لا شك أن الآباء والأمهات يشعرون بالراحة والسعادة عندما يلبون رغبات أبنائهم، لكن النصيحة المهمة التي يجب أن يلتزموا بها هي أن يعرفوا متى يقولون للطفل «لا» في مواقف معينة حتى لا ينشأ مدللا ويظن أن الحياة ستلبي له كل رغباته.
لدى الأمهات نقطة ضعف دائما تجاه أطفالهن، وغالبا ما يملن إلى تلبية كل رغباتهم، لكن في كثير من المواقف تكون الأم في موقف لا تحسد عليه: تريد أن تحقق رغبات طفلها وفي الوقت نفسه تقتضي الضرورة أو الظروف أن تقول «لا». إنها أصعب كلمة يمكن أن تقولها الأم لطفلها، فكيف تقولينها له من دون أن تكوني شريرة في نظره؟ .
ويعتقد الباحث المصري محمد حنفي ان قليل من التدليل يكفي، لكي نحمي اطفالنا.
يا لبعض الأمهات.!
بعض الأمهات يملن إلى تدليل أطفالهن منذ أن يولدوا وبشكل مبالغ فيه أحيانا، فيوافقن من دون تفكير أو تردد على كل شيء يرغب فيه الطفل من نقود وألعاب وحلوى بلا حدود.
الأطفال الذين ينشأون وسط هذا الإفراط المبالغ فيه من التدليل لا يمكن أن يتقبلوا في يوم من الأيام كلمة «لا» في حالة إذا ما تعرضت ميزانية الأسرة أو حالتها المادية لبعض العثرات.
لا تلبي جميع رغباته.
في بعض الأحيان تؤدي نبرة الصوت وظيفة مهمة في توصيل الرسالة، فقد تقول الأم لطفلها «لا» لكن بلهجة هادئة تثير التشويش لديه. الأطفال يتعلمون المعنى من وراء كلمة «لا» من نبرة الصوت الحادة الحاسمة، عندما يفعل طفلك سلوكا خاطئا أو يثير الفوضى في المكان أو لا توافقين على احد رغباته لأنها قد تضر به قولي «لا» بنبرة صارمة وحاسمة، بحيث يكون معناها محددا في ذهنه ولا تحتمل التأويل أو التشويش.
لا شك أن الآباء والأمهات يشعرون بالراحة والسعادة عندما يلبون رغبات أبنائهم، لكن النصيحة المهمة التي يجب أن يلتزموا بها هي أن يقولوا للطفل «لا» وذلك عن طريق إسقاط بعض الرغبات عمدا وعدم تلبيتها له، فعندما نلبي كل نزواته ورغباته من دون أن نقول له لو مرة واحدة «لا»، فإنه ينشأ أنانيا وتزيد لديه رغبة جامحة في تملك كل شيء، حتى ما كان غير ضروري بالنسبة به.
هذا الطفل قد يصاب في المستقبل بالإحباط والاكتئاب عندما يفشل في تلبية رغبة أو نزوة ما، والأخطر أنه قد يلجأ إلى طرق غير مشروعة كالسرقة لتحقيق هذه النزوات، والسبب ان أحدا لم يقل له «لا» في طفولته.
استخدام المقارنة مع الاخر
في كثير من الأحيان يلجأ الطفل إلى طريقة ماكرة للضغط على الأم لتحقيق رغباته، وذلك باستخدام أسلوب المقارنة بين ما يمتلكه ويمتلكه الأطفال الآخرون. فعلى سبيل المثال يطلب الطفل شراء لعبة جديدة لمجرد أن جاره أو صديقه اشترى واحدة. وعندما توافق الأم ترسل له رسالة خاطئة بأن هذا الأسلوب الماكر الذي استخدمه قد حقق مراده.
قول «لا» هو الأسلوب الأمثل في وقت مبكر لتثبيط ميل الطفل للمقارنة بين ما يريده وممتلكات الآخرين.
ابتزاز مؤلم ومكشوف
لا يكف الأطفال الصغار عن الطلبات، وفي كل مرة تذهب الأم إلى السوق أو المجمعات التجارية ستفاجأ بسيل من الطلبات من طفلها لشراء الوجبات السريعة والحلوى والألعاب. من المستحيل أن تلبي الأم كل طلباته خاصة في ظل ميزانية محدودة ومعروف أوجه صرفها سلفا، الحل الطبيعي أن تقول الأم «لا».
لكن الطفل سيلجأ إلى الكثير من أساليب الضغط لتحقيق طلباته عن طريق البكاء والعويل والصراخ. في بعض الأحيان قد تشعر الأم بالإحراج وتلبي مطالبه تفاديا لإزعاجه وتخلصا من الموقف المحرج الذي وضعها فيه، لكنه التصرف الخطأ. يجب ألا تخضع الأم لابتزاز الطفل وتقول له بحسم «لا»، بل إفهامه انه إن لم يكف عن تصرفه، فانها ستتركه في المرة القادمة في البيت وتذهب وحدها.
لا ينبغي أن نقول «لا» للطفل وكفى، فهو يفتقد الخبرة الكافية التي تمكنه من معرفة المبررات وراء «لا»، ويحتاج دائما لتفسير لأنه عندما يقتنع بهذه المبررات سينصاع بهدوء.
على سبيل المثال عندما ينتهي من إعداد واجباته المدرسية ويطلب الجلوس أمام الكمبيوتر للعب لبعض الوقت لا تقولي «لا» وانتهى الأمر، يجب أن تكون «لا» مقرونة بالتفسيرات المقنعة له، على غرار «لم يعد هناك متسع من الوقت للعب فأنت ستتناول عشاءك ثم عليك أن تذهب للنوم لتستيقظ مبكرا من أجل الذهاب إلى المدرسة».
بدائل..لكنها ليست حلولا
إن كان البعض لا يقول لأطفاله «لا» لو لمرة واحدة، فهناك من يكون رده الجاهز على أي رغبة من الطفل بـ«لا» طوال الوقت. خير الأمور الوسط، فلا يجب أن نقول «نعم» دائما ولا ينبغي أن نقول للطفل «لا» طوال الوقت. ربما ينبغي قبل الرد على الطفل أن نوازن بين السلبيات والإيجابيات، فالهدف من أن نقول «لا» هو حماية الطفل وغرس الانضباط فيه في عندما تكون طلبات الطفل مشروعة ولا يوجد إمكان لتلبيتها فابحثي عن بدائل أخرى، على سبيل المثال عندما يريد مشاهدة فيلم غير مسموح لمن في سنه مشاهدته لما يحتويه من مشاهد عنف قولي له «لا» ثم اشرحي له السبب، واختاري فيلما آخر يناسب عمره وشاهديه معه.
«نعم» .. الشعور بالذنب
الكثير من الآباء والأمهات يميلون إلى تحقيق رغبات أطفالهم طوال الوقت من منطق الشعور بالذنب، فهم مشغولون عنهم في العمل لفترات طويلة، وعندما يعودون إلى المنزل يوافقون على كل رغبات الطفل من منطلق سيطرة هذا الشعور عليهم من دون حساب للعواقب على المدى الطويل.
على سبيل المثال عندما تعود الأم من العمل في ساعة متأخرة ويطلب الطفل شراء وجبة جاهزة أو تناول الآيس كريم توافق على الفور ولا تقول «لا»، رغم أنها تعلم أن طفلها يعاني من السمنة أو أن الطبيب منعه من تناول الآيس كريم لكي لا يصاب حلقه.
الطفل ذكي بما فيه الكفاية ليعرف سبب هذه الرشوة، وسيكون هذا تكتيكه الذي يتبعه في المرات القادمة لتلبية كل رغباته. امتلكي الشجاعة لكي تقولي له «لا» إن كانت في مصلحته، ولا تجعلي الشعور بالذنب يهزمك في مواجهة غضبه.
لا.. لكنها تؤلم طفلك ..!
- التفاصيل