لغة الصداقة والحوار بين الأسرة والطفل مهمة جداً في تنشئته، لا سيما عند إصابته بضيق نفسي، بعيداً عن العقاب أو الإهانة، وعلى الأم أن تبدأ أولاً بسرد مشاكلها لطفلها بشكل مبسّط وتشركه معها في إيجاد حلّ لينشأ على مبدأ التشاور.
قالت الباحثة المصرية سماح حسن ان علاقة الأسرة بالطفل متشابكة ومليئة بالتعقيدات خصوصاً في مراحل الطفولة المبكرة التي تمتدّ من الولادة حتى سن السنوات الست، أي الفترة التي تتحدّد فيها ملامح شخصية الطفل.
وان :الثواب جزاء لكل فعل أو تصرّف جيّد من الطفل. لا يعني الثواب هنا الهدايا والأموال فحسب، فالابتسامة والتصفيق والتفوّه بالمديح من الأب أو الأم كلها أمور تعدّ ثواباً، كذلك منح الطفل جوائز مادية على أفعاله الجيدة، لكن من دون إسراف. بالنسبة إلى العقاب، لا بد من تجنّب أسلوب الضرب والإهانة، لأنه لا يؤتي ثماره بل، على العكس، يؤدي إلى تمسّك الطفل بالعناد وعدم الانصياع. قد يكون العقاب من خلال الحرمان من وسائل ترفيه تتعدى الأكل والشرب والمال.
ولفتت في نتائج مستقاة من أطروحتها «أهم ملامح العلاقة السليمة بين الأسرة والطفل») التي نالت عنها ماجستير التربية من جامعة حلوان الى ان أساليب التنشئة الاجتماعية السليمة والتحديات التي تواجه الأهل في تعاملهم مع أطفالهم تعد مصدرا من مصادر خوف الاسرة العربية من المسقبل.
واشات سماح الى ان ما يعرف ب مجموعة من العمليات، يكتسب عبرها الطفل مهارات وسلوكيات وقيماً تؤهله ليصبح عضواً فاعلاً في المجتمع. تتوزع آليات التنشئة الاجتماعية بين طرفين، يتمثل الأول في الأسرة لأنها خليّة الطفل الأولى، نظراً إلى الدور الذي يؤديه الوالدان في غرس القيم التربوية والمهارات لدى الطفل وتتمثل بالصدق والصبر والنظافة والنظام والحرية والمواطنة واحترام الآخرين، وتعدّ فترة الطفولة المبكرة، من الولادة حتى عمر الست سنوات، أهم مراحل غرس هذه القيم وتنميتها.
الطرف الثاني هو المدرسة التي تكمّل دور الأسرة وتنعكس تصرفات المعلمين والموظفين وسلوكياتهم الشخصية على الطفل، الذي يبدأ بتقليدهم بشكل تلقائي، بالتالي من الضروري أن تكون ثمة علاقة مستمرة بين المدرسة والأم لمتابعة مسار طفلها.
وتؤكد الباحثة الى اهمية دراية الأم بما وصلت اليه حالة طفلها – اطفالها النفسية، خصوصاً في مراحل النمو الأولى؛ لان لغة الصداقة والحوار بين الأسرة والطفل مهمة جداً في تنشئته، لا سيما عند إصابته بضيق نفسي، بعيداً عن العقاب أو الإهانة، وعلى الأم أن تبدأ أولاً بسرد مشاكلها لطفلها بشكل مبسّط وتشركه معها في إيجاد حلّ لينشأ على مبدأ التشاور.
وحذرت الدراسة من مشاهدات الاطفال البيتية وما تحمله من كوابيس للمستقبل :ثمة مقولة تربوية تقول: «أرني طفلك أعرف من أنت»، فإذا كان الطفل يعاني اضطرابات نفسية أو قصوراً في لغته مثلاً، يكون ذلك ناشئاً عن الخلافات المتتالية بين الأب والأم فيدخل الطفل طرفاً فيها، سواء بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، من خلال احتكاكه الدائم بالتوتر الذي يسيطر على المنزل ما ينعكس على تكوين شخصيته التي تتجه غالباً إلى العدائية، كردة فعل لتصرّف الأبوين. بالنسبة إلى الأسر التي تعيش في جو هادئ خال من التوتر، ينمو الطفل بسعادة ويصبح مؤهلاً ليكون شخصاً سوياً مستقبلاً.
كما انه وعبر التفاهم بين الأم والأب على مناقشة خلافاتهما في أجواء هادئة بعيداً عن الأطفال. هنا يقع على الأم العبء الأكبر، إذ يجب أن تكون صبورة وتمتصّ أي غضب.
لا نلوم التكنولوجيا
ثمة أساليب مختلفة في التنشئة الخاطئة يتبعها الآباء مع أطفالهم، أهمها التفرقة بين الأبناء التي من شأنها تنمية الشعور بالكراهية بين الإخوة وبين الأطفال وأقرب الناس إليهم ما يؤدي إلى عدم ثقة الطفل بنفسه، كذلك يدفع الحرمان والإهمال الطفل إلى التصرف بشكل غر لائق كالبكاء طوال الوقت، بالإضافة الى التربية المتساهلة والتدليل الزائد للطفل وتلبية رغباته من دون تفكير... وكلها أمور من شأنها تنمية الأنانية لديه.
تواجه العائلات في معظمها أزمات بين الأهل وأطفالهم بسبب جلوس هؤلاء ساعات طويلة أمام شاشات الكمبيوتر أو ألعاب الـ{بلاي ستيشن» أو مشاهدة التلفزيون وإهمال الجلوس مع الأسرة، ما يصيبهم بالتوحد مع عالمهم الافتراضي وينعكس سلباً على الترابط الأسري وقد يصل إلى التفكك. لا نلوم التكنولوجيا لكن من الضروري تحديد أوقات استخدام هذه الوسائل بساعتين يومياً موزّعتين على وسائل التكنولوجيا كافة.
اعتماد لغة الحوار..ضرورة ؟
يعدّ حجم الأسرة أهمها، فكلما زاد عدد الأطفال قلّت نسبة الحبّ والاهتمام وإشباع حاجاتهم، كذلك تؤثر ثقافة المجتمع في عملية التنشئة، إذ لا تدرك مجتمعاتنا العربية أن تنشئة الفتاة الاجتماعية تختلف عن الصبي، وهي تحتاج إلى معاملة خاصة تقوم على الرفق الزائد نظراً إلى الشفافية التي تتسم بها في تكوينها، بالإضافة إلى انعكاس الطبقة الاجتماعية التي تنتمي إليها الأسرة على تنشئة الطفل، فأصحاب الدخل المرتفع تكون سلوكياتهم مختلفة عن أصحاب الدخل المنخفض أو المتوسط
ان اعتماد لغة الحوار بين الطفل ووالديه أهم خطة في أسس التربية السليمة، إذ يفعل الأطفال مثلما نفعل، وتنعكس القدوة الحسنة من الأم والأب عليهم، وتنمي مشاركة العائلة للطفل علاقة طبيعية داخل الأسرة.
الحوار سلاح طفلك في الأزمات النفسيّة
- التفاصيل