د. محمود طافش الشقيرات
يعتبر النمو اللغوي للطفل من المتطلبات الأساسية لنموه العقلي؛ لأن المناهج الدراسية تعتمد على الألفاظ لتعليم الطفل القراءة والمحادثة والتعبير الشفوي والكتابي، لذلك فإن من الأهمية بمكان ان تأخذ الأسرة هذه المسألة بعين الاهتمام ابتداء من السنة الثانية من عمرالطفل. ففي هذه السن يكون الطفل قادرا على التلفظ بكلمات ثم بجمل قصيرة، ويبدأ بتخزين الألفاظ،  وتقليد الأصوات التي يسمعها، وعلى وجه الخصوص أسماء الأشياء، والجمل ذات الجرس الموسيقي، ثم يأخذ بطرح الأسئلة بحماسة ورغبة منه في التعلم. لذلك فإن الأسرة المستنيرة تعي أهمية الإجابة عن أسئلة الطفل، فتشجعه على الاسترسال في الحديث وفي طرح الأسئلة. ويتأثر النمو اللغوي للطفل بمجموعة من العوامل بعضها خاص بالطفل، والبعض الآخر يتصل بالبيئة المحيطة به؛
* ومن أبرز العوامل الخاصة بالطفل؛
- سلامة أعضاء الاستقبال لديه؛ مثل السمع والبصر ومركز اللغة في الدماغ.
سلامة أعضاء النطق؛ مثل الحنجرة واللسان.
الصحة الجسدية؛ حيث إن الطفل المعافى يكون محبا للاكتشاف، وهذا يزيد من قدرته على التفاعل مع الاخرين واهتمامه بالأشياء من حوله.
نسبة الذكاء، فكلما كانت درجة ذكائه أعلى كان الطفل أقدر على التعلم.
* أما العوامل الخاصة بالبيئة المحيطة فهي؛
- التوافق الأسري ويلعب دورا مهما في رفع المستوى اللغوي للطفل، إذ أن الطفل في ضوئه يستطيع ان يعبر عن أفكاره بسهولة أكثر،  مما يؤدي إلى تنمية مداركه العقلية واللغوية. أما في الجو الأسري المتسلط فإن الطفل يخشى التعبير عن أفكاره خوفا من العقاب، فتظل قدراته التعبيرية محدودة.
- المستوى الاقتصادي والثقافي للأسرة، فكلٌ منهما يساعد على نمو الطفل لغويا بسبب الوعي بخصائص نمو الأطفال،  والقدرة على توفير الوسائل التعليمية التي تساعد على التعلم.
- برامج الأطفال التلفزيونية، وسرد القصص والحكايات من العوامل التي تساعد الطفل على زيادة قاموسه اللغوي.
- المكان الذي ينشأ فيه الطفل، هل هو البيت أم دار الأيتام؟؛ فالطفل الذي يعيش في البيت يتعلم الكلام أسرع من زميله الذي يعيش في ملجأ. والطفل الأول للأسرة يكون مستواه اللغوي أعلى من اخوته؛ لأنه يستأثر باهتمام والديه أكثر.
ونظرا لأهمية تعلم الطفل اللغة فقد اهتم الباحثون والخبراء التربويون بهذه القضية فوضعوا النظريات التي تفسر عملية اكتسابه للّغة، ومن أشهر هذه النظريات؛ النظرية اللغوية التي وضعها تشومسكي ونظرية التعلم التي وضعها سكنر.
* وتنبع أهمية اللغة بالنسبة للطفل من أنها :
وسيلة للتواصل متعدد الاتجاهات بين الناس في المجتمع، حيث تستخدم للتعبير عن المشاعر، وفي تنظيم العلاقات وتدوين المعاملات، وفي إقناع الآخرين بوجهة النظر، أو للاستفهام عن شيء مجهول، كما تستخدم للتوجيه من خلال الأوامر والنواهي.
وسيلة من وسائل النمو العقلي للطفل.
وسيلة من وسائل التوافق الانفعالي.
وهي شرط لتنشئة اجتماعية سوية.
ونظرا لكل هذه الفوائد فإن اتقان الطفل للغة يعد من الشروط الرئيسة لنجاحه في حياته، لذلك فقد اهتمت المؤسسة التربوية  بتعليمها في رياض الأطفال؛ حيث تلجأ المعلمة إلى تعليم الطفل اللغة من خلال اللعب الذي يجلب له المتعة ويثير قابليته للاستماع لزملائه والتحدث معهم.
الوسائل التعليمية المصورة والملموسة والمسموعة.
تشجيع الطفل على التحدث، وتوظيف الحوافز لتعزيز قدرته على ذلك.
تزويد الطفل بتغذية راجعة لصقل ألفاظه وعباراته من خلال الإصغاء للمعلمة ولزملائه من الأطفال الآخرين وتقليدهم.
ومن أجل تحقيق نمو لغوي سليم للطفل فإن على الآباء والأمهات في المنزل والمعلمات في الروضة أن يتأكدوا من سلامة أجهزة السمع والنطق عند الطفل، فإن هم اكتشفوا أن لديه ضعفا في السمع أو صعوبة في النطق، فإن عليهم أن يسارعوا لعلاجها. وعلى الجميع أن يشجعوا الطفل على التحدث، وأن يعززوا النجاحات التي يحققها، وأن يستخدموا لغة سليمة مناسبة في البيت وفي المدرسة وفي وسائل الإعلام؛ لأن لديه قدرة فائقة على اختزان كل ما يسمعه أو يراه.

JoomShaper