القدس/PNN/خاص-
  " خوذ هذه العلكة وهات اللي بنفسك" بهذه الكلمات كان الطفل امجد -11 عاما- يبادر كل من يمر بجانبه في شوارع رام الله، حاملا بيده علبه يركض وراء كل مار من الشارع بملابسه المترهلة وحاله اليائس، وهو يجيد فن الاستعطاف والدعاء والإلحاح للشراء، حاله يصعب على المارين مما يجعل الآخرين يبادرون بالشراء او دفع النقود له.
  هذه الصورة ليست الوحيدة لعمالة الأطفال، فعلى بعد عدة مئات من الأمتار وعلى حاجز قلنديا نشاهد عددا من الأطفال يبيعون الألعاب والعلكة والمناديل الورقية ووسيلتهم كذلك الاسترحام.
ولعل الوجه الجديد للعمالة يكمن في جمع قطع الألمنيوم والحديد والعلب البلاستيكية الفارغة من الحاويات المختلفة لبيعها لجهات اسرائيلية أصبح عنوانها معروف لصغار السن. تعددت الاسباب والعمالة واحدة!!!!
تختلف الظروف المحيطة بالطفل التي تسلب طفولته وتدفعه إلى العمل أهمها الظروف الاقتصادية السيئة بالإضافة لعوامل أخرى، غياب الاب عن المنزل لانفصال الوالدين أو لوفاة احدهما أو كلاهما، اضافة الى العنف الأسري والتسرب من المدارس.
  ويرى البعض الآخر إلى أن عمالة الأطفال ليست لأسباب اقتصادية فحسب وإنما لوجود قضايا ثانوية أخرى منها الطبقة الاجتماعية التي ينتمي لها الطفل، والمستوى الثقافي التي تنحدر منه العائلة.
ونتائج ظاهرة عمالة الأطفال تتعدى سطحية الحاجة والفقر إلى قضايا تتعلق بالبعد القومي، ومستقبل التخطيط الاستراتيجي والتنمية ومشاريعها المختلفة.
عمالة الاطفال: أرقام واحصائيات
  وتشير الإحصائيات الواردة من الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني إلى أن نتائج مسح القوى العاملة لعام 2009 حول عدد الأطفال العاملين هي 2.2% من الأطفال الملتحقين بالمدرسة يعملون بواقع 3.5% في الضفة الغربية و0.3% في قطاع غزة(3.8% من الذكور و0.7% من الاناث)، مقابل 25.9% من الاطفال غير ملتحقين بالمدرسة يعملون بواقع 33.3% في الضفة الغربية و11.2% في قطاع غزة من إجمالي عدد الأطفال في الفئة العمرية (10-17 سنة).
  وباختلاف نوعية العمل فانه يؤثر وبالشكل المباشر على نمو الطفل وتطوره الثقافي والاجتماعي والأخلاقي، حيث تشير الإحصائيات الواردة من الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني حول أماكن العمل فقد أشارت البيانات إلى أن عمل الأطفال يتركز في قطاع الزراعة نسبة 47.3% للفئة العمرية (10-17 سنة)، و27.3% في قطاع التجارة والمطاعم والفنادق تليها  الأنشطة الاقتصادية الأخرى من التعدين والمحاجر والصناعة التحويلية، في حين بلغت نسبتهم 25.4%.
  أما من يعمل بدون أجر لدى أسرهم فأظهرت نتائج مسح القوى العاملة 2009، ان حوالي ثلثي الأطفال العاملين في الأراضي الفلسطينية بنسبة67.3%، و27.6% يعملون كمستخدمين بأجر لدى الغير، و 5.1% يعملون لحسابهم.
  وأشارت النتائج إلى أن معدل ساعات العمل الأسبوعية للأطفال العاملين في الفئة العمرية (10-17) سنة قد بلغ 43.3 ساعة لنفس الفترة الزمنية.
"حقوق الطفل"... كلمات لا تساوي ثمن الحبر التي خطت به!!!
  في المادة الثانية والثلاثين لاتفاقية حقوق الطفل ورد: "ضرورة حماية الطفل من الاستغلال الاقتصادي، ومن أي عمل يرجح أن يكون خطيرًا، أو يمثل إعاقة لتعليم الطفل، أو يضر بصحته ونموه البدني، أو العقلي، أو الروحي، أو الاجتماعي"، وفي مادة سابقة أكد على حق الطفل في الحياة، ومادة أخرى تشدد على ضرورة رعاية الطفل، وضمان حقوقه جميعها في الرعاية والاهتمام، والتمتع بأجواء طفولته من اللهو والمرح وغيرها، لكن تلك المواد لم تكن إلا كلمات لا تساوي ثمن الحبر التي خطت به، فعمالة الأطفال تساعد بشكلٍ مباشر على التسرب من المدارس و خطورتها تظهر في التنشأة الجسدية والنفسية والاجتماعية لدى الطفل.
المطالبة من السلطات المحلية القيام بدور رقابي على اماكن العمل
 وفيما يخص قانون العمل الفلسطيني وآلية تطبيقة تحدث خالد قزمار المستشار القانوني في الحركة العالمية للدفاع عن الأطفال حيث قال:" نظم القانون تشغيل الأطفال فأجاز عمل الأطفال من عمر 15 كحد أدنى، وضمن شروط منها إجراء الكشف الطبي وعدم العمل في الصناعات الخطرة، والحظر من الأعمال الليلية والأماكن النائية وذلك لضمان سلامة وحرية الطفل.
وأضاف:" ان المشكلة تكمن في تطبيق القانون مع أصحاب العمل، الذين يستغلون الطفل بإلزامه بأعمال تفوق قدرته مقابل نقود قليلة ".
  وشدد قزمار على ضرورة قيام السلطات المحلية بدور رقابي على اماكن العمل ومتابعة صفات الكوادر العاملة بما يتلائم مع الشروط الواجب توفرها في العامل وبيئة العمل، واتخاذ الإجراءات في حال مخالفة ذلك.
وأوضح "وبالنظر إلى قانون التعليم الاساسي هو مجاني والزامي لغاية عمر 16 عاما وبمقارنة مع قانون التشغيل هو من عمر 15 عام فيوجد هنا تناقض ويعتبر اجحاف وانتهاك لحقوق الطفل".
وللتصدي من انتشار ظاهرة عمالة الاطفال لا بد من تعزيز التعليم في مجتمعنا وإنشاء مؤسسات تعنى بالأطفال ذوي الحالات الاجتماعية والاقتصادية السيئة وعمل أنشطة عامة لتنمية مهاراتهم، ونشر ثقافة العناية بالطفل، وتفعيل دور المؤسسات الإعلامية التي تعنى بالظلم الواقع على الطفل وصولا الى تطبيق القوانين المشروعة.
روان بيرم أبوعصب

JoomShaper