لها أون لاين
الأطفال المبدعون ينجذبون نحو التقنية
تابعنا في الجزء الأول من المادة، مدى اهتمام الأطفال والمراهقين بالتقنية، وكيفية تعاملهم معها، خاصة في ظل وجود الإنترنت والأجهزة الإلكترونية في كل بيت تقريباً.
واستعرضنا آراء بعض الخبراء والمهتمين في هذا الموضوع، وفي هذا القسم، سوف نستعرض المزيد من آراء خبراء التقنية والتربية حول استخدام الأطفال للتقنية، ومدى إيجابية وسلبية هذه الظاهرة.
دعوة لاحتواء الآباء لأبناءهم:
أثناء حديثنا مع أمير زكي أحد أصحاب هذه المحلات عن رواد المحل من الأطفال قال:  على الرغم من استفادتي من هذه المهنة إلا أنني لاحظت أن التقنية تنمى خيال الطفل وتأكل إرادته، وتجعله اتكاليا عجولا لا يقنع ولا يشبع!
وأضاف أن أغلب رواد محله من الأطفال، خصوصا أن الإنترنت متاح بالبيوت، ولا حاجة للكبار للمجيء إلينا، لكن الأطفال يأتون إلى هنا هرباً من رقابة الأهل غالبا، لكنني منذ أن افتتحت هذا المحل، وأنا أتتبع ما يتصفحه الأطفال وإذا وجدت أحدهم يستخدم الإنترنت بشكل غير أخلاقي منعته من الدخول مرة أخرى، وأتعامل معهم وأخاف عليهم كأبنائي. ويقول زكي: أنا كأب أطالب الآباء باحتواء أولادهم والقرب منهم، ومساعدتهم على الاستفادة من التقنية ولا يتركوهم للتعامل معها بوصفها ألعاب فقط؛ لأنني من واقع مراقبتي للأطفال من بعيد أراهم خامات جيدة تحتاج إلى احتضان، والتقنية بحر زاخر به النافع والضار.. والضار فيه أكثر، خصوصا أنه يطرح في قوالب جاذبة للأطفال والمراهقين.

فكرة الإدمان مرعبة:
السيدة أسماء نوفل - 25 عاماً – وهي حاصلة على دبلوم خدمة اجتماعية، ترى أن الحاسوب والتقنية بشكل عام تمنح الطفل فرصة أسرع للتعلم عبر الملاحظات الفورية والذاتية التي يطلقها الجهاز بين الحين والآخر، كما أن وسائل التقنية بالعموم – طبقاً لقولها- تُطور لدى الأطفال مهارات الفهم بشكل أسرع من أي وقت سابق، وتكسبهم مهارات التواصل مع الآخرين والاحتفاظ  بالأصدقاء، كما ترى أن التقنية الجديدة يمكن أن تسمح بأن يكونوا مبدعين من خلال انغماسهم في عمليات البحث والاستكشاف على شاشة الحاسوب.
أسماء تحب أن ينجذب طفلها عمار – 5 سنوات – لهذا العالم كي ينمو ذكائه، لكنها أيضا ترتعب من فكرة إدمانه وتعلقه بالحاسوب للتسلية والترفيه فقط؛ لذا تجتهد بتحديد وقت معين له أمام الحاسوب، وكثيرا ما تطلب منه تنفيذ بعض المهام وهو أمام الحاسوب حتى تتجنب عناده.

سلبيات أخرى عديدة:
عن سلبيات التقنية تقول أم ريما (من مدينة جدة) دهشت عندما انتقلت ابنتي من مدرسة لمدرسة أخرى، وعلى الرغم من أنها فقدت صديقاتها لم تبدي أي تأثر، وعندما سألتها عما إذا كانت ستفتقد صديقاتها أم لا، قالت سأتكلم مع صديقاتي بالهاتف ونعرف أخبار بعض عبر الفيس بوك كما كنا من قبل و أكثر!

فهل يعني أن العلاقات الإنسانية للجيل القادم ستكون عبر الأجهزة الإلكترونية؟ و هل سيصاب أبناؤنا بنضوب العاطفة و يصبح برهم بآبائهم عبر رسالة جوال أو عبر دردشة على الماسنجر.
أم ريما تضيف بالقول: إن تعلق الجيل القادم بالتقنية تعلق محصور في أجهزة التواصل والتسلية، واللعب بمعنى أنه تعلق بتقنية تضييع الوقت ولا يعني أني ضد التقنية الحديثة، لكنني أتمنى أن يتطور مفهوم التقنية عند الأطفال، والشباب من تقنية تساعد على الدردشة والتسلية لتقنية مفيدة ترتقي بفكرهم وثقافتهم وعلمهم.

من جهتها، ترى ابتهاج صحفي، أن التقنية هي لغة العصر، و أنها منذ كانت صغيرة تقتني كل ما هو جديد في عالم التقنية حتى أصبحت محترفة في استخدام الحاسب الآلي، و عندما عملت في مستشفى تفوقت على زميلاتها في العمل بقدراتها في استخدام البرامج الحديثة.
وقالت: إن أي مهنة في عصرنا لا تستغني عن الإلمام بكل ما هو جديد تقنيا، حتى أن العامل و البائع في البقالة لا يستغني عن استخدام التقنية، و أن من يتخلف عن استخدام التقنيات يجد نفسه يتخلف أيضا في دراسته وعمله، فحتى نحاول اللحاق بالعالم الذي يتطور بسرعة رهيبة؛ علينا التطور سواء كنا  كبارا أو صغارا في المجالات التقنية على أنواعها بنفس السرعة التي يتطور بها العالم.

الأطفال المبدعون ينجذبون نحو التقنية:
يشير الأستاذ المساعد بكلية تكنولوجيا المعلومات بالجامعة الإسلامية غزة د. أشرف العطار إلى أن بعض الأطفال المبدعين كان انجذابهم إلى عالم التقنية والكمبيوتر وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات محكوماً بعامل الإنتاج لا الترفيه والتسلية، فبعض الأطفال نجحوا في استخدام التقنية للإنتاج النافع الذي يضيف قيمة للمجتمع، قائلاً:"هناك أطفال في سن 12-14 استطاعوا أن يتعلموا لغات برمجة الكمبيوتر، وينتجوا برامج نافعة كانت فائدتها عظيمة عند تطبيقها".

وفي ظل انغماس الأطفال في عالم التقنية وتكنولوجيا الاتصال والمعلومات، يرى د. العطار مصيرين لجيل شباب الغد الذين هم اليوم أطفال التقنية، الأول مصير قاتم قائم على النظرة التشاؤمية، وهو لا يشجعه أبداً بأن حالة انغماس الأطفال وتركيزهم في تعلم التقنية، واستخدامها لمجال الترفيه والتسلية قد تنتج أجيالاً شابة خالية من المضامين الإبداعية، بل أجيال مدمنة على التقنية ولا يمكنها الاستغناء عنها في مجال التسلية، بينما المصير الآخر أكثر إشراقاً ويصر على اتباعه وتأكيده، يقول:"أطفال اليوم الذين ينجذبوا للتقنية من خلال متابعتهم وتدريبهم وتوجيههم يمكن أن يكونوا علماء في الغد يزينوا حاضر أمم بإنجازاتهم".

وأضاف انغماس الأطفال الآن في مجال التكنولوجيا بمزيد من الرعاية والتوجيه من شأنه أن يزيل الحواجز والعقبات التي قد تقف أمامه في مرحلة الشباب والدراسة الجامعية والبحث العلمي والتجارب العلمية، داعياً إلى ضرورة الاهتمام بمتابعة انغماس أطفالنا في عالم التقنية بالجانب الإيجابي المفيد لا الترفيهي السلبي.

-------------
شارك في التحقيق
مكتب القاهرة
مكتب غزة
مكتب جدة
مكتب الرياض

JoomShaper