د. كميل موسى فرام
- صداقة الروضة هي البذرة الحقيقة لشجرة المستقبل لأطفالنا تتغذى بالحب والمنافسة والغيرة، وأجمل فصولها خصام بريء ينتهي قبل أن يبدأ، بمرحلة عمرية تمثل البداية الحقيقية لصقل شخصية الطفل بالتفاعل مع المحيط الواسع بعد أن كان فضاؤه محددا بحدود العائلة، يغلفه الخوف والحرص والتعلق، وعلاج صدماته توفير المزيد من عناصر اللهو، حيث أن التعامل الطفولي مع الأقران ينبع من واقع داخلي بشراكة حقيقية بالتساوي بين جهود الأداء وحصد النتائج.
تشجيع الأهل لأطفالهم بالتفاعل مع المحيط الصفي يجب أن يحتل أولوية على أجندة الأهل التربوية وبرامج رياض الأطفال المثالية ليدرك الطفل أنه جزء مكون من الكل وليس الكل، يترك له بحرية مقننة حسم الاختيار بالانسجام والتي قد تشكل مفصلا مهما لزيادة الثقة بالنفس، خصوصا إذا امتدت الصداقة الطفولية لبناء العلاقات الأسرية بين الأهل لضمان معالجة أي من أشكال الانحراف، وتتشكل غالبا بين الفئات الاجتماعية المتناظرة، فالتصفيق للطفل وصديقه على حركة أو أغنية ستشجع على المزيد من التعاون والانخراط والتفاعل ودفن روح الأنانية.
قيل أن الصداقة شجرة دائمة الخضرة والإثمار، تنمو بشموخ يثبتها بأرض المحبة الإخلاص المتبادل بين أقطابها، جذورها الحب الصادق الذي يثبتها في الأرض فيجعلها صلبة، وما على الشجرة من ورود وثمار هي الجوانب المضيئة في الصداقة، وبينما يمثل الورق الذابل لحظات ضعف تتجدد وتمثل مرحلة الترميم وإعادة ترتيب الأمور، وهي بالتأكيد معدن ثمين يمثل دعامة الديمومة لزيادة بريقه وتأثيره مع مرور الأيام خصوصا عندما يتجرد من ثوب الأنانية وحصرية الفائدة.
لا يمكن للصداقة التي تبني على المصالح أن تستحق هذا اللقب فقط لأنها مرحلة زمنية قصيرة بحكم الظروف وتفتقر للحب المتبادل ومن ثم فهي ليست صداقة على الإطلاق لأنها كمحطة في طريقنا نقضي منها هدفنا ونذهب بطريق المصلحة حيث أتينا. الصداقة بصورتها الشفافة تجمع بحروف معناها وثمارها أطراف العلاقة الرائعة بين شخصين بينهما التكافؤ والتوافق في جميع الأركان والاهتمامات وبمقدمتها المستوى العلمي والاجتماعي، فتأخذ بُعدا يغاير أهداف علاقة المصالح المتبادلة لظروف قهرية أو مصطنعة.
دعونا نعود للمربع الأول عندما أنشدنا بمثاليات الصداقة منذ الطفولة وتعريفها بقالب إنشائي وتعريفها بوردة عبيرها الأمل ورحيقها الوفاء ونسيمها الحب وذبولها الموت، مدينه مفتاحها الوفاء وسكانها الأوفياء، شجره بذورها الوفاء وأغصانها الأمل وأوراقها السعادة، زهرة لابد أن نرويها بماء الوفاء ونحيطها بتراب الإخلاص حتى تظل دائمة الخضرة، فهي كلمة صغيرة تحمل في جوفها معانٍ كثيرة ومفاهيم واسعة تمثل خلودا لحاملها كوسام حياتي قد استحقه عبر صفحات الأيام. حقاً أنها بحر من بحور الحياة نركب قاربه برحلة ومحطات متعددة ونخدر أمواجه، أرض زُرعت بالمحبة وسُقيت بماء المودة، حديقة وردها الإخاء ورحيقها التعاون، شجرة جذورها الوفاء وأغصانها الوداد وثمارها الاتصال، حلمٌ وكيانٌ يسكنان الوجدان.
البرامج المدرسية تتحمل عبء يسير من خيوط النسج للبناء الصحيح بقدرتها على نشر وتشجيع بذور التكاتف بين الطلبة، فدورها السحري بترتيب شخصية الطفل يؤهلها لامتلاك مساحة معتبرة ومقدرة بملفات البناء ليكون البناء خالدا ومعبراً، فيكون وفاء الأهل بالتزامهم نحو الأبناء يفرض عليهم بتعليم السلوكيات الصحيحة بالتعاون التشاوري مع المدرسة ضمن المفاهيم الدقيقة التي تبتعد عن الحقد والأنانية وحب التملك، فلا أجمل من ذكرى ابتسامة بريئة أو موقف عفوي بين طفلين عندما يبدأ الشيب بإحتلال جزء من سنوات العمر واللقاء بظروف الصدفة، لحظات متميزة قد سجلتها أمانة بذاكرة الزمن وأتمنى لولدي إرتداء عبائتها بمحبة وتقدير لبدايات الروضة مرورا بالمدرسة الى الجامعة والعمل.
أستاذ مشارك/ كلية الطب- الجامعة الأردنية
.
عِطرُ الصداقة المدرسية
- التفاصيل