الاسلام اليوم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. ابني عمره ثماني سنوات، وهو سليم والحمد لله، ولكن تأخر في الكلام، وذلك حسب تشخيص الأطباء بسبب فقر البيئة، وهو الآن يتكلم بصورة جيدة ولكن بعض مخارج الحروف لا زالت ليست سليمة، وهو في الصف الثالث الابتدائي، وهو لا يعرف القراءة مع معرفته الجيدة للحروف والتمييز بينها، والكتابة الجيدة كنقل، ولكنه ضعيف جدا في الإملاء إلا إذا كان حافظها.. عملت له اختبارًا للذكاء، وكانت النتيجة 80 في المائة، فهل أكمل له في التعليم العادي أم ماذا؟ وكيف أتعامل معه؟ وما هي طرق تعليمه السليمة؟ أرشدوني مأجورين..
المجيب: صلاح عبد السميع الصادق
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
الأخت الكريمة.. أشكرك على رسالتك وحرصك على متابعة حالة ابنك، أريدك في البداية أن تعلمي أن للغربة ثمنًا كبيرًا قد يدفعه الأبناء دون قصد مع ما يدفعه الآباء عندما يتركون موطنهم وبيئتهم إلى مكان آخر ربما يضن عليهم بالبيئة التي توفر نوعا من السواء النفسي وفق متطلبات يحتاجها الكبير والصغير على حد سواء.
على كل حال تعلمي أن العلم والبحث العلمي يؤكد على ضرورة متابعة حالة الأطفال وبشكل خاص فيما يرتبط بالكلام،حيث ينصح الباحثون الآباء الذين يعاني أطفالهم من مشكلات في الكلام أو في تأخر النطق أن يلجأوا إلى الأطباء لمحاولة معرفة السبب. ويشير الباحثون إلى إنه في حالة عدم نطق الطفل البالغ من العمر عامًا واحدًا، أو إذا كانت كلماته غير واضحة بشكل كبير مقارنة بالفئة العمرية ذاتها، فمن الواجب على الآباء طلب الاستشارة الطبية.
ومن باب العلم بالشيء أحب أن تعلمي أن الأطفال الذين يميلون للتأخر في الكلام يستخدمون الجزء الأيمن من الدماغ في السمع، في حين أن مهارات اللغة ترتبط في الأصل بالجزء الأيسر منه. وقد أجرى الباحثون في هذه الدراسة فحوصات معقدة باستخدام الرنين المغناطيسي لمقارنة أدمغة الأطفال مع مشكلات الكلام.
وعادة ما يتفوه الأطفال بأول كلماتهم مع بلوغهم عمر سنة، وتتطور بعد ذلك إلى جمل بسيطة عند بلوغ ما بين 30 شهرا إلى 36 شهرا.
وتقول التقديرات إن حوالي 2 % من الأطفال يعانون حالة ربما تسبب تأخر الكلام وهو ما يمكن أن يتضمن حالات عجز عاطفي وسلوكي علاوة على تعقيدات في الولادة والشفاه، أو سقف الحلق المشقوق وعجز في النمو وفقدان السمع.
فيما يخص حالة الابن العزيز فإن مشكلته -كما تفضلت- تتمثل في ضعف النطق لبعض مخارج الحروف، إضافة إلى ضعف مهاراته في القراءة مع قدرته على التمييز بين الحروف، مما ينعكس على قدرته على الإملاء. هنا أريدك أن تعلمي أن مهارة القراءة تحتاج إلى تدريب، كما تحتاج إلى التركيز على مهارة الاستماع من ناحية أخرى، وبالتالي كلما كانت البيئة المحيطة به تتضمن من المظاهر ما يدفع نحو ممارسة أنشطة سمعية وكذلك قراءة القصص ونحوها، وأنا أعلم أن الطفل في ذلك السن قد يعاني من مشاكل نفسية أريدك أنت أن تقفي عليها، وبخاصة مدى تواجد الأب داخل الأسرة لوقت محدد يقضيه في اللعب والمباشرة مع ذلك الطفل، وكذلك دورك أنت أيضا في متابعته على المستوى التحصيلي وقبله المستوى النفسي وإشباع رغباته ومحاولة التحدث معه من ناحية، وأن تمارسي دورك كأم في سرد القصص والتأكيد على القراءة بشكل صحيح.
أريد أن أؤكد لك قد تبدو المشكلة في العرض وهو هنا ضعف في القراءة والإملاء والنطق لبعض الحروف، ولكن المرض قد يكون سببه عدم وجود الرفقة والمساندة على المستوى النفسي، ولم تشيري في رسالتك هل هو الطفل الوحيد أم أن له إخوة أصغر، وما ترتيبه في الأسرة؟ طبعا إن كان هو الطفل الأول ولا يوجد غيره هنا تبدو المشكلة، ونتوقع كل ما قيل وبخاصة إن كان والده يعمل معظم الوقت ولا يجد من يحكي معه، ومن المؤكد أنه في مدرسة ولكن هل له أصدقاء أم أنه من النوع الانطوائي، عليك أن تكثري من الحوار والحديث معه، وعلى والده أن يمارس دوره كأب من خلال اصطحابه معه في أماكن مفتوحة والحديث إليه، عليك وعلى والده دور كبير في أن تثقي في قدرات ابنك، وفي الوقت نفسه أن تعيدوا إليه الثقة إن كان قد فقدها، مارسي أسلوب التحفيز والتعزيز مع هذا الطفل، الحمد لله أن مستوى الذكاء لديه 80 يعني أن مستوى الذكاء جيد، وبالتالي ليس هناك مشكلة في القدرات العقلية، وهنا يجب عليك أن تبقي عليه في مدارس التعليم العادي، وأن تتابعي معه عبر قصص محببة إليه، يشتريها له الوالد من المكتبات العامة الموجودة لديكم، وأن يصحبه معه لكي يختار ما يحب هو وليس ما يحب الوالد، اطلبي منه أن يلخص في سطر ما فهمه أو ما استفادة من القصة بعد قراءتها، حاولي أن تشعريه بأنه متميز، وأن موضوع القراءة سوف يكون على أكمل وجه مع مرور الوقت، الأخت الكريمة أشكرك مرة أخرى على اهتمامك بمتابعة حالة ابنك، ونسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعل ما تبذلين من أجله في ميزان حسناتك، وأن يبارك فيه وينبته نباتا حسنا. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ابني وصعوبة التكلم!
- التفاصيل