لها
لا يمكن الاستغناء عنها
'ليلى والذئب'، 'سندريللا' و'بياض الثلج' ... قصص من أدب الطفل الكلاسيكي   لا يزال لها وقعها الجميل في نفس الطفل. غير أن هناك بعض الأهل يرون فيها قصصاً خيالية تحتوي على الكثير من الشر كزوجة الأب التي تريد التخلص من 'بياض الثلج' والذئب الذي يلتهم الجدّة في 'ليلى والذئب' والساحرة الشريرة التي تغذّي هانسل لتأكله في حكاية' هانسل وغريتل'. وأحياناً تعمد بعض الأمهات أثناء القراءة لأطفالهن إلى تحوير بعض أحداث القصّة ظناً منهن أنهن يجنبن أطفالهن الشعور بالخوف. وهناك من يرى فيها قصصاً مرّ عليها الزمن ولا تمت إلى الواقع بصلة لذا يفضّلون عدم اقتنائها في مكتبة المنزل. وفي المقابل نجد أن الطفل لا يملّ الطلب من والده و والدته أن يقرآ له قصة 'ليلى والذئب' مثلاً مرّة ثانية، وفي كل مرّة يتوقّف عند حدث معين ويسأل.
وهنا يطرح الأهل الأسئلة عن الأهمية التي يمثّلها هذا النوع من القصص بوجود قصص معاصرة تتناول مواضيع واقعية على صلة بحياة الطفل اليومية. والجواب، بحسب الاختصاصيين، أن قصص أدب الأطفال الكلاسيكية قريبة إلى خيال الطفل، وفيها الكثير من المعاني الإنسانية التي تعني الطفل بغض النظر عن سنّه وجنسه، ويمكنه أن يجد العديد من الأفكار التي تساعده في تخطي الصعاب التي يواجهها والنمو بسلام.


الطفل ليس 'نهرًا طويلاً هادئًا'
منذ نعومة أظافره يواجه الطفل الكثير من الصعاب: الفشل، المنافسة الأخوية، مواجهة العالم الخارجي، تحمل المسؤولية... هكذا يمكن أن يشعر بالوحدة والقلق. ويظن بعض الأهل أنه يجدر بهم حماية طفلهم قد الإمكان من كل ما يسبب له اضطرابًا، وأن يعرضوا له كل ما هو إيجابي في الحياة، وإبعاده عن كل ما يشعره بالاستياء.
فيما يرى الاختصاصيون أن هذا التصرّف يؤدي على عكس ما يريده الأهل، ويعزز عند الطفل مخاوفه، وذلك لأن الطفل يدرك جيّدًا أن الحياة ليست فقط مفاجآت سارة. وقصص الأطفال الكلاسيكية تساعده في مواجهة الصعاب، فهي تحدّثه عن الحياة وتعكس كل وجوهها بحلوها ومرّها وتحفزّه على خوض التجربة مهما كانت.


قصص أدب الأطفال الكلاسيكي نقاط مرجع
توضح قصص الأطفال الكلاسيكية بطريقة مسلّية مخاوف الطفل وتهوّنها. موت الأهل في قصة 'بياض الثلج'، قوّة الراشدين تجاه الطفل في 'ليلى والذئب'، الغيرة الأخوية في 'سندريللا'. تتحدث هذه القصص عن قساوة الحياة والصراعات الداخلية بإعطائها شكلاً يلامس الواقع مما يقلص خوف الطفل.
فمثلا الذئب حيوان مخيف بلا شك ولكن يمكن الطفل أن يهزأ به ويحلم بأن يركله وينتصر عليه، وبالتالي يتمكن الطفل من التحرر من مخاوفه لا سيما الخوف من الالتهام. وتساعد قصص الطفل الكلاسيكية في الربط بين ما يشعر به وما يقرأه في شكل منطقي
. فتعطيه أفكارًا تساعده في حل مشكلاته. ما هو السيئ وما هو الجيّد؟ هل من الأفضل أن يكون طفلاً سيئًا أم طفلاً طيبًا؟ كيف يمكن أن يجد الحب عندما يكبر؟ إذن تكوّن هذه القصص النقاط المرجع أثناء تطوره وسيره نحو المستقبل.
فكلها تبعث بالرسائل نفسها، بشكل بسيط ومشجع، مفادها أن  الصعاب في الحياة لا تنتهي ولكن بدل الهروب منها يجب مواجهة المشكلات غير المتوقعة والتي غالبًا ما تكون ظالمة، لأنه، أي الطفل، سيفوز و يجتاز كل العقبات ويحصل على كل ما يريده.


اختيار مواضيع القصص
ليس من الصعب أن تعرف الأم أي قصة تناسب طفلها واختيار ما يناسبه وقراءتها له. إذ أن كثافة انفعالاته العاطفية تبرهن ما إذا كان متأثرًا بالقصة أم لا. والأفضل أن تبدأ بقراءة القصة المفضلة لديها، وإذا لم يتفاعل معها الطفل فإن هذا مؤشر لأن موضوع القصة لا يتماشى مع اهتماماته الحالية
. أما إذا تعلّق بها الطفل فإنه يُظهر ذلك بحماسة فيطلب من والدته إعادة قراءتها له مرّات عدة إلى أن يحصل على كل المعلومات التي يريدها.
وإذا تغيّرت اهتمامات الطفل فإنه يطلب قصة جديدة تناسب المرحلة الجديدة التي يمرّ بها. كما أنه من المفضّل أيضًا أن تترك الأم لطفلها حرية اختيار موضوع القصة، فهذا يساعدها في فهم ما يمر به. وفي الوقت نفسه عليها ألا تهدم اهتمامه بها بشرح تفاصيلها، فالقصة الكلاسيكية إذا كانت تغني مخيّلته وتسعده فذلك لأنه لا يعرف لماذا وكيف بدأت على هذا النحو.
أي لماذا هناك ساحرة، أو بيوت من الشوكولا والحلوى، وكيف طارت الساحرة بعصاها السحرية. فهذه الصور تبهج الطفل لأنه يتخيلها.

JoomShaper