د. كميل موسى فرام
أستاذ مشارك/ كلية الطب- الجامعة الأردنية
أصبحت استعدادات الروضة الادارية والتعليمية تندرج بشكل دقيق وملزم ضمن حصة التحضير للعام الدراسي بأسابيع العطلة الصيفية الممتدة، فبرامجها تنفذ بخطة دراسية يشرف عليها بالاعداد والتنفيذ نخبة متخصصة لبرمجة الأحداث اليومية والنشاطات التعليمية بظروف تناسب وتجمع الأطفال بمختلف خلفياتهم الاجتماعية بمسرح التعاون والبناء، فتحقيق أهداف برامج البداية التعليمية للأطفال بخطة دراسية تتقاطع أهدافها بدقة تنفيذها، يتطلب مهارة قيادية تهدف بالأساس لولادة علاقة اندماج حميمة بين الأطفال والمعلمة، تساهم بقدر مضطرد في مشاركة الأطفال في النشاط اليومي برغبة ومحبة، فيزيد من ثقتهم وسلاسة انتقالهم للمرحلة العمرية القادمة، ثمار يطمئن لها الأهل بعلاقة التعاون مع المدرسة بعد احتلالها لقدسية الحجيج اليومي اليها برغبة تتعدى حدود التنافر بين الأقطاب، وبعكس ذلك فإن عفوية البرنامج اليومي لأطفال الروضة تترجم بواقعها درجة الفوضى والتخبط للقائمين عليها، فهي خطيئة تتعدى آثارها السلبية على أداء الأطفال ومستقبلهم لتكون جمرة تسكن بقلوب يصعب عليها امتلاك وسادة الضمير بعد تجردهم من ثوب الانسانية.
الدور الذي تلعبه رياض الأطفال بهيكلة شخصية الطفل المستقبلية يشكل منعطفا بركانيا بفترة التشكل، فالصور وأدبيات السلوك التي تسجلها الذاكرة تمثل مرجعا لأساسيات التكوين بصورته الأبهى، تتعدى أحكامه سطحية التفكير بهامش الفائدة المنتظرة، أمر يلزم بتوفير وتنظيم بيئة تربوية حسب أسس وقواعد واضحة لأهداف محددة تحفز الطفل على الاندماج بالجو المدرسي بظروف مناسبة للجو الأسري، حيث أن التعامل مع حقيقة وجود أطفال آخرين معه له فوائد عديدة منها نبذ التملك والايمان بالبداية الصحيحة لمبدأ الأخذ والعطاء، بحيث تتكون لديه عادة التعاون مع الآخرين مما يساعد الطفل على النمو والنضج بجو صحي سليم، يدرك الأهل والمجتمع أهميته بعد مساهمته بتكوبن جيل مفكر يتسلح بأصول التعامل ويتمتع بفنون الإبداع بدلا من تنمية شجيرات الوحدة والأنانية ببيئة ضحلة يغذيها غدير الانحباس.
علينا أن نتذكر أن اللعب والخيال يحتل المساحة الأكبر بعالم الطفولة، واقع يفرض على برامج الروضة التي تبحث عن التميز المقرون بالسمعة بأن تنسجم مع هذه الحقائق، ليكون ضمنها فاصل سحري ينقل الطفل إلى عالم الواقعية بمحبة وشوق، فمثلاً تجهيز ملعب خارجي مزود بألعاب مختلفة تعمل على تنمية قدرات الأطفال في جوانب مختلفة والاهتمام بتوفير حوض رمل مزود بألعاب خاصة بحوض الرمل يشكل واقعا لتفريغ طاقات طفولية وملئها بتدرج للتعلق بالحرف والكلمة، كما أن توفير جو مناسب للطفل لترجمة مواهبه يتضمن توفير ألعاب وأنشطة معدة مسبقاً وبعناية للطفل تساعده على النمو وتزيد من قوة التركيز لديه والقدرة على الملاحظة والربط وتكوين العلاقات بين الأشياء بالإضافة إلى تنمية خياله.
المعلمة المتميزة تستطيع خلق جو بيئي متناسق بين سكان الغرفة الصفية، فتوجيه الأسئلة المفتوحة المثيرة للتفكير التي تساعد الأطفال على الوصول إلى الحل عن طريق الملاحظة والمشاهدة والتجريب والوصول إلى النتائج، موقف يفرض تصفيقا وتشجيعا وربما مكافأة تمنحه وأقرانه جرعة من المنافسة، على أن تتمع المعلمة المتميزة بذكائها الفطري بقدر يسمح لها بحقيقة التعدد للأنشطة المنهجية واللامنهجية، حيث إن بعضها يناسب أطفالاً دون آخرين، موقف يساعدها كي تلاحظ شخصية الأطفال ونوعية اهتماماتهم، فتعطيهم فرصة الانطلاق بأعمال تناسب أدائهم العمري حتى لا تدفعهم إلى الضجر والملل الذي يؤدي إلى مرحلة المشكلات السلوكية أو ترحيل تلك المشكلات لفترات عمرية قادمة بتأثيرات سلبية لتحرمهم من فرصة التمتع بالمرحلة اللاحقة.
برامج الروضة والحرص على بناء شخصية الطفل
- التفاصيل