السويداء .. شام برس من سهيل حاطوم
يبدو أن الألعاب الشعبية التي ورثناها عن آبائنا وأجدادنا والتي كان يلهو بها الأطفال في الماضي بدأت بالتلاشي إن لم تكن في طريقها للانقراض أمام غزو الألعاب الإلكترونية وألعاب الكمبيوتر التي تعج بها منازلنا و محال بيع أشرطة الـ/CD/ اليوم إذ لا يكاد يخلو محل لبيع الأفلام والأغاني من ألعاب البلاي ستيشن التي تستقطب أعداداً كبيرة من الأطفال وتجد رواجاً منقطع النظير بينهم وتحقق محال بيعها مبيعات مرتفعة في ظل غياب الرقابة المباشرة على تلك المحال التي بلغ عددها في محافظة السويداء لوحدها / 138 / محلاً تحوي كل منها مابين/2000-5000/ شريط سي دي ، إضافة إلى تنامي "ذكاء الباعة" والقائمين عليها وفك الشفرات الرقابية عليها إن وجدت ولجوئهم في أوقات كثيرة لنسخ برامج من الانترنت وتقديمها وبيعها على أقراص مدمجة.
وإزاء هذا الواقع الجديد لم نعد نسمع ضجيج الأطفال وصراخهم أمام الأصوات الصاخبة التي تصدرها تلك الألعاب التي باتت على ما يبدو تشبع رغبة الأطفال في إثبات تفوقه و قدرته على السيطرة على أقرانه و أنه قادر على الانتصار و التفوق حيث لا يجد أفضل من الألعاب الإلكترونية لإشباع تلك الرغبات فيتخيل نفسه أنه يصارع أحد أقرانه أو حتى أخاه الذي يضايقه.والأمر اللافت حقاً أن معظم أجهزة الكمبيوتر في منازلنا توظف للألعاب والأغاني وقلما تستخدم في العمليات التعليمية والتربوية حيث أصبحت الألعاب الالكترونية جزءاً لايتجزأ من حياة الأطفال باعتبارها تقدم لهم الواقع الافتراضي حيث يشتري الأهالي تلك الألعاب دون تمييز أو وعي بمخاطرها فيتعود الطفل على السلوك العدواني منذ الصغر .
وبغض النظر عن الأمراض الكثيرة التي قد تسببها تلك الألعاب نتيجة الجلوس الطويل للأطفال أمام شاشات الكمبيوتر ولمدة قد تصل إلى عدة ساعات وما يترتب على ذلك من ضعف في النظر و تشنجات عصبية نتيجة تكرار الوميض الالكتروني فإن خطورة الألعاب الالكترونية تكمن في تحولها إلى نوع من الإدمان لدى أطفالنا مترافق مع الكثير من العجز والأمراض المبكرة للجسم بسبب قلة الحركة وانعدام النشاط وجعلها أطفالنا أكثر سلبية وتكاسلاً أمام التركيز على اللعبة الالكترونية واستهلاك الطاقة الذهنية بشكل كبير.
وتتضاعف خطورة تلك الألعاب عندما يشاهدها الأطفال والمراهقون في عزلة عن أهلهم ودون رقابة مباشرة حيث تؤدي إلى تغير في سلوكهم وتجعلهم أكثر عدوانية وأكثر ميلاً للعنف والقسوة خاصة إذا ما كانت تركز على موضوعات تتعلق بالعنف والقتال والجنس وبالتالي تؤثر هذه السلوكيات على مستقبلهم كون تلك الألعاب تمثل عالماً افتراضياً يمكن تطبيقه بحسب وجهة نظرهم ووسيلة تفاعلية تدمج الطفل ضمن آلياتها وتضعه دائماً في موقف الشرير الذي ينتصر ويحصد نقاط الفوز على جانب الخير ما يكسبه سلوكيات عدوانية ضد الآخرين الأمر الذي قد يؤدي إلى مشكلة كبيرة وخطيرة تفوق خطورتها مشاهد العنف في السينما والتلفاز.
كما يتمثل الخطر الداهم على أطفالنا ومراهقينا في ذاك القادم من ألعاب الرسوم المتحركة ذات الإيماءات الجنسية وأفلام الخلاعة ذات الإنتاج الغزير بشكل يرسخ في ذهن الطفل والمراهق ويجعله أكثر ميلاً إلى تطبيق ما يراه على أرض الواقع مع ما يترافق معه من إيماءات العري والتقبيل والمضاجعة وسواها سواء مع أقرانه أم مع إخوته دون دراية منه بماذا يفعل على وجه الحقيقة وهنا يكمن الخطر الداهم الذي قد يتسبب في دمار الأسرة وتخريب أركانها نتيجة تأثر أطفالها بما يرونه من تلك الأفلام والألعاب الالكترونية المثيرة التي لاينجو منها الأطفال الصغار والمراهقين.
ورغم أن الخبراء في الشأن التربوي يؤكدون أن تلك الألعاب باتت اليوم تلعب دوراً رئيسياً في تحديد ميول وأهواء الأطفال والمراهقين وإن كان ذلك بشكل غير مباشر ويحذرون من الإدمان عليها لما قد تسببه من أمراض عقلية وأنواع من الاضطراب العقلي فإن عدداً من الآراء ترى في تلك الألعاب جوانب إيجابية وتحمل في طياتها وسائل ترفيهية بريئة تطور مهارات الأطفال العقلية وتقوي لغتهم الإنكليزية في حال استخدامها بطريقة سليمة.
أسامة أبو ديكار/ صاحب محل لبيع برامج الكمبيوتر قال: تبقى فائدة للألعاب الالكترونية مأمونة العواقب نسبياً إذا أحسن الوالدان التصرف مع هذه الألعاب وأقنعا الطفل بما يفيده وأبعداه عما يضره أما إذا ترك الأمر له فستكون آثارها وخيمة لذا نحتاج إلى مناعة للطفل كي نتخلص من الآثار السلبية للألعاب الالكترونية عبر توفير النصيحة المفيدة واللعبة الهادفة التي تفتح الأفق الخلاق أمام الطفل وتعلمه دروس الحياة منذ صغره من خلال رقابة خفية تحجب عنه ما يسيء إلى تربيته وبيئته.
أدهم عسقول/ صاحب محل لبيع أجهزة الخليوي أشار إلى أن الدول الغربية التي تنتج تلك الألعاب تضع عليها علامات بحسب سن المتعامل معها و هناك ألعاب لاتباع إلا لمن تجاوز سن /18/ عاماً إذاً هم أوجدوا لها حلولاً لها لحماية أطفالهم فلماذا لا نجد لها حلولاً عندنا ونعمل على إنتاج ألعاب تتناسب ومجتمعاتنا وبيئتنا.
حسان غانم/ أب لولدين قال: بغض النظر على تأثيرها على التفكير والعقل أنا لم أقيد أطفالي عندما كانوا في سن الحركة والشقاوة والانطلاق وكان هناك وقت محدد للعب بهذه الألعاب ثم ينطلقون للعب الكرة أو ركوب الدراجة وشخصياً لا أمانع تعاملهم مع هذه الألعاب بحدود فأنا لا أرفضها تماماً ولكنني أفضل أن يعيش الأطفال حياتهم بكل حرية مع تدريبهم على الرسم والتلوين والمطالعة وقراءة القصص واللعب الحركي والموسيقى أي تحقيق توازن بين ألعاب الأطفال الذهنية والحركية.
عبير صيموعة/ إعلامية قالت: هناك الكثير من المحلات لبيع الألعاب بدأت تتحول تدريجياً إلى أماكن غير صالحة لارتيادها خاصة من قبل الأطفال والمراهقين وهدفها الكسب المادي السريع والترويج لتلك الألعاب الخطيرة والسيئة التي ستتحول إلى سلوكيات غير مقبولة كونها تزرع بذور لمشكلات اجتماعية مستقبلية في مجتمعاتنا وتلعب على أوتار الانتباه لدى أطفالنا ومراهقينا باعتبار أن أكبر عامل جذب للطفل يكمن في الاستحواذ على انتباهه ومن ثم تنمية السلوك العدواني لديه وسحره بالشاشة ليصبح تفاعله سلبياً ورهين ما يعرض أمامه.
أخيراً نرى أن المشكلة لايمكن أن تحل بمنع الألعاب الالكترونية وألعاب البلاي ستيشن خاصة وأن المنع قد يولد ما يسمى بتهريب هذه الألعاب بين الأطفال وتداولها سرياً بعيداً عن الرقابة الأسرية والحكومية مما يزيد الطين بلة في عصر الفضاء المفتوح ، وإنما لابد من تثقيف الأبناء وتوعيتهم بشكل حضاري بخطورة هذه الألعاب على سلوكهم ونمط تفكيرهم كما لابد من تظافر الجهود من قبل الجهات المعنية في التحري عن أوضاع الألعاب الالكترونية وتفحص طبيعتها وفكرتها وما يدور فيها لأنها قد تعلم الأطفال ما لا يحمد عقباه في غفلة من الآباء والأمهات وتوعية الأهالي لحماية أبنائهم من مخاطرها التي تعود الطفل على الوحدة و الانطواء وأن يكونوا قريبين من أطفالهم ومن اختيارهم لألعابهم الالكترونية خاصة وأن/ 90/ بالمئة من المسؤولية تقع على عاتق الأسرة وبالذات الأب والأم أي على الرقابة المنزلية .
جيل أكثر كسلاً وأقل تركيزاً ..عديم النشاط ومستهلَك ذهنياً ..
- التفاصيل