هاشم سلامة-
التعنيف هو التعامل الفظ مع الطفل من الناحيتين المعنوية والمادية, وممارسة العنف على الطفل من قبل الغير تأخذ أشكالا متعددة بدءاً باللوم والعتاب القاسيين والتجريح المفرط وانتهاءاً بالضرب والايذاء الجسدي وأحياناً يأخذ العنف اشكال العقاب والحرمان والتحقير, وتزداد حدة التعنيف اثراءً اذا مورس على الطفل بوجود اشقائه او رفاقه.
وأياً كان السبب أو المبرر للوم الطفل وتقريعه على خطأ ما, فانه يجب ان لا يتجاوز صيغة اللوم بأسلوب يستوعبه ويقوّم من سلوكه, ويجعله قابلاً لعدم التكرار والتعبير عن الأسف لوالده او والدته او شقيقه الاكبر المكلف برعايته في حالة كان هذا الطفل يتيماً.
ومن المعروف ان الاطفال كثيرو الاخطاء والزلات نظراً لقلة تجربتهم في الحياة وعدم اكتمال نضوج ادراكهم, وعدم نضوج ملكة التمييز لديهم بين الصواب والخطأ, وفي كثير من الاحيان يكون الخطأ عفوياً وغير مقصود. ويرى علماء نفس واجتماع الطفولة ان السبل الناجعة للتعامل مع الطفل المخطىء او المسيء هي ما تقترن بشيء من الارشاد والتقويم:
1 - اعتماد مبدأ العقاب والثواب: على الوالدين مكافأة الطفل ولو بابتسامة عندما يُحسن التصرف, ويتدرج الثواب من الابتسامة الى المديح ثم الى الجائزة المادية سواء كانت لعبة او نقوداً أو بعض الحلوى. وفي حالة أقدم الطفل على سلوك خاطئ, تُسحب هذه الامتيازات منه, وهو بالضرورة سيدرك أن هذا الموقف الجديد من قبل الوالدين قد أضر به, وحينها سيفكر الطفل كيف يحتفظ بهذه المكاسب.
2 - الوالدان كقدوة: حتى يستطيع الوالدان الطلب من طفلهما ان يكون على سلوك يرضيهما, فعليهما أولاً ان يكونا بهذه الحالة فلا شجار بينهما, ولا اساءة للغير. وبما ان الطفل يبدأ حياته السلوكية بالتقليد, فانه سيكون مرآة تعكس تصرف الوالدين وأفراد الأسرة بشكل عام. فاذا استقامت سلوكيات الأسرة, فان سلوكيات الطفل ستستقيم.
3 - الحكمة في توجيه اللوم: يجب على ولي الأمر ان يوبخ الطفل ويلومه بطريقة لطيفة وهادفة, بمعنى ان يبين للطفل المخطئ او المسيء الصواب والخطأ, وان يحضه على الاستمرار في عمل الصواب ويزجره بلطف واسلوب مقنع بتجنب الخطأ وعدم تكراره.
أما النتائج الضارة للتعنيف الحاد فهي:
1 - الآثار النفسية: سينشأ الطفل المعنف نشأة ينتابه فيها الخوف والقلق والشعور بالرعب والعقاب المتوقع فيما لو أخطأ مستقبلاً وقد ترافقه هذه المشاعر حتى الشباب وربما بعد الشباب. ومن النتائج النفسية الجبن والانطواء والشعور بالذنب لأبسط الاسباب والتي لا تستدعي هذا الشعور.
2 - الآثار الاجتماعية والتربوية: سوف يمارس الطفل المعنف هذا العنف على غيره سواء كان هذا الغير اخوته أو اقرانه, فيجنح الى السلوك العدواني, وسيسقط العنف  الذي تعرض له على غيره.
3- الاثار الانفعالية: سيفقد لطفل المعنف المشاعر العاطفية، فلن يكون حنونا، ولا محباً ولا متفاعلاً مع المواقف العاطفية. كما ستتولد لديه كراهية من مارس عليه العنف ككراهية الوالدين او الشقيق الاكبر، او معلم المدرسة فيما لو كان ذلك المعلم احد الذين مارسوا العنف على الطفل.
4- الاثار المتعلقة بالتعلم: سينخفض مستوى اهتمام المعنف بدروسه ومدرسته، وربما يقل مستوى ذكائه واستيعابه، كما سيكره المدرسة خصوصاً اذا مارست المدرسة شيئاً من العنف، كما سيكره المنزل وسيلجأ الى الغياب عنه بسبب الخوف من التحقير او الضرب، كما سيجنح الى الاهمال وعدم الاهتمام بدروسه.
5- الاثار الجسدية: فاذا بلغ التعنيف حد الضرب، فانه لا يخفى على احد النتائج الضارة والايذاء الجسدي الذي ربما يسبب عاهة جسدية، واحياناً الموت اذا كان الضرب قد مورس على الطفل في سورة من الغضب الشديد من قبل والده، هذا الغضب الذي يذهب بالعقل والحكمة معاً. فيا ايها الآباء.. رفقاً بابنائكم، ولتكن الحكمة والتعقل سبيلكم في التعامل مع اطفالكم فيما لو اساؤوا.

JoomShaper