سيدتي - ميسون عبد الرحيم
تلاحظ الكثير من الأمهات أن أطفالهن يبكون في حضرة الغرباء، فمثلاً تلاحظ الأم أن طفلها يبدأ في البكاء عندما يتواجد الضيوف في المنزل، أو عندما تذهب مع أطفالها إلى مكان عام للتنزه أو التسوق مثلاً أو الالتقاء بالأصحاب، فهو لا يتوقف عن الصراخ وسط المطعم أو قاعة الألعاب ويركل كل شيء بقدميه، ويلقي بنفسه على الأرض ويرفع صوت بكائه وصراخه حتى يجذب كل من حوله.
مشكلة بكاء الطفل في كل مكان يُوجد فيه أشخاص غرباء أو في الأماكن التي يشعر بأن هناك ضجيجاً فيها، وكأنه يحاول أن يلفت نظر الأم أو يحاول أن يستغل الموقف، هي مشكلة بحاجة إلى حل ولذلك فقد التقت «سيدتي وطفلك»، في حديث خاص بها، بالمرشد التربوي عارف عبد الله؛ حيث أشار إلى طرق ونصائح هامة تساعدك في التعامل مع طفلك المتمرد الذي يلقي نفسه على الأرض باكياً أمام الغرباء، ومنها تجاهله وعدم الرضوخ له وطرقٍ أخرى يمكن التعرف إليها في الآتي:
هل يعد سلوك بكاء الطفل أمام الغرباء أمراً طبيعياً؟
اعلمي أن سلوك الطفل وهو البكاء عند رؤية الضيوف أو الخروج من المنزل إلى الأماكن العامة المعروفة مثل السوق أو المطعم هو سلوك طبيعي يظهر عند الطفل بعد عمر السنة والنصف وغالباً ما يظهر هذا السلوك، وهو البكاء بمجرد الخروج من البيت والانبطاح على الأرض وركل القدمين والضرب باليدين على الأرض أيضاً وخلع الحذاء؛ ما بين عمر سنة ونصف السنة وعمر ثلاث سنوات.
اعلمي أن الطفل وفي هذه السن، أي حوالي عمر السنة والنصف يكون هذا التصرف طبيعياً، ويجب عدم القلق منه لأن الطفل لا يعرف سوى أمه، أما إذا ظهر مثل هذا التصرف عند الطفل بعد أن يصبح عمره ثلاث سنوات؛ فتكون هناك أسباب لهذا السلوك ويجب معالجتها.
نصائح هامة للتعامل مع بكاء الطفل في حضرة الغرباء
لا ترضخي لتهديد طفلك أمام الغرباء
طفل متمرد
اعلمي أنه حين يبكي الطفل في حضرة الضيوف أو في حال وجود غرباء في البيت، أو في حال وجوده في أماكن عامة تلتقين بها مع صديقاتك وأطفالهن أو في حفل زفاف؛ فهو يريد أن تنصاعي لطلباته التي كان ممنوعاً عنها.
لاحظي أنه في حال كنت في المنزل وقد جاء الضيوف لزيارتك فهو بمجرد دخولهم سوف يبدأ بالمطالبة بجهاز «الآي باد» الذي ابعدته عن يديه، ويعتقد أنه يحرجك بهذا الطلب أمام الضيوف، وفي حال رفضك فهو يضغط عليك لكي توافقي على طلبه، وحين توافقين على طلبه أو إصراره على شراء ألعاب أطفال ثمينة من مركز التسوق مثلاً؛ فأنت بذلك سوف تكونين مجبرة على تكرار هذا الأمر، وتقبل تهديداته الماكرة في كل مرة.
لا تصرخي في وجهه
توقفي عن الصراخ في وجه طفلك؛ حيث تعتقد الأم أنها حين تصرخ في وجه طفلها وأمام الغرباء وبصوت مرتفع سوف يتوقف عن البكاء.
لاحظي أن بعض الأمهات يقمن بتصرف آخر حين تهدد الأم طفلها بأنها سوف تسجنه في غرفته أو ترسله إلى بيت جدته في الطابق السفلي؛ فهي تعتقد أنه سيتوقف عن البكاء، وهذا لا يحدث أبداً بل يزيد من وتيرته.
تنفسي بعمق وهدوء
حاولي أن تمسكي أعصابك حين يبكي طفلك في السيارة مثلاً أو حين يبكي في المطعم أمام رواده، ويصرخ ويرمي بجسمه على الأرض وينظر الناس حوله في استغراب فيجب أن تتحملي هذا المشهد.
تنفسي بعمق واعلمي أن طفلك لديه مشاعر سلبية يجب أن تعرفيها وتعالجيها، فالطفل أصغر من أن تعتقدي أنه يفعل ذلك لكي يحرجك أمام الناس وذلك قبل سن ثلاث سنوات، أما أكبر من ذلك فهو يستغل وجود الغرباء لتحقيق مطالبه مما يعني أن عمر الطفل يلعب دوراً في هذه الظاهرة.
ضمي طفلك بحنان
ضمي طفلك بحنان إلى صدرك، فهذا التصرف يفيد في وقف بكاء الطفل وصراخه المستمر ونوبة غضبه إذا كان في عمر لم يتجاوز السنة الرابعة.
اسألي طفلك إذا كان تحت سن الرابعة أنه يمكنه أن يعبر عن طلباته بطريقة أفضل من هذا البكاء، وعليك أن تسأليه عما يزعجه مثل رباط الحذاء المحكم بقسوة أو ضيق حزام البنطلون، أو أن المكان الذي يجلس فيه مثل كرسي السيارة غير مريح.
انخفضي إلى مستوى طول قامة طفلك
لا تقفي أمام طفلك الباكي وهو يفعل ذلك لكي يبتز مشاعرك؛ لأن وقوفك بقامتك أمامه سوف يجعل فارق الطول والقوة أيضاً ظاهراً أمامه.
انخفضي على ركبتيك وكوني في مستوى طوله، وربتي على كتفه بحنان وهدوء، ويمكنك أن تقولي له تعال لكي نكون وحدنا لكي نتفاهم، مثل أن تصحبيه من غرفة الضيوف إلى غرفته، أو تصحبيه إلى حمام المطعم أو المقهى إذا كنت في مكان عام .
تجاهلي رفض طفلك لسماع أوامرك
اعلمي أنه في حال قمتِ بالخطوات السابقة كلها ورفض الطفل أن يتوقف عن البكاء ونوبة الغضب وأصبح الجميع حولك ينظرون نحوه ويرون أنه تسبب في إزعاجهم؛ فيجب عليكِ أن تتجاهليه قليلاً.
امضي في طريقك ولا تتوقفي ولكن ببطء لو كنتِ في مكان عام، واتركيه يفكر للحظات وتوقفي، وسوف تلاحظين أنه قد توقف عن البكاء لكي يلحق بك، ولكن عليك ألا تبتعدي كثيراً؛ لكي تراقبيه فقد يتوه منك أو يتعرض للخطر، فمهمة الحفاظ على صحة الطفل يجب ألا تتوقف.
امتدحي هدوءه
امتحني الهدوء الذي يمارسه طفلك في حال توقف الطفل ولو لحظات قليلة عن البكاء والصراخ؛ وربتي على شعره بحنان ورضا وقومي بلفت انتباه الأب أو الجد مثلاً لدماثة أخلاق وطبع وسلوك الطفل.
امتدحي باستمرار الهدوء اللحظي الذي أصبح عليه طفلك لكي تمتد مساحته، وفي حال كان الطفل أكبر من عمر أربع سنوات؛ فيجب أن تستغلي لحظات الهدوء بأن تقنعيه بلعبة واحدة أو بعدم شراء أشياء لا يحتاجها.
سيري إلى جواره والفتي نظره لمنظر لعب الأطفال بفرح ومرح فوق أرجوحة في دار الملاهي مثلاً لكي يتشجع ليمارس اللعب مثلهم.
لاحظي أنه إذا كان طفلك قد توقف للحظات عن البكاء والصراخ في البيت؛ فقولي له بسعادة: هات يدك لكي نحضر العصير والحلوى للضيوف من المطبخ، وهكذا تضمنين أنه سوف يهدأ ويصبح متشجعاً لتقديم الضيافة ويرافقك، وأنك لن تنصاعي لطلباته.
=================
رسائل "واتساب" للتواصل مع الذات: بوح في مواجهة ضغوط الحياة
ديمة محبوبة
عمان- "رسائل تكتب مني، وترسل إليّ.." بهذه الكلمات البسيطة عبرت أفنان علي عما تفعله بشكل يومي، حيث يستخدم تطبيق "الواتساب" بطريقة مختلفة، هي لا تراسل أصدقاءها ومعارفها فقط، بل تراسل ذاتها بشكل يومي ولأسباب عدة.
حياتها سريعة الوتيرة، جعلتها تنسى مهامها، فقامت لأول مرة بإرسال ما عليها فعله لنفسها عبر تطبيق "الواتساب"، لكنها لم تتوقف على ذلك، فعندما انتهت، قامت بتقديم الشكر لذاتها وإرسال كلمات تحفيزية.
أفنان تبين أن هذه الخطوة غير المقصودة تترك أثرا كبيرا في نفسها، هي اليوم لا تنتظر الشكر والامتنان والتحفيز من أحد، فهي قادرة على الحديث مع ذاتها بشكل مباشر وبطريقة غير تقليدية حتى أن أفكارها باتت أكثر ترتيبا.
يكاد لا يغيب التوتر والقلق عن الكثيرين، خصوصا مع عالم سريع الإيقاع ومليء بالتحديات النفسية والاجتماعية. حتى أن البعض استخدم التكنولوجيا لتذكير نفسه بالحياة وبالمهام المترتبة عليه، ومنهم من استخدمها لتكون حافزا يوميا للذات وكل ذلك من خلال إرسال رسائل "واتساب" تكتب بكل شفافية إذ برزت ظاهرة جديدة يعبر فيها الأفراد عن أنفسهم من خلال إرسال رسائل لأنفسهم عن طريق هذا التطبيق.
هذه الممارسة التي قد تبدو غريبة للبعض، تحمل في طياتها تواصلا إنسانيا عميقا مع الذات، حيث يستخدمها الناس لتذكر المهام، والحديث عن الضغوط، أو حتى تشجيع النفس في لحظات الضعف.
المرشدة النفسية والتربوية رائدة الكيلاني تفسر هذا السلوك بوصفه جزءا من ديناميكية الدعم الذاتي الحديث. وإرسال الرسائل للنفس شكل من أشكال الإرشاد النفسي الذاتي، حيث يسمح للفرد بإنشاء حوار داخلي مكتوب يساعد على تنظيم المشاعر والأفكار.
وتقول الكيلاني إن هذه الرسائل ليست فقط وسيلة للتذكير، بل أداة لفهم الذات والتعبير عما يعانيه الفرد من إجهاد نفسي، فهي تشبه جلسة علاجية قصيرة تسمح للناس بالتنفيس عن الشكوى والتذمر، لكن أيضا لتعزيز مشاعر التشجيع والتحفيز الذاتي.
وتوضح أن هذا الأسلوب الرقمي يمثل تطورا لعلاقة الفرد مع ذاته في زمن يكثر فيه الضجيج الخارجي.
أما اختصاصي علم الاجتماع الدكتور حسين خزاعي فيبين أهمية هذه الظاهرة من منظور اجتماعي، حيث يعتقد أن الحديث مع النفس عبر الرسائل يمثل رد فعل على التوترات الاجتماعية والعزلة التي يعيشها الأفراد في زمن العولمة والارتباط الرقمي المكثف.
ويرى خزاعي أن الإنسان يتعاطى مع الضغوطات اليومية عبر هذه الممارسة التي تعيد له التوازن النفسي والاجتماعي، وتوفر له مساحة آمنة لإعادة بناء هويته الذاتية وسط متغيرات معقدة ومتسارعة.
ومن جانبه يؤكد أن هذه الرسائل تعكس الصراعات الداخلية بين القيم والتقاليد والضغط الاجتماعي، وهي وسيلة نقدية واعية لصياغة الذات بطريقة مبتكرة.
الثلاثينية ليلى موظفة في شركة لتنظيم المناسبات وتعاني من ضغوط العمل وتوتر متواصل بسبب مواعيد نهائية متقاربة.
تقول ليلى "كنت أرسل لنفسي يوميا رسائل صغيرة تذكرني بأخذ فترات استراحة قصيرة أو أعبر فيها عن استيائي من بعض الصعوبات، لكن في الوقت نفسه أُرسل لنفسي عبارات تشجيعية مثل (أنت قوية وقادرة على تخطي هذا)."
وتضيف ليلى أن هذه المراسلات تساعدها على تقليل التوتر والحفاظ على تركيزها، وتمنحها شعورا بالتحكم الداخلي.
تطبيق "الواتساب" بتقنياته يمكن أي مستخدم له بإرسال رسائل لنفسه بسهولة عبر إنشاء محادثة مع رقمه، أو باستخدام ميزة "Message Yourself" التي أطلقها تطبيق واتساب مؤخرا، والتي تهدف إلى تسهيل عملية إرسال التذكيرات والملاحظات والرسائل الشخصية.
هذه الميزة متاحة في نسخ التطبيق على أنظمة أندرويد وiOS، وتوفر بيئة مناسبة لإدارة المهام والرسائل الشخصية في مكان واحد.
تتفق الكيلاني وخزاعي على أن هذه التقنية تعكس تحولات عميقة في ممارسات التواصل الذاتي، وهي دليل على حاجة الإنسان إلى مرونة في التعبير والتواصل مع ذاته بعيدا عن أحكام الآخرين.
واعتماد هذه الطريقة بشكل واسع بين فئات الشباب والمراهقين يشير إلى تطور طبيعة العلاقات مع النفس في ظل بيئة رقمية متغيرة.
وتشير الكيلاني إلى أن تعزيز هذه الممارسة يمكن أن يكون جزءا فعالا من الإستراتيجيات النفسية الحديثة، إذ إنها تساعد الأفراد على تحقيق نوع من التوازن النفسي والذاتي.
ويضيف خزاعي أن الفهم الاجتماعي لهذه الظاهرة يساعد على دعم الأفراد ومساعدتهم على بناء هويات متماسكة وصحية من خلال وسائل تكنولوجية تناسب العصر الحديث.
صار "الواتساب" أكثر من مجرد وسيلة للتواصل مع الآخرين، بل أصبح وسيلة تواصل أساسية مع الذات، تتيح للكثيرين إيجاد مساحة يقل فيها الضجيج الخارجي، ويزداد فيها الحوار الداخلي البناء والداعم. وهذه الرسائل التي لا ترسل إلا للذات هي شهادة عصرية على كيفية تحول التكنولوجيا إلى أدوات علاج شخصي، وسلوك نفسي جديد يترجم احتياجات الذات المعاصرة للتفاهم والتذكير بالذات.
وهذه الرسائل ليست مجرد محاولة لتذكر مهام أو مواعيد، بل هي حوار إنساني نفسي واجتماعي مستمر مع الذات في زمن يتطلب الكثير من القوة والوضوح الداخلي.