الدستور - نداء عواد
تتميز افلام الكرتون وخاصة المدبلجة منها ، بان لها اكبر الاثر في الوصول الى عقل الطفل الباطن وتغيير سلوكياته ، نظرا لكونها محببة للاطفال ، وعادة ما تكون الاشارات السلبية فيها خفية غير مباشرة ، وهنا تكمن الخطورة.
ولا شك ان اثر وسائل الاعلام كبير في تكوين شخصية الطفل ان كان سلبا او إيجابا ، والمعلومة تدخل البيوت دون استئذان او رقابة عبر الشاشة الصغيرة ، اذ اصبح جهاز التلفزيون امرا اساسيا في كل بيت ، وبات يشكل نظاما فكريا وثقافيا وتقنيا يسعى الى تحقيق غايات محددة ، ويمارس وظائف متعددة في وقت يمتلك فيه الطفل جهازا خاصا به في غرفته.
غزو مجنون،
وتشير اكثر من دراسة عربية الى ان افلام الكرتون تغزو نفوس اطفالنا لدرجة الجنون ، خاصة ممن تترواح أعمارهم بين 4 و 15 سنة ، فهم ينهون واجباتهم المدرسية بسرعة فائقة قبل بداية عرض افلام الكرتون كي يتفرغوا لمشاهدتها ، اما البعض الاخر فلا يقومون باداء الواجبات المدرسية الا بعد مشاهدتهم افلام الكرتون.
لذلك فان دور الاسرة مهم في متابعة وتوجيه الاطفال عند مشاهدة بعض افلام الكرتون التلفزيونية ، حيث انها تشكل خطرا على عقول اطفالنا ونفسياتهم ، فلا يدركون ما ينظرون اليه من صور وافعال في هذه الافلام ، فيجب على الام ان تحدد الفترة الزمنية المخصصة للمتابعة وفقا لعمر الطفل ، اما في العطل المدرسية فيجب عليها مراقبة ما يشاهده الطفل باستمرار ، ومن هنا تظهر العلاقة بين الاسرة والمدرسة والطفل ووسائل الاعلام المسموعة والمرئية.
سلباً وايجابا
ان النسب المرتفعة لجميع الشرائح العمرية في متابعتها وسائل الاعلام المرئية والمسموعة اثناء تأدية الواجبات المدرسية ، تدل على المكانة التي وصلت اليها هذه الوسائل لدى الأبناء ، وهذا دليل تأثر كبير قد يكون ايجابيا إذا كانت البرامج التي يتابعها تعليمية تكمل ما يحصل عليه من المدرسة. وقد يكون لها تأثير سلبي ، حيث من الصعب على الطفل التركيز في استيعاب الواجبات المدرسية وذهنه منصرف الى الاذاعة او التلفاز.
غريزة فطرية
ومن الجدير ذكره ان حب الآباء والامهات عادة ما يكون غريزة فطرية عند الطفل السوي ، لذا فالامر يتطلب منهم بعضا من الذكاء في ممارستهم سلطتهم المقننة واستغلال حب أبنائهم الفطري لهم في توجيههم وتربيتهم بطريقة صحيحة لا تقوم على اساس مجاراة الطفل في تلبية كل مطالبه.
ان بعض الاباء يغفلون عن اطفالهم بالجلوس امام التلفاز ومشاهدتهم افلام الكرتون خاصة ، فهناك اضرار تلحق بهم مثل حدوث فجوة كبيرة بين الوالدين والطفل وخصوصا الام ، لمشاغلها الكثيرة في المنزل ، فبالتالي يقل اهتمامها ورعايتها وحضانتها لهم ، بالاضافة الى اعاقة عقل الاطفال عن التفكير والابداع تدريجيا ، وايضا حرمان الاطفال من اللعب نتيجة ضياع وقتهم كله امام التلفاز ، مما يؤدي الى تكاسلهم وخمولهم وتضررهم ورفضهم القيام بأي عمل عندما يطلب منهم ، بالاضافة الى تبلد مشاعرهم وعدم مبالاتهم بكل من حولهم ، لان مشاهدتهم للتلفاز تجعل كل حواسهم تنجذب اليه ، والمشكلة الاكبر حب الاطفال لادوار الخطر وعشقهم لروح المغامرة ، حيث يعمل الطفل على تكرار ما يشاهده ، اي يتقمص الشخصية التي يحبها بخيرها وشرها ، دون وعي او تفكير في عواقب الامور مما يؤدي في بعض الاوقات الى وقع الحوادث،.
بين الواقع والخيال
وتؤثر افلام الكرتون على اذواق الاطفال ، فتراهم يميلون الى الملابس والشخصيات وقصات الشعر ، فهم للاسف يعيشون وسط صراع بين الواقع والخيال لما يرونه امام اعينهم من قتل وعنف في بعض القصص الكرتونية.
ولا يمكن لاحد ان ينكر ايجابيات مشاهدة الرسوم المتحركة ، فهي على سبيل المثال تنمي خيال الطفل ، وتغذي قدراته ، اذ تنتقل به الى عوالم جديدة لم تكن لتخطر له ببال ، وتجعله يتسلق الجبال ، ويصعد الفضاء ويقتحم الاحراش ويسامر الوحوش ، كما تعرفه بأساليب مبتكرة متعددة في التفكير والسلوك. ولا يصح الا الصحيح فلا بد من مراقبة ما يشاهده الاطفال ، ولا بد ايضا من التوجيه الطفل عند ملاحظة اي تقليد لهذه الشخصيات في الكلام او التصرف ويكون التوجيه والارشاد بأسلوب مقنع والتركيز على الايجابيات الموجودة في الطفل.
«افلام الكرتون» .. تغزو بيوتنا!
- التفاصيل