محمود طافش الشقيرات-
تلجأ بعض الأمهات والمعلمات إلى ضرب الطفل لتقويم سلوكه كلما ارتكب خطأ، فيلحقن به الأذى مهما كان هذا الخطأ صغيراً، وتلجأ أُخريات إلى تخويف الطفل بالشرطي أو بالغول أو بما شابه ذلك من ممارسات وعبارات يتوهمن بأنها كفيلة بتعديل سلوكه، دون أن يتنبهن للآثار السلبية التي تترتب على مثل هذه الممارسات والأقوال. فكيف تقوم المربية الواعية بتعديل سلوك طفلها؟ وما الآثار الضارة أو السلبية التي قد تترتب على ممارسة أساليب الترهيب والعقاب؟
تقوم المربية المستنيرة بملاحظة سلوك طفلها من جميع النواحي المكونة لشخصيته وذلك لإعداده لممارسة حياته الاجتماعية وهو يتمتع بصحة نفسية قوية، غير أن ملاحظة الأداء لإحداث التغيير المرغوب في سلوك الطفل ينبغي أن تكون وفق أسس تربوية سليمة.
من أبرزها :
القدوة الصالحة، حيث تجعل المربية من نفسها قدوة صالحة لطفلها في كل أعمالها وأقوالها، وتعمل على تكوين عادات حميدة لديه وتعزيزها بكل وسائل التعزيز المعنوية كالألفاظ والقبلات والضم إلى الصدر، والمادية كالحلوى والألعاب وما شابه ذلك ؛ آخذة بعين الاعتبار أنّ الوقاية خير من العلاج.
التربية بالإشارة، فإذا ارتكب الطفل خطأ أمام الضيوف، مثلاً، فإنه يكفى الأم أن تظهر عدم رضاها عن سلوك طفلها بالنظرة الحادة أو بتقطيب الجبين.
التربية بالتعريض، كأن تقول لطفلها إذا أخطأ إن طفلاً قام بمثل هذا العمل فتعرض لعقاب لأن عمله غير حميد.
التربية بالقصة المحببة للأطفال ؛ فتقرأ له قصصاً هادفة لإثارة وجدانه وإكسابه عادات حميدة، وربما تعمد إلى ضرب الأمثال له إذا كان في عمر يؤهله لفهم مخزى المثل.
التربية بالحوار، حيث تقوم المربية بمناقشة ولدها الذي قام بعمل غير مرغوب فيه ؛ لتبين له أين الخطأ في فعلته.
غض الطرف عن الأخطاء الصغيرة التي قد يرتكبها الطفل وتوجيهه برفق دون عنف لأن للعنف أضراراً نفسية غير محمودة.
تجاهل الطفل الصغير حين تشعر المربية بأنه يقوم بهذه الأخطاء لاستفزازها أو إثارة انتباهها.
تحاشي التدليل والقسوة الزائدة لأن لهما آثاراً ضارة على نفس الصغير.
* إذا استخدمت المربية المعززات لتثبيت الطفل على السلوك القويم فإن عليها أن تأخذ الملاحظات الآتية بعين الاعتبار :
- أن يقتصر تقديم المكافأة على قيام الطفل بسلوك محمود جديد.
- أن لا يكافأ الطفل على واجب عليه أن يقوم به ؛ لأنه في هذه الحالة لن يقوم بواجبه إلا بعد أن يحصل على المكافأة.
- أن تكون المكافأة دون وعد مسبق.
- أن تقدم المكافأة عقب قيام الطفل بالعمل المرغوب فيه مباشرة.
- حرمان الطفل من شيء يحبه قبل اللجوء إلى الضرب كوسيلة غير مستحبة من وسائل تعديل السلوك.
* وينبغي أن نحذر من أن هناك ممارسات ضارة تقوم بها بعض الأمهات منها :
ـ التجسس على الطفل لتطمئن على صحة سلوكه غير أنها في هذه الحالة تفقد ثقته بها، فيعمد إلى إخفاء الأشياء التي لا يريد أن تراها.
ـ عدم السماح للطفل بالخروج من البيت، وإذا خرج فإنها ترافقه إلى كل مكان يذهب إليه، فيفقد ثقته بنفسه وينشأ اتكالياً بلا تجارب نافعة.
ـ التسامح مع الطفل الصغير إذا تلفظ بكلمة نابية أو قام بممارسة شاذة، وهذا من شأنه أن يشعره بأن هذا السلوك مقبول فيواظب عليه.
ـ اجتناب المبالغة بالوعظ لأنها تصل بالطفل إلى مرحلة الملل وتبلد الحس وعدم الاستجابة للتوجيهات.
ـ ضرب الطفل عند كل خطأ يقع به، وهذا الإجراء يسلبه الأمن ويطبعه بطابع الخوف ويوّلد لديه إحساساً بالذل، وقد يتبلد إحساسه فلا يبالي بالضرب.
* وإذا اضطرت الأم إلى ضرب ابنها فإن عليها أن تأخذ النصائح الآتية بعين الاعتبار :
ـ أن يعاقب الطفل بعد وقوع الخطأ مباشرة، وأن يعاقب أمام إخوانه ليكون عبرة لهم.
ـ أن يعرف الطفل الذي يعاقب سبب عقابه.
ـ اجتناب الضرب على الأماكن الحساسة كالوجه والرأس والبطن.
ـ أن يكون الضرب بعصا لينة تحدث ألماً ولا تحدث ضرراً.
ـ عدم المبالغة بالضرب، لكي لا تُلحق الأذى بجسم الصغير.
ـ عدم تكرار الضرب في أوقات متقاربة ؛ لكي لا يتبلد حس الصغير فيعتاد عليه.
ـ عدم معاقبة الطفل في لحظة غضب ؛ لأنه قد يترتب على ذلك أذى عضوي أو نفسي.
ـ التوقف عن الضرب إذا أظهر الطفل عزمه على عدم تكرار المخالفة.
ـ إفهام الطفل أن هذا العقاب لمصلحته.
ـ عدم معاقبة الأنثى كالذكر لاختلاف البنية الجسدية لكلٍ منهما.
ـ إذا هدّدت الأم طفلها بإيقاع عقوبة به إذا أخطأ فإن عليها أن تنفذ تهديدها، لكي لا يستهين بأوامرها.
ـ اجتناب السب والشتم كوسيلة لتعديل السلوك.
ـ عدم تهديد الطفل بالشرطي أو بالطبيب أو بالمعلمة فإن هؤلاء رموز للخير وسيحتاج إلى خدماتهم، ولا بمخلوقات مخيفة كالغول والجني لأنها قد تورثه الخوف والقلق.
ـ أن يتناسب نوع العقاب مع شخصية الطفل وعمره.
ـ عدم معاقبة الطفل أمام الغرباء لكي لا يشعر بالنقص والمهانة.
ـ المراوحة بين أنواع العقاب لكي لا تفقد الوسيلة تأثيرها.
فإذا استطاعت الأم أن تحسن التعامل مع المخالفة التي ارتكبها صغيرها، فإنها ستنجح في إحداث تغيير مرغوب في سلوكه دون أن تعرض شخصيته لأذى نفسي أو عضوي، وسينشأ مواطناً صالحاً نافعاً لنفسه ولوطنه.
Sawahry @ hotmail.com
كيف تقوِّمين سلوك طفلك؟
- التفاصيل