الدستور - جمانة سليم
تبدأ بعض الفتيات في عمر المراهقة بتقليد امهاتهن واخواتهن الكبار في بعض السلوكيات التي قد لا تتناسب مع اعمارهن الصغيرة. وقد تكون هذه السلوكيات وعلى الاغلب في طريقة اللبس او في وضع مساحيق التجميل سواء في المناسبات او حتى في حياتهن اليومية، الى جانب تقليدهن لطريقة كلام وحركات من يكبرنهن في العمر.. هذه الظاهرة السلوكية يحذر منها اختصاصيو علم الاجتماع خاصة وانها تطمس ملامح مرحلة الطفولة والبراءة التي يجب ان تمر بها كل فتاة وتعيشها بكل تفاصيلها.
ومن جهة اخرى يحلل الخبراء هذه الظاهرة على انها حالة نفسية تؤثر على بعض الفتيات خاصة من كن في بداية مرحلة المراهقة وهي فترة تبدأ فيها الفتاة باكتشاف ذاتها من خلال شعورها بالنضوج أو بتجاوزها مرحلة الطفولة ..
اخر العنقود
وتلاحظ «سعاد بركات» ربة اسرة أن ابنتها الصغري «نورة»13 سنة تقوم بتقليد اخواتها البنات اللواتي يكبرنها ،واشارت الى انها تقوم باستخدام ادواتهن واحتياجاتهن الخاصة مثل ارتداء اكسسواراتهن وكذلك عطورهن الى جانب انها تحاول تقليدهن في طريقة لبسهن خاصة احذية «الكعب العالي»..
وأضافت انها حاولت ان تثنيها عن هذه السلوكيات من خلال تحذيرها من عدم تقليد الكبار. الا انها تشعر بانها «منبوذة» لدرجة انها تتعمد ان تلفت الانتباه لها من خلال سلوكها لبعض السوكيات التي تدل على انها في مرحلة عمرية اكبر من سنها الطبيعي.
وكذلك تحدثت «روان ابو سويلم» 18 عاما، عن سلوكيات اختها التي تصغرها باربع سنوات والتي ما زالت في مرحلة الدراسة الاعدادية مشيرة الى ان اختها تحاول تقليدها وتقليد زميلاتها في كل تصرفاتهن وطريقة كلامهن وحتى في ميولهن الخاصة مثل الاستماع الى مطرب معين او متابعة برنامج تلفزيوني مهم .مشيرة الى انها وقبل ثلاث ايام طلبت منها استعارة اكسسواراتها لكي ترتديهن في الرحلة المدرسية التي اشتركت فيها لكي تتباهى بانوثتها امام زميلاتها في المدرسة . وتشعر روان بان اختها وبتقليدها المتكرر لكل سلوكياتها تحاول ان تتعدى مرحلة الطفولة التي تعيشها او التي ترفضها خاصة وانها عادة ما تكرر كلمة « انا كبيرة» عندما يوجه اليها البعض تعليمات بضرورة الالتزام بارتداء ملابس تتناسب مع عمرها او باهمية الانتباه لطريقة كلامها وعدم تكرارها بعض المفردات التي يقولها الكبار وان لا تتحدث في مواضيع تفوق عمرها .
تقليد
ونفس الملاحظة ايضا تحدث عنها «محمود جمال» والذي يلاحظ بان ابنته « ندى» 14 عاما تحاول تقليد اختها التي تكبرها بسنوات. وقد لاحظ قبل فترة بأنها تقوم بارتداء ملابسها دون علمها وكذلك تهتم بمظهرها الخارجي لدرجة مبالغ فيها ولحد انها وقبل ان تخرج الى مدرستها تبقى امام المرآة تتزين لاكثر من نصف ساعة .
واشار الى انه وزوجته حاولا ان يثنيانها عن بعض هذه السلوكيات التي لا تتناسب مع عمرها الا انها كانت تعترض على توجيههما وانتقادهما لها بعد ان تؤكد لهما بان جميع صديقاتها وزميلاتها في المدرسة يعشن بنفس طريقتها، بل ان اكثرهن يتمتعن بمساحة اوسع من الحرية الشخصية وبانهن لا يعانين من ضغوطات وانتقادات اهاليهن.
متابعة
وبطريقة مختلفة قامت السيدة «غادة حسين» ربة اسرة بمتابعة سلوكيات ابنتها الصغرى «تغريد» 12 عاما والتي لاحظت بانها لا تتناسب مع عمرها حيث كانت تقوم بوضع مساحيق التجميل على وجهها قبل الخروج الى المدرسة او قبل الذهاب الى اي زيارة خاصة ،وقد حاولت اكثر من مرة ان تلفت انتباهها الى ان هذا الامر لا يناسبها وبان صغر عمرها لا يناسب هذه السلوكيات .
واشارت السيدة غادة الى انها شعرت بان ابنتها اصبحت تتعمد القيام ببعض السلوكيات التي تتجاوز عمرها من باب العناد. ولهذا قررت ان تعالج هذا الموضوع بطريقة حضارية اكثر حيث طلبت منها ان تقوم باستضافة اكبر عدد من زميلاتها في المدرسة في حفلة عيد ميلادها. وبالفعل حضر عدد كبير منهن وكن جميعهن يرتدين ملابس تتناتسب مع اعمارهن وجميعهن لا يضعن اية مساحيق تجميلية ولا يبدين بمظهرهن اكبر من عمرهن الطبيعي وقد لفتت انتباه ابنتها الى هذا الامر بعد ان طلبت منها ان تراقب جميع زميلاتها اللاتي حضرن لمناسبة خاصة وكيف ان جميعهن يلتزمن بالشكل المناسب لاعمارهن . واشارت الى ان ابنتها وبعد هذا الموقف اقتنعت تماما بوجهة نظرها وبدأت تنتبه الى سلوكياتها ومظهرها وكذلك طريقة كلامها التي كانت تقلد في الكبار.
مرحلة انتقالية
ويحلل الدكتور موسى عباد استاذ علم الاجتماع ظاهرة تقليد الفتيات في سن مبكر للكبار وميولهن الى ابراز مظهرهن من خلال ارتداء «الكعب العالى» ووضع المساحيق التجميلية قبل خروجهن من المنزل وغيرها من السلوكيات التي لا تتناسب مع اعمارهن الى ان هذه المرحلة تعتبر من اكثر المراحل العمرية «خطورة» للفتيات حيث تسمى بالمرحلة الانتقالية والتي تكون ما بين الطفولة والنضوج، وهنا تبدأ الفتاة بمحاولة التخلص من كل تفاصيل حياتها الطفولية وتتشبث بملامح المرحلة التالية والتي تتطلب منها الانتباه الى مظهرها الخارجي وللفت الاتباه لها « كونها اصبحت كبيرة» الى جانب ان طريقة كلامها وحديثها يختلفان عن قبل فتبدأ بالحديث عن قضايا اكثر جديه، وكذلك تختلف اهتماماتها الخاصة فلا تعد تهتم بمتابعة برامج الاطفال وتهتم اكثر بمتابعة المسلسلات الرومانسية الى جانب متابعتها لاخر صيحات الموضة لكي تشعر كل من حولها بانها اصبحت «اكبر»
ويرى الدكتور عباد ان هذه الظاهرة تبرز عند الفتيات اللواتي يكن «اخر العنقود» في اسرهن حيث تشعر الفتاة بانها تختلف عن اخواتها البنات وتندفع الى تقليدهن باللاوعي وهنا يجب على جميع افراد الاسرة الانتباه الى سلوكيات بناتهن والتركيز على تعليمهن الابتعاد عن التقليد وضرورة ان يعشن مرحلة الطفولة بكل طقوسها وتفاصيلها .
صغيرات.. يعشن اكبر من أعمارهن!
- التفاصيل