بريسيللا ج. دنستن
تزامناً مع التدوال بشأن قانون «تغذية الطفل» الذي طرحته السيدة الأميركية الأولى ميشيل أوباما أخيراً، ارتأيتُ أنّ الوقت بات مناسباً الآن للتطرّق إلى مشكلة البدانة وعلاقتها بحواس الجسم والطريقة التي بإمكان الأهل اعتمادها لمساعدة أطفالهم.
الطفل الذي تكون حاسة اللمس طاغية لديه شخص حيوي ومنشغل طوال الوقت. ويكون غالباً مشغولاً أكثر من اللزوم فلا يجد الوقت ليأكل، لذا يميل إلى تناول الوجبات الخفيفة ويفضّل الأطعمة السريعة. يواجه هذا الطفل مشكلة غذائية حين يعجز عن التحرّك بالحيوية التي يريدها، سواء بسبب جدول نشاطاته الحافل، أو إذا كان مضطرّاً إلى قضاء ساعات طويلة داخل المنزل، عندها يصعب عليه الجلوس بما يكفي لتناول وجبة الطعام. تكمن الحيلة في مثل هذه المواقف، في تمديد فترة تناول الغذاء لتشمل اليوم بطوله. لذا ننصح بالاحتفاظ بوجبات خفيفة وصحية وإطعام الطفل تباعاً.

من هذه المأكولات، نذكر قطع التفاح أو الجزر وحبوب الفطور الصحية. كذلك، من الأفضل أن نعرض عليه نوع غذاء واحداً في كل مرّة، أثناء التنقل بالسيارة مثلاً. في هذه الحالة، يبدي الطفل استعداده لتناول ما نعرضه عليه لأنه يكون أمام خيار صحي واحد.

ننصح الأهل أيضاً بمحاولة تنظيم نشاط جماعي يومياً، حتى لو اقتصر الأمر على المشي، أو يمكن أن يشاركه الأب والأم في لعب كرة السلة في المنتزه مثلاً.

سمعي

على صعيد آخر، يحبّ الطفل الذي تكون حاسة السمع طاغية لديه التوازن والروتين في يومياته. قد نلاحظ أنه يميل إلى تناول الطعام من دون تفكير حين يتعرّض لضغوط سمعية، مثل التواجد في محيط تعمّه الضجة بسبب حركة السير أو في أماكن مكتظة... وقد نجده أمام شاشة التلفاز وهو يلتهم رقاقات البطاطا المقرمشة. إنه مؤشر على حاجته إلى الهدوء! في هذه الحالة، ننصح الأهل بمرافقة الطفل في نزهة هادئة، أو التحدّث معه بشأن مجريات يومه أو دعوته إلى التعبير عما يزعجه.

عند ممارسة نشاطات مشتركة، يحتلّ الموقع الذي نختاره أهمية كبرى. إذا كان المكان يضجّ بالأصوات الصاخبة، فلن يركّز الطفل على ما يفعله. وإذا كان فارغاً بالكامل ويتردد فيه صدى الأصوات، فستتأذى أذناه الحسّاستان. تُعتبر ممارسة الرياضة أو التمارين التي تتطلّب إيقاعاً منتظماً وتسلسلاً محدداً في الهواء الطلق، من أفضل النشاطات المفيدة في هذا المجال. مع نموّ الطفل، تُفضَّل ممارسة النشاطات التي تترافق مع الموسيقى.

بالنسبة إلى الغذاء، ننصح بتقديم وجبات متوازنة في أوقات منتظمة، والحدّ من تناول الوجبات الخفيفة العشوائية، وتخصيص ما يكفي من الوقت لإجراء الأحاديث المفيدة.

نظري

في المقابل، يهتمّ الطفل الذي تكون حاسة البصر طاغية لديه بنظرة الآخرين إليه. بالتالي، إذا كان يعاني مشكلة البدانة، فستتأثر نظرته إلى نفسه. لكن ينعكس هذا النمط من التفكير سلباً على نظرته إلى صورة الجسم والغذاء عموماً. من الضروري أن يعلّمه أهله كيفية التعاطي مع هذين العاملين بطريقة صحيّة.

لتحقيق ذلك، عليهم اعتماد سلوك سليم تجاه الطعام، تماماً كما يفعلون تجاه جميع متوجّبات الحياة الأخرى، مثل أهمية الترتيب والاستحمام والقيام بالواجبات المنزلية والشخصية الأخرى. يسهل أن يعتاد الطفل على مشهد تناول المأكولات المصنّعة لأنّ شكلها يكون «جميلاً»، ويدرك الأهل جيداً أن الطفل الحيوي سيأكلها بسهولة. لكن بدل اختيار هذا الطريق السهل، ننصح بتقديم أطعمة صحية يكون شكلها جميلاً ومسلياً.

باختصار، من الأفضل أن نبتكر شكلاً جميلاً للمأكولات الصحية على الاكتفاء بتلك السريعة المضرّة.

تذوّقي
أخيراً، يميل الطفل الذي تكون حاسة التذوّق أو الشم طاغية لديه إلى تناول الطعام للتعبير عن مشاعره. أظهرت أبحاثي الخاصة وجود علاقة وثيقة بين هاتين الحاسّتين والكيلوغرامات الزائدة. يجب أن يتعلم هذا الطفل كيفية التعامل مع عواطفه بطرق أخرى، وإلا ستتفاقم حالته لتصبح مشكلة مزمنة في مرحلة لاحقة من حياته. ننصح بتهيئة جو عائلي هادئ وحنون في أوقات تناول الطعام، حتى لو كانت العائلة تقتصر على شخصين. ويجب الربط بين الأحاسيس الإيجابية والشعور بالتحسّن من جهة والوجبة الصحية من جهة أخرى.

من وجهة نظر هذا الطفل، تُعتبر التمارين والنشاطات عقاباً له، لذا ننصح الأهل بتصويرها على شكل إضافة سليمة إلى الحياة الصحية. يمكن الذهاب إلى المدرسة والعودة منها سيراً على الأقدام مثلاً، أو استعمال السلالم بدل المصعد، أو ممارسة السباحة، أو المشي لمسافات طويلة والاستفادة من هذا النشاط لتعزيز الروابط بين الأهل والطفل. لكن من الأفضل الابتعاد عن أنواع الرياضة التي تحمل معنى المنافسة لأنّ الولد قد يفقد حماسته بسبب هذا النوع من النشاطات.

باختصار، يساهم الأكل السليم، ممارسة التمارين، التعبير عن العواطف، وتفريغ الضغط النفسي، في مساعدة أطفالنا على أخذ الخطوة الأولى على طريق التمتّع بحياة صحية ومثمرة ومدهشة!

JoomShaper