر بها فأُقيم عليها الحدّ.

ويستغرب الإنسان من سؤال الكثير من إخوتنا المسلمين عن الإجهاض، فيقول السائل: إن رزقي لا يكفي فهل يجوز لي الإجهاض؟! سبحان الله! هل اطلعت على رزقك؟! وإذا كان رزقك كذلك، فهل اطلعت على رزق الجنين وما أعده الله له؟! ألم تقرأ قوله تعالى: ﴿ وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ مِنْ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ ﴾ [الأنعام: 151]. فالفقر حاصل واقع، رغم ذلك لا يجوز الإجهاض، وقوله تعالى: ﴿ وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ إِنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئًا كَبِيرًا ﴾ [الإسراء: 31].

فالإملاق متوقع رغم ذلك لا يجوز الإجهاض. فلا في حالة الفقر الواقع ولا في حالة الفقر المتوقع يجوز إجهاز الجنين والاعتداء على حياته. فما الحل إذًا؟ إنه الصبر والتوكل على الله تعالى والتفكير في توسيع أبواب الرزق، عوض الوقوع في أحابيل الشيطان.

حقوق بعد الولادة:

وللطفل في الإسلام حقوق بعد ولادته، منها:

أ- حق الحياة: فمن أبرز حقوق الأطفال التي تحدث عنها القرآن الكريم بعد ولادتهم حق الحياة، يقول الحق سبحانه: ﴿ وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ ﴾ [التكوير: 8].

 كما حفظ الإسلام هذا الحق للأطفال ولو كانوا أبناء الكافرين المحاربين، قال تعالى﴿ وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ ﴾ [البقرة: 190]، فلا يقاتَل ولا يُقْتَل الأطفال لأنهم لا يُقاتِلون. في صحيح مسلم عن بريدة رضي الله عنه قال: كان رسول اللّه صلى الله عليه وسلم إذا أمّرَ أميرًا على جيشٍ أو سريةٍ أوصاه في خاصّتِه بتقوى اللّه تعالى ومَنْ معه من المسلمين خيرًا، ثم قال: «اغزوا باسْمِ اللّه في سَبِيلِ اللَّهِ، قاتِلُوا مَنْ كَفَرَ باللّه، اغْزُوا وَلا تَغُلُّوا ولا تَغْدِرُوا وَلا تُمَثِّلوا وَلا تَقْتُلُوا وَلِيدًا». إن الإسلام دين هداية لا دين إبادة، والأطفال رغم كونهم أبناءَ كفارٍ إلا أنهم مشروعُ هداية.

ب- حق الاعتبار والكرامة: فيفرح به عند ولادته سواءً كان ذكرا أو أنثى، ويذكر الله تعالى ويشكره.

ولنحذر أيها الأخوة الأكارم من عادات الجاهلية التي فيها إذا بُشّر أحدهم بالأنثى ظل وجهه مسودا وهو كظيم، وكم نرى من أمثال هؤلاء من تقول هل مبارك عليك المولود فيقول لك: "ما هي إلا بنت" مستصغرًا عطاء الله له، ولا حول ولا قوة إلا بالله.

ج- حق الاسم الحسن: فيُسمّى اسمًا حسنًا، وذلك لأن الاسم جزء من شخصية الإنسان، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يحب الأسماء الجميلة، ويكره القبيحة ويبدلها. ففي صحيح مسلم والترمذي وغيرهما عن ابن عمر- ك -أن النبيّ غيَّرَ اسم عاصية، وقال: «أنت جميلة». وفي رواية لمسلم أيضًا أن ابنةً لعمرَ كان يُقال لها: عاصية، فسمَّاها رسول اللّه جميلة. وفي صحيح مسلم كذلك عَنْ مُحَمّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَطَاءٍ قَالَ: سَمّيْتُ ابْنَتِي بَرّةَ، فَقَالَتْ لِي زَيْنَبُ بِنْتُ أَبِي سَلَمَةَ: إِنّ رَسُولَ اللّهِ صلى الله عليه وسلم نَهَىَ عَنْ هَذَا الاِسْمِ، وَسُمّيتُ بَرّةَ فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم: «لاَ تُزَكّوا أَنْفُسَكُمُ، اللّهُ أَعْلَمُ بِأَهْلِ الْبِرّ مِنْكُمْ»، فَقَالُوا: بِمَ نُسَمّيهَا؟ قَالَ: «سَمّوهَا زَيْنَبَ».

فيسمى المولود محمدا أو أحمد أو حميدة أو ما اشتق من ذلك، أو يسمى عبد مع إضافة اسم من أسماء الله تعالى، مثل عبد الله وعبد الرحمان وعبد الرحيم وعبد الرزاق، ففي صحيح مسلم عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم: «إنَّ أحَبَّ أسْمائكُمْ إلى اللّه ¸ عَبْدُ اللّه وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ».

أو يسمى اسمًا يرمز إلى خير، من مثل عمر ومصعب وصلاح الدين وخالد وسعد وفاطمة وزينب وعائشة وأسماء، مما يحمل معنى سليما ويرمز إلى شخصية عظيمة. كما ينبغي تجنب الأسماء القبيحة من مثل حرب وحادّة وعبد النبي.

ومن السنة أن نبدّل أمثال هذه الأسماء القبيحة، ففي سنن أبي داود بإِسناد جيد وابن حبان في صحيحه عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم: «إنَّكُمْ تُدْعَوْنَ يَوْمَ القِيامَةِ بأسْمائكُمْ وأسماءِ آبائِكُمْ، فأحْسِنُوا أسْماءَكُمْ».

د- حقه في الرضاع: فالأفضل أن ترضعه والدته بما فيه الكفاية، قال تعالى: ﴿ وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ ﴾ [البقرة: 233]. فالرضاع الطبيعي هو أجود أنواع الرضاع للطفل وللأم، فلا حليب يناسب الطفل كحليب أمه، كما أن زهد الأمهات في ذلك خلاف الطبيعة مما يسبب أمراضا يعلمها المتخصصون، علاوة على ذلك لا يخفى أن رضاع الأم يكون ممزوجا بعطفها وحنانها ودفء أحضانها، وفي ذلك غذاء عاطفي رفيع، الحاجة إليه ليست أقل من الحاجة إلى الطعام والشراب.

ه- حقهم في الملاعبة والملاطفة والرحمة: فقد كان محمد صلى الله عليه وسلم بالرغم من مسؤولياته وأثقاله يداعب ويلاعب أبناءه وأبناء المسلمين. روى البخاري ومسلم والترمذي وغيرهما رحمهم الله عن أَنَس بن مَالِكٍ رضي الله عنه قال: كَانَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم الله يُخَالِطُنَا حَتَّى كَانَ يقُولُ لأَخٍ لي صَغيرٍ: «يَا أَبَا عُمَيرٍ، مَا فَعَلَ النُّغَيرُ؟ »، وقد بوّب البخاري لهذا الحديث بقوله: "باب الانبساط إلى الناس". ورُوي عن جابر رضي الله عنه قال: دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم وهو حامل الحسن والحسين على ظهره وهو يمشي بهما فقلت: نعم الجمل جملكما، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ونعم الراكبان هما». وفي الصحيحين عن أبي قتادة رضي الله عنه قال: «صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فحمل أُمامة بنت زينب فكان إذا سجد وضعها وإذا قام رفعها»، وعند النسائي عن أبي بسرة الغفاري: «أن الرسول صلى الله عليه وسلم صلى بالناس فسجد، فأتى الحسن وأعجبه منظر الرسول صلى الله عليه وسلم ساجدًا فامتطى ظهره الشريف -ظهر العظمة والزعامة، والطهر والعفاف- فمكث صلى الله عليه وسلم طويلًا، لئلا يؤذي الحسن، ثم اعتذر للناس وقال: «إن ابني هذا ارتحلني -صعد على ظهري- فخشيت أن أقوم فأوذيه فانتظرت حتى نزل».

 

 

وحدَث أن قبّل رسول الله صلى الله عليه وسلم الحسن أو الحسين بن علي وعنده الأقرع بن حابس فقال الأقرع: إن لي عشرة من الولد ما قبلت منهم أحدا قط، فنظر إليه رسول الله وقال: «من لا يرحم لا يُرحم» [البخاري ومسلم.].

وفي رواية أخرى: «أو أملك لك أن نزع الله الرحمة من قلبك» [البخاري ومسلم.].

أسأل الله بمنه وكرمه أن يعيننا وإياكم على أداء الحقوق، وأن يقوي إيماننا وأن يرفع درجاتنا إنه ولي ذلك والقادر عليه. وصلى اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

JoomShaper