غزة-معا-
 "اعذريني سيدتي لقد أفقدتني الحرب كل ذكرياتي الجميلة حتى بيتي دمر ومساحته الأمامية، لقد نقلتني الحرب إلى مكان لم أكن أحلم به، فبعدما كنت أعيش في بيت كبير أراني أعيش في شقة سكنية بمدينة الزهراء، حتى اليوم لا أستطيع أن أصف شعوري وما رأيت خلال الحرب".

 هذه مقتطفات من رسالة بثها الطفل خليل من منطقة جنوب قطاع غزة لأخصائية نفسية ببرنامج غزة للصحة النفسية بعد مضي شهور من الحرب على غزة شتاء 2008-2009.  ويراود الطفلة مها ذات الشعور جراء الحرب ويضاف إليها شعورا جديداً أشد من الأول وهو مصادرة الإرادة جراء الانقسام الفلسطيني الفلسطيني، حيث قامت الطالبة مها 16 عاما بتغيير تخصصها الدراسي من القسم العلمي إلى القسم الأدبي كعدد من صديقاتها الفتحاويات أجبرنها على ذلك نكاية ببعض الطالبات اللواتي ينتمين لحركة حماس.

 وحسب الأخصائية النفسية زهية القرا من برنامج غزة للصحة النفسية فإن طبيعة عملها أظهرت لها ان معاناة الأطفال جراء الانقسام أشد من معاناتهم جراء الحرب على غزة ، لأن الانقسام ضيع في نفوسهم النموذج الآمن وعيشهم في واقع من الأزمات كالاقتتال الداخلي وغياب الأمان المجتمعي.

 وكانت القرا تتحدث خلال ندوة علمية عن آثار الحرب النفسية على الأطفال الفلسطيني بعد مرور 20 شهراً عقده برنامج غزة للصحة النفسية بغزة اليوم تتابع بالقول أن 79.9 من الأطفال قالوا أنهم يشعرون انهم يعيشون في سجن كبير فيما قال 79.3 أنهم لا يستطيعون شراء ما يحبون بغلاء الأسعار مشيرة إلى أن هناك أمرا خطيرا برز على السطح وهو تقاطع آثار الحرب ع الآثار النفسية للانقسام السياسي وللحصار مما أثر على منظومة القيم والحماية لدى الأطفال وأدى لتشتتهم بين نموذجين مختلفين وأوجد لديهم دفاعات غريزية فيما يتجنب البعض منهم التحدث عن آثار الحرب أو كما يطلق عليه التكيف الانسحابي الذي دعت إلى ضرورة إخضاعه للدراسة.

 وبينت القرار ان من بين الآثار على الأطفال التحرشات الجنسية ضد الأطفال فقد روت قصة عن احد الأطفال الذي طلقت أمه وأجبر على الخروج للعمل فوجد نفسه بشكل مفاجئ في إحدى حاويات القمامة يتم اغتصابه على يد مراهق عرض عليه مبلغ 20 شيقل مقابل القيام بالفاحشة معه كل مرة.

 من جانبه قال د. سهيل دياب أخصائي وأكاديمي بالرياضيات أن هناك آثارا إيجابية للحرب كما أن لها آثارا سلبية طالت كافة القطاعات الاقتصادية والتعليمية والنفسية والاجتماعية.

 ومن الآثار الإيجابية التي ذكرها قال ان الحرب عملت على تنمية الجانب العقائدي وزادت من المهارات الفردية والتفكير المتقدم عدا عن أنها كشفت عن مهارات اجتماعية وأخرى إعلامية.

 فيما دعا د. جميل الطهراوي استاذ مشارك بالخدمة الاجتماعية بالجامعة الإسلامية ان رسومات الأطفال الفلسطينيين بحاجة لدراسة متعمقة لفهم أبعادها وتشخيصها علمياً ، مشيرا الى دراسة قام بإعدادها حيث طلب من 445 طالبا وطالبة القيام برسم ما يريدون فقام أكثر من 80% برسم الحرب على غزة ورسموا شهداء ومقاومين وجنود اسرائيليين ودبابات وطائرات وسيارات إسعاف وغيرها من رموز الحرب واختار احدهم الكتابة عما يعنيه من رسم شكل ما فمنهم من كتب عن الشهيد شهيد واخرون كتبوا زنانة وقام البعض بكاتبة جندي احتلال او يهود واخرون كتبوا مقاوم، واستعانوا بالألوان الفاتحة وابتعدوا عن تلك القاتمة وهذا من الأمور المحيرة التي ذكرها د. الطهرواي.

JoomShaper